المساواة لدى الأمم ( 4 - 7 )


  

بسم الله الرحمن الرحيم

تحدثنا في المقالات السابقة عن الإسلام، وقلنا إنه قد سبق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى إعلانها والدعوة إليها.

 

ولنثبت ذلك للقارئ الكريم رغبنا في الحديث عن المساواة في الأمم والشرائع السابقة، حيث تطرقنا إلى طبيعة المساواة في الهند وتقسيماتها الطبقية المتفاوتة التي تصل لحد تأليه عالية القوم ـ والعياذ بالله ـ وتضع الطبقات الدنيا لتوصلها لمرتبة البهائم ــ أعزكم الله ــ. ثم تحدثنا عن بلاد فارس وكيف كان ملوكها الأكاسرة يعتبرون أنفسهم بمثابة الآلهة، والشعب هناك يؤيد ويناصر ويزيد ليمنحهم حقوقاً وصفاتٍ, ما أنزل الله بها من سلطان. ثم تكلمنا في المقال السابق عن الإغريق وقلنا إنه الشعب الذي كان يرى في نفسه فقط العقل والإرادة، أما ما سواهم من شعوب الأرض فيصفونهم بالبربرية.

 

واليوم نُحلِّق بكم إلى بلاد الرومان الذين اعتبروا أنفسهم أوصياء على الإنسانية كلها، وبسطوا سلطانهم بحد السيف على الكثير من شعوب الدنيا، واستعملوا في سبيل ذلك كل الوسائل التي توصلهم إلى ما يبتغونه، سواء أكانت هذه الوسائل شريفة أم حقيرة، واستطاعوا في النهاية أن يسيطروا على معظم أجزاء العالم معتبرين أنفسهم سادته. ولم تكن قوانينهم ونظمهم تساوي بين الرومان وغيرهم من سائر الشعوب التي يتحكمون في مصائرها. وإنما يعتبرون غير الروماني من طبقة أدنى من طبقة الرومان فليس له الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء، وإنما قد خُلق ليكون رقيقاً يخدم فقط، وليس من حقه التطلع إلى ما وراء ذلكº ولذلك فإنهم انطلاقاً من هذا المعتقد وضعوا نوعين متباينين من القوانين:

أحدهما: القانون المدني، وهو خاص بالشعب الروماني نفسه.

وثانيهما: قانون الشعوب، وهو خاص بسكان البلاد التي احتلها الرومان.

 

أما بالنسبة لليهود فحدِّث ولا حرج من حيث الإخلال بمبدأ المساواة وعدم تطبيقها، حتى وإن ادّعوا ذلك وروَّجوا له، فقد حرَّفوا وغيَّروا وبدَّلوا في التوراة التي أُنزلت على نبي الله موسى - عليه السلام -، واخترعوا مبادئ وقيماً غريبة مُحرَّفة، وكتبوا خرافات وأوهاماً يريدون بها أن يرفعوا من شأن أنفسهم ويحطٌّوا من شأن سائر البشر، فهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار يحق لهم ما لا يحق لغيرهم من بني الإنسان الذين ينظرون إليهم باعتبار أنهم نوع وضيع منحط عن أفراد الشعب اليهودي، واستباحوا لأنفسهم أن يغشّوا غير اليهودي، في الوقت الذي يحرِّمون فيه أن يغش اليهودي يهودياً مثلهº لأن غير اليهودي لم يُخلق إلا ليكون خادماً لليهودي. وتنص تعاليمهم على أن اليهودي يجب أن ينصف اليهودي الآخر إذا فُرض وتخاصم إليه مع غير يهودي، سواء أكان إنصافه لليهودي بحق أو بغير حق..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply