الزمان/ الجمعة 24 صفر 385هـ.
المكان/ الري ـ العراق.
الموضوع/ وفاة الوزير الكبير الصاحب بن عباد.
دائمًا يكون السر وراء نجاح الدول واستمرار قيامها وجود رجال أكفاء على مستوى رفيع من الديانة والأمانة والقدرة على تحمل المسئولية، وصاحبنا من هذا النوع من الرجال.
- هو الوزير الكبير إسماعيل بن عباد بن عباس بن إدريس الطالقاني، المشهور بـ \'كافي الكفاة\' الملقب بالصاحب. وهو أول وزير لقب بالصاحب، ولي الوزارة لمؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه، وقد كان من العلم والفضيلة والبراعة والكرم والإحسان للعلماء والفقراء على جانب عظيم وله اليد الطولى في الأدب واللغة والشعر، وله مصنفات مشهورة، منها المحيط في اللغة في سبع مجلدات، وكان يملك مكتبة ضخمة تحمل على أربعمائة بعير، ومع ذلك كان أفضل الوزراء استطاع بحسن تدبيره وحزمه وصرامته أن يفتح خمسين قلعة لمؤيد الدولة، وكان يحب العلوم الشرعية، ويبغض الفلسفة وآراء الكلاميين.
- كان الصاحب بن عباد صاحب فضل ومكارم وأخلاق عالية، ولقد مرض مرة بالإسهال، فكان كلما قام عن المطهرة وضع عندها عشر دنانير لئلا يتبرم منه الفراشون، فكانوا يتمنون لو طالت علته. ولما شفاه الله تصدق بخمسين ألفًا من الدنانير الذهبية، وكان من رواة الحديث النبوي، وله مجالس وأسماع وإملاء، وخلع لباس الوزراء ولبس ثياب الفقهاء، وأشهد على نفسه بالتوبة مما يعانيه من أمور السلطان، واتخذ دارًا سماها \'بيت التوبة\'، وأخذ توقيع العلماء على صحة توبته، وكان من مقربيه القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي، وولاه قضاء الري، ولم يقابله عبد الجبار بنفس الوفاء، فلم يصلِّ على جنازته لعقيدته الاعتزالية في أهل السنة.
- ولقد سعى بعض الناس به عند السلطان حتى عزله وولى غيره، فلم يجد عنده كفاءة وقدرة الصاحب بن عباد، فقرر إعادته للوزارة، فقام بها على خير وجه حتى حضرته الوفاة، وجاءه السلطان يعوده، فقال له الصاحب: \'إني موصيك أن تستمر في الأمور على ما تركتها عليه ولا تغيرها، فإنك إن استمريت بها نسبت إليك من أول الأمر لآخره، وإن كنت أنا المشير بها عليك فغيرتها لن تنسب إليك وصار الفضل إليّ\'. فكان ذك من أحسن الوصايا لرجل يجود بنفسه، ولكنه ينصح المسلمين حتى موته.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد