لقد بقيتُ عدة سنين مُعرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها ، فأنا أقدِّم إليه رجلاً وأؤخر أخرى . فمن الذى يسهل عليه أن يكتب نعى الإسلام والمسلمين ، ومَن الذى يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمى لم تلدنى، وياليتنى مُتٌّ قبل حدوثها وكنتُ نسياً منسياً . إلا أننى حثَّنى جماعةٌ من الأصدقاء على تسطيرها، وأنا متوقف، ثم رأيتُ أن ترك ذلك لايجدى نفعاً ، فنقول : هذا الفعل يتضمن ذكر الحادثة العظمى، والمصيبة الكبرى التى عقَّت الأيام والليالى عن مثلها . عمَّت الخلائق، وخصَّت المسلمين º فلو قال قائل : إنَّ العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم، وإلى الآن ، لم يُبتَلوا بمثلها لكان صادقاً ، فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها ، ولا ما يُدانيها .
ومن أعظم ما يذكرون من الحوادث، ما فعله بخت نصر ببنى إسرائيل من القتل ، وتخريب البيت المقدَّس . وما البيت المقدس بالنسبة إلى ما خرَّب هؤلاء الملاعين من البلاد التى كل مدينة منها، أضعاف البيت المقدس . وما بنو إسرائيل بالنسبة إلى مَن قتلوا ، فإنَّ أهل مدينة واحدة ممن قتلوا ، أكثر من بنى إسرائيل. ولعل الخلق لايرون مثل هذه الحادثة ، إلى أن ينقرض العالم وتفنى الدنيا ، إلا يأجوج ومأجوج . وأما الدجال فإنه يُبقى على مَن اتَّبعه ، ويُهلك مَن خالفهº وهؤلاء لم يُبقوا على أحد ، بل قتلوا النساء والرجال والأطفال ، وشقوا بطون الحوامل، وقتلوا الأجنة . فإنّا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد