المسجد الأقصى .. وقبة الصخرة !


  

بسم الله الرحمن الرحيم

يقع المسجد الأقصى المبارك في الأرض المباركة فلسطين وله مكانة خاصة في قلوب المسلمين فهو أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، ومسرى محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 

والحرم القدسي الشريف لفظ يطلق على الساحة المستطيلة الشكل الواقعة في الحي القديم من مدينة القدس، ويحيط بهذه الساحة سور قديم يتخلله عشرة أبواب مفتوحة وأربعة مغلقة. وتبلغ مساحة هذه الساحة حوالي 14 ألف متر مربع، وفي منتصف الساحة يقع مسجد قبة الصخرة، وفي ركنها الجنوبي بني المسجد الأقصى المبارك بمساحة حوالي خمسة آلاف متر مربع.

 

عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: «قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة» رواه البخاري.

 

وقال الله - عز وجل -: «وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم» البقرة/127.

 

ويستنتج من النصوص الشرعية السابقة ما يلي:

 

أولاً: أن المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام بمكة المكرمة.

ثانياً: أن سيدنا إبراهيم - عليه السلام - هو الذي بنى المسجد الأقصى بعد بنائه للبيت الحرام.

ثالثاً: وإذا لم يكن إبراهيم الذي بناه فقد يكون أحد أبنائه وهو إسحاق - عليه السلام - كما قال بعض المؤرخين.

وأياً كان الأمر فالصحيح أن المسجد الأقصى قديم جداً يعود إلى عهد إبراهيم - عليه السلام - الذي عاش حوالي سنة 1900ق. م.

 

وهناك آراء أخرى تقول إن الملائكة هي التي بنته كما بنت المسجد الحرام بمكة، وإن إبراهيم رفع القواعد فقط كما هو النص القرآني. رأي آخر يقول إن آدم - عليه السلام - هو الذي بنى هذين المسجدين العظيمين، وإن إبراهيم رفع قواعدهما فقط كما تحدث بذلك القرآن الكريم.

 

ومع مرور الأزمان وتعاقب الليل والنهار اندثر بناء المسجد الأقصى ولكن آثاره ظلت موجودة يجتمع فيها الأنبياء، كما حدث للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في رحلة الإسراء والمعراج إذ اجتمع بالأنبياء في المسجد الأقصى وصلى بهم إماماً ثم عرج به إلى السماوات العلا.

 

وفي سنة 950ق.م - بعد حوالي ألف عام من بناء المسجد الأقصى - حكم مدينة بيت المقدس «أورشليم» سيدنا داود - عليه السلام - وشرع في إعادة بناء المسجد الأقصى لكنه توفي قبل أن يتمه فأتمه ابنه سليمان - عليه السلام - على قواعده القديمة واتخذه مكاناً للعبادة، وهو الذي يسميه اليهود الآن هيكل سليمان أو (الهيكل).

 

وفي عام 586ق.م أغار الملك البابلي «نبوخذ نصر» على «أورشليم» ودمرها تدميراً كاملاً وأعمل القتل في سكانها اليهود ونفى من تبقى منهم إلى بابل في العراق، ونقض حجارة مسجد سليمان (الهيكل) وسواه بالأرض بعد أن أخذ جميع كنوزه.

 

ولما دخلت العراق وفلسطين تحت حكم الفرس أعاد الإمبراطور الفارسي «كورش» اليهود إلى فلسطين فأعادوا بناء أورشليم وهيكلها ولكن بدرجة أقل من السابق.

 

وفي عام 63ق.م دخلت فلسطين تحت الحكم الروماني، وسرعان ما تمرد اليهود على الحكم الروماني فهاجم القائد الروماني تيتوس «تيطس» سنة 70م «أورشليم» وهدم هيكلها وأجلى عنها جميع اليهود، وأصدر قراراً بإعدام كل يهودي يدخل المدينة، ولكن اليهود تقربوا إلى الحكام الرومان فسمحوا لهم بالعودة إلى مدينتهم وإعمار هيكلهم.

 

وفي سنة 135م عاد اليهود للإفساد وثاروا على الرومان فهاجم القائد الروماني «إيليوس هدريان» أورشليم ودمرها، وخرب هيكلها، وطرد من بقي فيها من اليهود، وحرم عليهم دخولها وبنى على أنقاضها مدينة جديدة سماها «إيليا كابتولينا».

 

وفي عام 13هـ/637م فتح المسلمون مدينة «إيليا أو أورشليم» ودخلها سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وسأل عن مكان المسجد الأقصى (الهيكل) فأرشده أهل المنطقة إليه فوجد فيه كميات كبيرة من القمامة فأخذ ينظفها بنفسه واقتدى به سائر القادة والجند ثم بسط رداءه وصلى وبنى فيه مسجداً متواضعاً من الخشب.

 

ثم جاء الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان - رحمه الله -، فوسع المسجد حتى اتسع لثلاثة آلاف مصل، وفي سنة 72هـ جاء الخليفة عبد الملك بن مروان وشرع في بنائه لكنه لم يتمه فأتمه ابنه الوليد - رحمه الله -، وأنفق عليه ملايين الدنانير حتى خرج بشكله الحالي.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply