المساواة لدى الأمم ( 3 - 7 )


  

بسم الله الرحمن الرحيم

تحدثنا في المقالتين السابقتين عن الإسلام وقلنا إنه قد سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلى إعلانها والدعوة إليها. ولنثبت ذلك للقارئ الكريم رغبنا في الحديث عن المساواة في الأمم والشرائع السابقة حيث تطرقنا إلى طبيعة المساواة في الهند وقلنا إن الشعب هناك كان مقسماً إلى أربعة أقسام أو طبقات أعلاها طبقة البراهمة (وهي طبقة الكهنة، ورجـال الدين) التي أعطيت الكثير من الحقوق والامتيازات حتى ألحقتهم بالآلهة، مقابل الطبقة الرابعة وهي الأكثر انحطاطاً والتي تعرف بطبقة الشودر (وهم رجال الخدمة) وتعتبر هذه الطبقة في مقام أحط من البهائم، ثم تحدثنا عن بلاد فارس وكيف كان ملوكها الأكاسرة يعتبرون أنفسهم بمثابة الآلهة، والشعوب الفارسية التي كانت تشاطرهم فقط في هذه النظرة بل وتزيد عليهم حين تعتقد أن في طبيعتهم شيئاً علوياً مقدساً، فكانوا يُكَفّرون لهم، وينشدون الأناشيد بإلوهيتهم، ويرونهم فوق القانون، وفوق الانتقاد، وفوق البشر، لا يجري اسمهم على لسانهـم، ولا يجلس أحد في مجلسهم، ويعتقدون أن لهم حقاً على كل إنسان، وليس لإنسان حق عليهم.

أمّا بالنسبة للإغريق (وهم قدماء اليونان) فقد كانوا يعتقدون أنهم شعب خصهم الخالق بكريم الصفات الإنسانية، من عقل وإرادة، وأن غيرهم من سائر البشر لم يشاركوهم في كريم صفاتهم الإنسانيةº ولذلك فقد كانوا يطلقون على غيرهم من الشعوب اسم البرابرة، إشارة إلى أن مرتبة كل الشعوب لا تستطيع أن تسمو إلى مرتبتهم في الصفات الإنسانية الكاملة، وأصبحوا ينظرون إلى من أسموهم البرابرة نظرة احتقار وازدراء، بالرغم من أنهم لا يختلفون عن اليونان إلا في اللغة والعادات. وكان فيلسوفهم (أرسطو) يؤكد أن هؤلاء البرابرة لم يخلقوا إلا ليقرعوا بالعصا ويستذلهم ويستعبدهم شعب اليونان. كما أنه يسود عندهم نظام طبقي لا مساواة فيه بين البشر، فهناك أحرار وأرقاء، للأحرار كل الحقوق السياسية لا تفرقة بينهم من حيث الثروة أو المركز الاجتماعي في التأثير في مساهماتهم في الحياة السياسية أو تقلدهم الوظائف العامة، وأما الأرقاء وهم الأكثر عدداً بالنسبة لهؤلاء الأحرار، فليس لهم أدنى الحقوق وإنما هم مبعدون عن أي نشاط في هذا المجتمع. وفي مقالتنا اللاحقة سوف نتطرق للمساواة لدى الرومان ثم اليهود على التوالي ــ بإذن البارئ - عز وجل -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply