إن التربية المنتجة عملية صعبة ومستمرة تحتاج إلى معايشة مـع المتربين، والتربية التي تعتمد على لقاء عابر أو جلسة أسـبوعية أو مـناسبة عامة ـ فقط ـ تربية فيها نقص وخـلل، ومن ثَمَّ لا يكون البناء متكاملاً، فلا نستغرب بعد ذلك من تلك المخرجات المتذبذبة والمتهلهلة التي من أبرز سماتها الالتزام الأجوف. والناظر في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يجد أن قضية المعـايشة قـضية بـارزة فـي حـياته - صلى الله عليه وسلم -. يـؤكـد هـذا المعـنى عبد الله بن شقيق - رضي الله عنه - عندما سأل عائشة - رضي الله عنها - : هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يـصلي وهـو قاعد؟ قالت: «نعم! بعدما حطمه الناس»(1). فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتصدى للناس، ويعايشهم، ويخالطهم، يستقبلهم ويودعهم، ويتحمل أخطاءهمº لذلك حطمه الناس، وأثَّروا في بدنه - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح يصلي جالساً، وأسرع إليه الشيب ـ بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم -. ويؤكد هذا المعنى أيضاً حديث أنس - رضي الله عنه - حيث قال: «إن كان رسول الله ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: يا أبا عمـير! مـا فعـل النغير؟ »(2). ويؤيد هذا المعنى أيضاً حديث سماك بن حربº حيث قال: قلت لجابـر بـن سمــرة: كــنت تجالس رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: نعم! كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر جلس في مصلاَّه حتى تطلع الشمس، فيتحدث أصحابه يذكرون حديث الجاهلية، ينشدون الشعر، ويضحكون، ويبتسم - صلى الله عليه وسلم -»(3).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
ما قل ودل
-الدتور عبدالرزاق الجاف
19:19:01 2021-11-05