الغزوات والسرايا دروس وعبر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

(المقدمة):

 الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، ثم أما بعد: -

إن الكتابة في مجال التاريخ أمر مشوّق ومحبب للنفوس، خاصة تاريخ الإسلام الذي يحكي أمجاد المسلمين الأوائل، وما حققوه من انتصارات أبهرت العالم قديماً وحديثاً..

 

ألا وإن قمة ذلك التاريخ وأعظم تلك الانتصارات هو ما كان من مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعوثه وسراياه التي كان السلف الصالح - رحمهم الله - تعالى - يتواصون بتعلمها وتدراسها ودراستها، فهذا الزهري - رحمه الله - يقول: في علم المغازي علم الآخرة والدنيا. [الجامع لأخلاق الراوي للخطيب (2/195)].

 

وقد بلغ من حرصهم على تعليم أولادهم مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسراياه أنهم جعلوها قرينة القرآن الكريم من حيث الأولوية، يقول زين العابدين علي بن الحسين - رضي الله عنه -: كنا نُعلَّم مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - وسراياه كما نعلم السورة من القرآن. [المصدر السابق].

 

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عن الجميع - قال: كان أبي يعلمنا المغازي يعدها علينا، ويقول: يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها. [المصدر السابق].

 

ومن ذلك نعلم أن علم التاريخ العسكري من أجدر فروع التاريخ بالدراسة والتعمق والتحليل والعبرة.. فما أحوج المسلمين اليوم لمعرفة العبرة والعظة من غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسراياه..

 

وقد اتبعت في سرد هذه الفوائد أن أذكر أصل الحادثة دون تفصيل فيهاº لأن ذلك مكانه الكتب المتخصصة، وليس هنا مجالها.. و بعداً عن التطويل الممل والاختصار المخل أسرد العبر والعظات المستنبطة من هذه الغزوات، حتى أضع أمام إخواني الدعاة إلى الله – عز وجل - وطلاب العلم منهجاً تربوياً متكاملاً مستمداً في أصله من مدرسة النبي - صلى الله عليه وسلم -..

 

ولما كان الواجب على الكثير من شباب الصحوة وبالأخص في مرحلة كف الأيدي أن يهتموا بالتربية الإيمانية، فليس معنى كف الأيدي أن تخلو قلوبهم من حب الجهاد والتشوق إليه والرغبة في بذل النفس والمال لله – عز وجل -..

 

وهذه بعض فوائد دراسة السيرة النبوية المرحلة الجهادية أقدمها بين يدي هذا الموضوع: -

1- إن دراسة المرحلة الجهادية في السيرة النبوية زاد نافع للدعاة والمجاهدين يشحذ الهمم ويقوي العزائم.. خاصة إذا وقفوا على الجهود العظيمة والدماء التي بذلت لإعزاز الدين ورفع راية رب العالمين.

2- إن دراسة المرحلة الجهادية للسيرة النبوية يعرّف الواحد منا قدر نعمة الهداية لهذا الدين، ومدى الشرف بالانتساب إليه والدعوة له والجهاد لرفع رايته.

3- معرفة الطريق إلى عز الإسلام والمسلمين، فقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسوأ حال بعث فيها نبي من الأنبياء.. فانتقل بهم من مرحلة إلى مرحلة حتى أكمل الله - عز وجل - له الدين وتمت النعمة على المسلمين، وذلك كله بفضل الجهاد الذي بذل فيه الغالي والنفيس..

 

4- معرفة المؤهلات التي أهّلت الصحابة - رضي الله عنهم - لقيادة البشرية، وكيف رباهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مما يدعو إلى محبتهم والنسج على منوالهم واتباع سبيلهم.

5- دراسة المرحلة الجهادية للسيرة النبوية تفيد المسلم الوقوف على كثير من الأحكام الفقهية والدروس التربوية والسياسة الشرعية، فلا يستغني عنها القائد ليتعلم كيف تكون القيادة، ولا يستغني عنها الجندي لتيعلم كيف تكون الجندية.

6- معرفة شرف النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكف عصمه الله - عز وجل - من الناس وكيف نزلت الملائكة تقاتل معه يوم بدر والأحزاب وحنين، وكيف نزل جبريل وميكائيل يدافعان عن شخصه الكريم يوم أحد.

7- معرفة أسباب النصر وأسباب الهزيمة، فمن أسباب النصر الثقة بالله – عز وجل - والتوكل عليه والتضرع إليه والأخذ بالأسباب الموصلة إلى النصر.. ومن أسباب الهزيمة ما حدث يوم حنين ويوم أحد من التطلع إلى الدنيا والاغترار بالكثرة.

 

فهذه جملة من فوائد دراسة المرحلة الجهادية للسيرة النبوية على صاحبها أتم الصلاة وأزكى التسليم ليست على سبيل الحصر، وقد بذلت جهداً أحتسبه عند الله – عز وجل - في جمع هذه الفوائد من بطون الكتب والمؤلفات، فاستنبطت بعضها، ولا أدعي أنني استوعبت الموضوع كله.. لكن لا ضير أن أصف النجم في سراه وإن لم استقر في ذراه وما قلته سوى وميض حداءٍ, على طريق الدعوة.. اكتفيت فيه من القلادة بما أحاط بالعنق عجزاً في ضيق وقت..

 

والله أعلم والحمد لله رب العالمين..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply