حديثنا التالي عن سن الخمس سنوات، سن الخمس سنوات تعد من أجمل سنوات الطفولة، في الخامسة تقريباً يتوقع أن يكون الطفل في أحسن نفسية، وأجمل صفات، وتختفي التقلبات السلوكية، ويكون أكثر ثباتاً يتكيف مع الآخرين بشكل إجمالي هادئ ولطيف، ويبحث عن أدلة لمحبة الآخرين، يحب البيت، راض عن أسرته وأوضاعها، في هذه المرحلة يتعلق الطفل بأمه بشكل أكبر من المعتاد، تجدينه دائماً يا أختي قريباً منك يقلد حركاتك، لذلك مهم أن يراعي الوالدان كونهما القدوة في علاقتهم بالله، وفي كل سلوكياتهم، ابن الخامسة يعرض مساعدته على أمه، ويتلذذ بطاعتها ويأخذ توجيهاتها والاستئذان منها، شجعيه يا أختي على الاستقلالية بأسلوب لطيف، شجعيه يأكل لوحده، ويرتدي ثيابه لوحده، وإذا بدأ يحاول في شيء ما لا تستعجلي مساعدته قبل أن يتسنى له الوقت الكافي للتجربة، وانتظري حتى يطلب المساعدة بنفسه، ثم عمليه خطوة إضافية واحدة، واتركيه ينجزها، وامدحيه في بعض مراحل النشاط وليس في كلها.
هذه الإجراءات تكسب الطفل الاستقلالية والاعتماد على الذات في هذا العمر وأي عمر.
يا إخواني وأخواتي تغيرات سلوك الطفل المتصلة بعمره سواء صعوبة التعامل مع ابن السنتين ونصف، أو سهولته مع ابن الثالثة، أو ثورة العاطفة، أو ثورة السلوك، أو ثورة العقل، أو مرحلة الهدوء والاتزان والطاعة عند ابن الخامسة، أو التغيرات التي سنذكرها بعد قليل - بإذن الله تعالى - كلها تشبه الورقة التي يخرجها جهاز تخطيط القلب، الورقة إذا تذكرون يكون فيها خط تتخلله ارتفاعات ثم انخفاضات ثم ارتفاعات ثم انخفاضات وهكذا، ما معنى أنه إذا خرجت الورقة فيها خط مستقيم بدون ارتفاعات أو انخفاضات معناه أن هذا الإنسان مات توقف قلبه عن العمل، وهذا ما سيحصل لأطفالنا فتموت شخصياتهم، وتتوقف عن النمو إذا قررنا خطأ محاربة هذه التغيرات التي هيأها اللطيف الخبير، لو حاربنا هذه التغيرات وقمعناها مش بس نتعب عيالنا وعلاقتهم معناº لا نحن نحرمهم من فرصة الاستفادة الطبيعية من المرحلة المؤقتة، وسنهدر طاقتنا وأعصابنا ووقتنا في مقاومة فطرة الله التي فطر عليها الأطفال عموماً، ومن بينهم أطفالنا.
إذن دعونا نتفاعل مع هذه التغيرات المؤقتة بشكل إيجابي.
ملاحظة هامة: لسببين اثنين قد لا تلاحظون السمات التي نذكرها لبعض المراحل في شخصية طفلكم أحياناً، أو تلاحظون بعض سمات المراحل وليس كلها:
السبب الأول: أن العمر وسماته المتوقعة عامل مؤثر من بين عوامل أخرى مؤثرة قد تفوقها تأثيراً أحياناً مثل الفروق الفردية أو البيئة، وهي تشمل كل ما يحيط بالطفل، ومع هذا يظل العمر عاملاً هاماً ومؤثراً جداً ويفيد الآباء والأمهات كثيراً في فهم واستيعاب وتربية أطفالهم.
السبب الثاني: توقيت مرور ابنك بالمرحلة وسماتها قد يكون مبكراً أو متأخراً نسبياً عن متوسط العمر المتوقع لها، يقول الدكتور فاخل عاقل في كتاب (سلوك الطفل): \"لو كان لدينا مئة طفل أعمارهم أربع سنوات فإن نصفهم سيسلكون السلوك المتوقع حدوثه في هذا العمر، وربعهم يكونون قد مروا به مبكراً وتجاوزوه، وربعهم لم يصل إليه بعد\". انتهى كلامه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد