تواجه الأب المسلم في طريق التربية الإسلامية عقبات خطيرة تضعف عملية تنشئة الولد تنشئة إسلامية متكاملة، فالإعلام بوسائله المختلفة، والشارع، والمدرسة، كل هذه وغيرها يشاركوه في تربية ولده، وتعليمه، وتوجيهه.
ولا شك أن لهذه المتغيرات المختلفة أثراً في تربية الولد، إلا أن التربية في البيت المسلم، الملتزم بمنهج الله أثرها في الولد أكبر وأعمق من كل هذا.
ولا يجوز للأب أن يقصر أو يهمل في المحافظة على ولده، وتربيته على منهج الإسلام معتذراً بقوة التيار المنحرف، معتقداً أن جهاده في تربية ولده تربية إسلامية صحيحة لن يكون له ذلك الأثر البالغ الذي يمكن أن يقف صامداً أمام قوة الانحرافات وشدتها، فالله - عز وجل - أمرنا بالاستقامة على المنهج الصحيح، والجهاد في تطبيقه، أما النتائج والثمار فلله وحده، إن شاء حقق قطافها، وإن شاء حرمنا ذلك لحكمة هو أعلم بها وأدرى، فلا مجال للأب المسلم في التهرب والتخلي عن واجباته بعد أن أهاب الله بالمؤمنين إنقاذ أنفسهم من النار، حيث قال - جل وعلا -: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ} [التحريم: 6].
ووصف - عليه الصلاة والسلام - المستقيم على منهج الله - تعالى- عند فساد الأمة بأنه كالقابض على الجمر، حيث قال: ((يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر))، ولعل هذا الزمن الذي تحياه الأمة في هذا العصر هو المقصود بالحديث، فالمستقيم على دينه يواجه عنتاً شديداً في المجتمع المسلم فضلاً عن المجتمعات الكافرة، فقد أصبح الإسلام بين أهله غريباً مجهولاً.
وبناءً على ذلك فإن تملص الأب من واجباته التربوية ليس هو الحل الصحيح للمشكلةº بل مضاعفة الجهد، والإيجابية هي الحل الأمثل، والطريق القويم لتصحيح الأوضاع المنحرفة. ولا بد أن يعرف الأب أن \" أهم أسباب تشرد الأجيال الحديثة من الشباب، وانغماسهم في انحرافات الشذوذ الجنسي، وانحرافات المخدرات، وانحرافات الجريمة، هو غياب سيطرة الأب \" تلك السيطرة التي تحول بين الولد ونفسه التي تراوده بالانحراف، وذلك خجلاً وحياءً، أو رهبة من العقاب. وهذا الأثر لا يتحقق عادة في نفس الولد من شخصية الأم العاطفية، لهذا كان للأب المسلم ثقله ومكانته المهمّة في البيت، حيث يجازي المحسن، ويعاقب المسيء، لتستقيم الحياة وتزدهر.
ومما يحمس الأب المؤمن على المجاهدة في تربية الأولاد، والمحافظة عليهم من الانحرافات: ذلك الأمل في المثوبة عند الله، وحصول الخير بدعاء الولد الصالح للأب بعد الممات، تلك الدعوات المباركات التي يصل ثوابها إلى الأب في قبره، وقد انقطع عن الدنيا، ونسيه كل الأحبة إلا الولد الصالح، الذي جاهد والده في تنشئته وتربيته على الدين، فكان له ذخراً، وفلاحاً في الآخرة، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة:إلا من صدقة جارية، أو علم يتنفع به، أو ولد صالح يدعو له)).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد