سقوط كابل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

23 شوال1412هـ - 1992م:

عندما دخلت الجيوش الروسية أفغانستان سنة 1399هـ ظنت أنها جاءت لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وأن احتلال أفغانستان مجرد نزهة لطيفة لأقوى جيوش العالم وقتها، ولاستعراض عضلات هذا الجيش الأسطوري على شعب أفغانستان المسلم، وبدافع كبير من الحقد والغل التاريخي على الإسلام وأهلهº قام الروس بقتل قرابة المليون مسلم في سنة 1400هـ وحدها.

ولكن سرعان ما تبدد الحلم الروسي، وتحول لأسوأ كوابيس لزعيمة الشيوعية العالمية، وظهرت جماعات المجاهدين التي كبدت الروس خسائر ضخمة، وبرزت حركات إسلامية منظمة مثل: الحزب الإسلامي، والجمعية الإسلامية، والاتحاد الإسلامي وغير ذلك، وفي ملحمة من جنس ملاحم الأولين استطاع المجاهدون أن يرغموا الروس على الانسحاب في 10 رجب 1409هـ بعد أن منوا بهزيمة حطمت هيبة الاتحاد السوفيتي للأبد، بل كانت سبباً مباشراً في تفككه وسقوطه بعد ذلك بعامين.

وللمحافظة على قليل من الهيبة التي راحت تحت أقدام المجاهدين، ومن أجل الإبقاء على النفوذ الروسي داخل أفغانستانº ترك الروس رجالهم من الشيوعيين الأفغان على رأس حكومة البلاد لعلهم يستطيعون أن يحققوا ما عجز عنه أقوى جيوش العالم، لذلك قرر المجاهدون مواصلة كفاحهم المسلح ضد الحكومة الشيوعية الموالية للروس، واستطاع المجاهدون الأفغان تحرير ست ولايات أفغانية وهي: طخار، باميان، بادغيس، نورستان، كونار، بكتيكاº غير أن العاصمة كابل رمز النظام ظلت صامدة بفضل الدعم الروسي الكبير للنظام الشيوعي في كابل.

حدثت تطورات خطيرة ومتلاحقة على الصعيد الخارجي أثرت بشدة على الوضع داخل أفغانستان، إذ سقطت الشيوعية العالمية في عقر دارها سنة 1411هـ - 1991م، ثم قامت حرب الخليج في نفس السنة عندما احتل العراق الكويت، وتوقفت المعونات والمساعدات العسكرية والإنسانية من دول الخليج، كما أوقفت أمريكا دعمها للمجاهدين بعد أن تحقق المراد وسقطت الشيوعية، ولكن ظل المجاهدون مستمرين في معركتهم ضد النظام العميل للروس، وحققوا عدة إنجازات هامة أخطرها الاستيلاء على قاعدة «باجرام» الجوية الاستراتيجية، والتي تتحكم في الطريق المؤدي لكابل، وزادت الضغوط الداخلية على نظام كابل الشيوعي، وأخذت مدن أفغانستان الكبرى في السقوط بيد جماعات المجاهدين، حتى توج ذلك بدخول المجاهدين «كابل» في 23 شوال 1412هـ، وسقوط النظام الشيوعي في أفغانستان.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply