بسم الله الرحمن الرحيم
ومن كلام محمد بن نصر قال:
لما كانت المعاصي بعضها كفراً، وبعضها ليس بكفر: فرَّق - تعالى -بينها فجعلها ثلاثة أنواع:
فنوع منها كفر
ونوع منها فسوق
ونوع منها عصيان، ليس بكفر، ولا فسوق
وأخبر أنه كرَّهها كلَّها إلى المؤمنين
ولما كانت الطاعات كلها داخلة في الإيمان، وليس فيها شيءٌ خارجٌ عنه: لم يفرق بينها
فما قال \" حبب إليكم الإيمان والفرائض وسائر الطاعات \"! بل أجمل ذلك فقال: {حبب إليكم الإيمان}
فدخل فيه جميع الطاعاتº لأنه قد حبب إليهم الصلاة، والزكاة، وسائر الطاعات حب تديٌّن ويكرهون المعاصي كراهية تديٌّنٍ, ومنه قوله - عليه السلام -: \" من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن \".
\" سير أعلام النبلاء \" (14 / 35)
علمه:
قال أبو محمد بن حزم في بعض تواليفه:
أعلم الناس مَن كان أجمعهم للسنن، وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها، وأدراهم بصحتها، وبما أجمع الناس عليه مما اختلفوا فيه.
قال:
وما نعلم هذه الصفة بعد الصحابة أتم منها في محمد بن نصر المروزي!
فلو قال قائل ليس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث، ولا لأصحابه إلا وهو عند محمد بن نصر لما أبعد عن الصدق!
قلت:
هذه السعة والإحاطة ما ادَّعاها ابن حزم لابن نصر إلا بعد إمعان النظر في جماعة تصانيف لابن نصر ويمكن ادعاء ذلك لمثل أحمد بن حنبل ونظرائه والله أعلم. (15 / 40)
خشوعه
وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم:
ما رأيتُ أحسن صلاةً مِن محمد بن نصر، كان الذباب يقع على أذنه فيسيل الدم ولا يذبه عن نفسه ولقد كنا نتعجب مِن حسن صلاته وخشوعه وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه على صدره فينتصب كأنه خشبة منصوبة!
قال:
وكان من أحسن الناس خَلقاً كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وعلى خديه كالورد، ولحيته بيضاء.
(15 / 36)
توفي 294 هـ
كم مضى من عمرك
قال الإمام الذهبي في ترجمة هشام بن عمرو:
أبو محمد الفوطي المعتزلي الكوفي مولى بني شيبان صاحب ذكاء وجدال وبدعة ووبال
قال المبرد: قال رجل لهشام الفوطي: كم تعد من السنين؟
قال: من واحدٍ, إلى أكثر من ألف!
قال: لم أُرد هذا.
كم لك مِن السنِّ؟
قال: اثنان وثلاثون سنًّا!
قال: كم لك مِن السنين؟
قال: ما هي لي كلها لله!
قال: فما سنٌّك؟
قال: عَظم!
قال: فابن كم أنت؟
قال: ابن أم وأب!
قال: فكم أتى عليك؟
قال: لو أتى عليَّ شيءٌ لقتلني!
قال: ويحك فكيف أقول؟
قال: قل: كم مضى مِن عمرك؟
(قال الذهبي):
قلت: هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين مِن العلم، عبارات وشقاشق لا يعبأ الله بها يحرفون بها الكلم عن مواضعه قديماً وحديثاً فنعوذ بالله مِن الكلام وأهله.
\" سير أعلام النبلاء \" (10 / 547).
أهل البدعة:
قال الإمام الذهبي - رحمه الله -:
عن أيوب قال: قال أبو قلابة:
لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تحادثوهمº فإني لا آمَنُ أن يغمروكم في ضلالتهم، أو يَلبِسوا عليكم ما كنتم تعرفون!
وعن أيوب عن أبي قلابة قال:
إذا حدَّثتَ الرجلَ بالسنَّة، فقال: دعنا مِن هذا، وهات كتاب الله: فاعلم أنَّه ضال!!
قلت أنا:
وإذا رأيتَ المتكلم المبتدعَ يقول: دعنا مِن الكتاب، والأحاديث الآحاد! وهات العقل! فاعلم: أنه أبو جهل!
وإذا رأيتَ السالك التوحيدي يقول: دعنا مِن النَّقل، ومِن العقل، وهاتِ الذوق والوجد، فاعلم: أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حلَّ فيه!!
فإن جبُنتَ منه فاهرب، وإلا فاصرعه، وابرك على صدره، واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه!!
\" سير أعلام النبلاء \" (4 / 472)
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد