مئة نصيحة في التربية الناجحة


  

بسم الله الرحمن الرحيم

إن للتربية القويمة أهميتها القصوى في صلاح الجيل واستقامة سلوكه، وإن أمر التربية خطير دقيق، تقصر عنه عقول كثير من الآباء والأمهات، فقد يعتبر كثير منهم أن التربية لا تبدأ إلا إذا بلغ الطفل سنّاً معينة هي سنّ التمييز أو ما بعدها، وهذا خطأ فادح يقعون فيه، فيقصرون في تربية أطفالهم في الصغر فينشأ الأطفال على عوج، ثمّ يعجز الآباء والأمهات بعد ذلك عن تقويم العوج، فينشأ الجيل ضعيف الإيمان، هزيل الطاعة، جريئا على المعصية والمخالفة، سيء الأخلاق والطباع.

يقول الغزاليّ - رحمه الله - تعالى:

\"إن الطفل أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما ينقش فيه، ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه، وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة مربيه، والقيّم عليه..\".

 

فقد يعد كثير منهم أن التربية لاتبدأ إلا إذا بلغ الطفل سنّاً معينة هي سنّ التمييز أو ما بعدها، وهذا خطأ فادح يقعون فيه، فيقصرون في تربية أطفالهم في الصغر فينشأ الأطفال على عوج، ثمّ يعجز الآباء

 

من هنا لزم الاهتمام بغرس الآداب الإسلامية، وتعويد الناشئ علـيها:

فلابدّ للإنسان من عادات، يعتادها منذ صغره وينشأ عليها حتى تصبح جزءاً من شخصيته وحياته، لا يجد جهداً في التزامها وفعلها فالخير عادة، والشرّ عادة

والوالدان هما المسئولان المسئولية الكبرى عن غرس عادات الخير أو الشرّ، فإن هما أهملا مسئوليتهما، وفرّطا وضيّعا، تولّت البيئة المحيطة بالناشئ تلك المسؤولية، ووجهت الناشئ وجهة الخير أو الشرّ.

وإن خير ما يغرس في نفس الناشئ الآداب الإسلامية، والسنن النبويّة، لتتشكّل شخصيته منذ الصغر وفق هدي الإسلام ومبادئه وأحكامه.

وإن من أخطر أسباب اختلاف الأبوين في تربية الأولاد عدم وضوح المنهج التربوي لدى أحدهما، فيختلف توجيهه عن الآخر، أو لا يكترث بتوجيه الآخر ولا يكون له عوناً في تربيته وتقويمه.

فكان لابدّ من وضوح الآداب والعادات التي ينبغي على الوالدين غرسها في نفس الناشئ لتكون محل اتفاق بينهما، ولا يكون عليها أي اختلاف أو نزاع.

 

** ومن أهمّ تلك الآداب والعادات والأخلاق:

* أن يناول ما يعطاه باليد اليمنى، من مأكل أو مشرب أو لعبة، ليتعود الأخذ باليمنى، والإعطاء باليمنى، والأكل باليمنى من صغره.

* وأن نلبسه ما نلبسه من ثوب أو قميص أو معطف أو سروال أو جورب أو حذاء، مبتدئين باليمين، وأن ننزعها عنه حين ننزعها مبتدئين باليسرى ليتعود ذلك حين يلبس لنفسه وينزع لنفسه.

* و أن ينهى عن النوم على بطنه، وأن يحوّل عن القبلة عند قضاء الحاجة، وليعلم الوالدان أن كل ما ينهى عنه المسلم في الكبر، يجب على أبويه أن يجنباه إياه في الصغر * وأن يجنب لبس القصير من الثياب والسراويل، لينشأ على ستر العورة والحياء من كشفها.

* وأن يخالف هواه أحياناً، بمنعه ممّا يطلب من لعبة أو مأكل، ويعود الجواب من أبويه بقولهما: \" نعم \" فيفعل، أو قولهما: \" لا \" فيمتنع، راضياً غير ساخط.

* وأن يمنع من مصّ أصابعه، وعضّ أظافره أو قطعها بأسنانه.

فلابدّ للإنسان من عادات، يعتادها منذ صغره وينشأ عليها حتى تصبح جزءاً من شخصيته وحياته، لا يجد جهداً في التزامها وفعلها فالخير عادة، والشرّ عادة

 

* وأن يعوّد غسل اليدين قبل الطعام وبعده.

* وأن يلاحظ في الاعتدال بالمأكل والمشرب، وتجنب الشره، والشبع المفرط.

* وأن يعوّد أن يسمّي الله تعالى، عند البدء في الطعام والشراب، وأن يحمد الله تعالى عند الفراغ منهما.

* وأن يأكل ممّا يليه، ولا يبادر إلى الطعام قبل غيره.

* وألا يحدّق النظر إلى الطعام، ولا إلى من يأكل معه.

* وأن يجيد المضغ، ولا يسرع في الأكل.

* وألا يوالي بين اللقم، ولا يلطّخ يديه ولا ثوبه بما يأكل.

* وأن يعوّد الخبز القفار وحده بدون أدم معه أحياناً، حتى لا يرى الأدم حتماً لازماً.

* وأن يأكل من الطعام ما وجد، ولا يتشهّى ما لا يجد.

* وأن يعوّد القناعة بإعطائه المشتهيات واحدة واحدة، وأن لا يمكن من ملء يديه منها.

* وأن يخرج النوى بيده اليسرى، ولا يجمع بينه وبين الثمر في إناء واحد.

* وأن يعوّد نظافة فمه باستعمال السواك أو الفرجون المعروف، بعد كل طعام، قبل النوم وبعده، وعند الصلاة.

 

* وأن يعود الامتخاط باليد اليسرى، وكذلك حمل الحذاء، والتقاط الأوساخ، والاستنجاء.

* وأن ينهى عن العبث بأنفه.

* وأن يحبب إليه الإيثار بالطعام والشراب وغير ذلك من المحابّ، ويعوّد إكرام إخوته وأقاربه الصغار، وأولاد الجيران، إذا رأوه يتمتع بشيء منها.

* وأن لا يعوّد الخروج مع أمّه أو أبيه أو أخيه دائماً، كلما خرج أحدهم في حاجة، بل يوافق تارة، ويخالف أخرى.

* وأن يعوّد النطق بالشهادتين، وتكرارها كل يوم مرات.

* وأن يعوّد حمد الله تعالى بعد العطاس وتشميت العاطس إذا حمد الله تعالى.

* وأن يعلّم كظم الفم عند التثاؤب.

* وأن يعوّد الشكر على المعروف، مهما كان يسيراً.

* وأن لا ينادي أمّه وأباه باسمهما، بل يناديهما بلفظ: \" أبي، وأمّي \".

* وأن لا يمشي أمام أبويه، أو من هو أكبر منه في الطريق، ولا يدخل قبلهم إلى مكان تكريماً لهم واحتراماً.

* وأن يعوّد السير على الطرف أو الرصيف الأيمن، لا في وسط الطريق، وينهى عن التلهي في الطريق، وعن الركض فيه، وعن التلفّت يميناً وشمالاً.

 

وإن من أخطر أسباب اختلاف الأبوين في تربية الأولاد عدم وضوح المنهج التربوي لدى أحدهما، فيختلف توجيهه عن الآخر، أو لا يكترث بتوجيه الآخر ولا يكون له عوناً في تربيته وتقويمه

 * وأن لا يرمي الأوساخ في الطريق، بل يميط الأذى عنه، من حجر أو شوك أو عظم أو قشرة بطيخ أو موز ونحو ذلك.

* وأن يبدأ من لقيه بالسلام بأدب واحترام ويردّ السلام كذلك.

* وأن يلقن الألفاظ الصحيحة، ويعوّد النطق باللغة الفصحى بدون تكلف ما أمكن.

* وأن يعوّد الطاعة إذا أمره أحد أبويه بشيء، أو من هو أكبر منه، فعلاً وتركاًº فإن في تربية الطفل على طاعة أبويه وذويه منذ الصغر مراناً له على طاعة الله - تعالى -وطاعة رسوله، ومن تمرّد على أبويه وأقاربه، وتعوّد المخالفة في الصغر، استسهل مخالفة الله - تعالى -، ومخالفة رسوله، والتمرّد على أوامرهما في الكبر.

* وأن يعالج فيه العناد، بردّه إلى الحق طوعاً إن أمكن، وإلا فالإكراه على الحق خير من بقاء العناد والمكابرة.

* وأن يشكره أبواه على امتثال الأمر واجتناب النهي، وأن يكافئاه أحياناً على ذلك، بما يحبّ من مأكل أو مشرب أو لعبة مباحة.

* وأن يحبّب إليه اللعب المباح، ويكرّه إليه اللعب المحرّم أو المكروه.

 

* وأن يعوّد احترام ملكية غيره، فلا يمدّ يده إلى مال أحد أو حقه، ولو كانت لعبة أخته أو كرة أخيه.

* وأن يتجنّب الأبوان الاختلاف في أيّ شأن أمام الأولاد، لأن ذلك يذهب هيبة الأبوين ويجرّىء الأولاد على المخالفة والتمرّد.

* * وممّا ينبغي تعهّد الولد به، في سنّ التمييز من الآداب:

 

* أن يعلّم في سنّ التمييز التوقّي من النجاسات، ويعلّم كيفيّة الاستبراء والاستنجاء.

* وأن يعلّم الوضوء بصورة عمليّة، مع ملاحظة ما يكثر وقوع الأخطاء فيه.

* وأن يؤمر بالصلاة، ويعلّم كيفيّتها بصورة عمليّة، وتلاحظ صلاته بين الحين والآخر وتقدّم له الملاحظات والتوجيهات.

* وأن يصحبه أبوه معه إلى المسجد لصلاة الجماعة، ويعرّفه حرمة المسجد وآدابه، وأن يدخل المسجد باليمنى، ويخرج منــه باليسرى.

* وأن يعوّد إجابة المؤذن، والصلاة على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد الآذان، ودعاء الوسيلة ويذكّر بذلك دائماً ليعتاده.

 

* وأن يعلّم التسبيحات الواردة بعد كل صلاة مفروضة، ويتابع في المحافظة عليها.

* وأن يؤمر بالصوم إذا قدر عليه، ولو في بعض أيام رمضان، ويشجّع على ذلك ويكرّم ببعض الهدايا والمشتهيات.

* وأن تذكر له الجنة، وأنها دار المؤمنين الطائعين في الآخرة، ويذكر له ما فيها من أنواع النعيم، والأعمال والصفات التي يستحقّ بها المؤمنون دخولها بفضل الله ورحمته.

* وأن تذكر له النار وأنها دار الكافرين والعصاة في الآخرة، ويذكر له ما فيها من أنواع العذاب، والأعمال والصفات التي يستحقّ بها الكافرون والعصاة عذاب الله وعقوبته.

* وأن يحفّظ ما تيسّر من القرآن الكريم من قصار السور ومقاطع القرآن المناسبة.

* وأن يختار له من الأحاديث النبوية الشريفة ما يتناسب مع سنّه ومداركه، يحفظه ويردده ويؤمر بإلقائه أمام ذويه وأقاربه أحياناً.

* وأن يقصّ عليه قصص الأنبياء، بأسلوب مناسب لمداركه وسنّه، ويحبّبه بحياتهم، ويروي له من حكايات الصالحين الواقعيّة الهادفة، ما يغرس في نفسه الفضائل، ومُثُل الإسلام الرفيعة.

 

* وأن يؤكد عليه في أمر النظافة العامّة ولا يسامح بتسويد الجدران بقلمه.

* وأن يستر إذا وقع في مخالفة، ولا يكاشف بها من أول مرة، فإذا عاد إليها ثانية فينبغي أن يعاتب سرّاً، ويحذّر من الإصرار عليها.

* وإذا تكرّر ذلك، فلا بأس بعرك أذنه، والتعبيس في وجهه، وإظهار الانزعاج منه، وأمره بالوقوف إلى الجدار دقائق عقوبة له.

* وأن يمتنع أبوه أو أمّه عن الكلام معه بعض الوقت ولا بأس أن يؤمر إخوته بذلك إذا دعت إليه المصلحة.

* ولا بأس بالضرب غير المبرّح، إذا دعت إليه الحاجة أيضاً، فهو بمنزلة الدواء المرّ، الذي يجرّعه الطفل أحياناً للضرورة، فتقويم العوج بأيّ وسيلة كانت خير من بقائه والاستمرار عليه.

* ولتحذر الأمّ من إعلان عجزها عن ولدها إذا عصاها، فإن ذلك يغريه بالمخالفة، ويشجّعه عليها.

* وإذا تخلّف الطفل عن الاستجابة للخير أحياناً، فعلى مربّيه أن يستعمل معه أسلوب الترغيب والترهيب، فيرغّبه في الفضيلة، ويعده المكافأة عليها أحياناً، وإذا تخلّف عنها، خوّفه العقوبة، فالإنسان مفطور على الرغبة والرهبة، ولهذا، أعدّ الله لعباده جنّة وناراً، وقدّر ثواباً وعقاباً.

 

* وليحذر الوالدان من رشوة الطفل في شأن من الشؤون، مثل أن يقال له: خذ هذه الحلوى وافعل كذا وكذا، أو خذ هذه القطعة من النقود واكفف عن الضوضاءº لأن الطفل إذا عرف أن هذه العروض تتبع مخالفته للأوامر، كان من الطبيعيّ أن يعمل على الحصول عليها قبل تلبية كل أمر، بل إنه إذا تشبّث بموقفه فقد يكون كسبه أكبر.

* وأن يعوّد الخشونة في المأكل والمشرب والمفرش، ويعوّد المشي والحركة والرياضة، حتى لا يغلب عليه الكسل.

* وأن يؤذن له بعد الانصراف من المدرسة أن يلعب لعباً هادفاً، يروّح فيه عن نفسه من عناء الدرس، لأن منع الصبيّ من اللعب يميت قلبه، ويبطل ذكاءه وينغّص عليه العيش، حتى يطلب الحيلة في الخلاص منه.

* وأن يراقب في لعبه، ليرشد إلى الاتزان فيه والاعتدال.

* وأن يعوّد الاستقلال الذاتيّ، والشعور بالمسئوليّة في ترتيب لعبه وكتبه، وكل ما يتعلّق به، وأن تعوّد الطفلة الاستقلال الذاتيّ، والشعور بالمسئوليّة في ترتيب ما يتعلّق بها، والقيام بأعمال البيت، وترتيب أثاثه، والمحافظة على نظافته.

 

* وأن لا يقارن بين طفل وآخر، فيمدح أحدهما، ويذمّ الآخر، على مسمع منهما، ولا بين طفلة وأخرى، فقد تكون الفوارق التكوينيّة بينهما مختلفة، والمواهب متفاوتة، فيؤثر ذلك في معنويّات الأطفال، ويوهن شخصيّاتهم.

* وأن ينهى عن الافتخار على أقرانه بشيء من المطعم أو الملبس أو الأدوات، بل يعوّد التواضع والإكرام لمن عاشره، والتلطف معهم في الكلام.

* وأن يمنع من أخذ شيء من الصبيان ويعلّم أن الرفعة في الإعطاء لا في الأخذ.

* وأن لا يخرج بالفاكهة ونحوها حيث يراه الأطفال من أقارب أو أولاد الجيران، إلا أن يعطيهم منها لأن رؤيتها تحرّك فيهم الرغبة إليها، وقد لا يجدون والحرمان يؤذيهم.

* وألا يسمح له بالخروج إلى الشارع، ولا بالوقوف على باب الدار، لأن ذلك يعرّضه للضياع من جهة، ولسماع ألفاظ السوء والبذاء من أبناء الشارع.

* وأن يحثّ على الإنفاق ممّا معه، وألا يتعلّق قلبه بالمال منذ الصغر، ويقوّى ذلك في نفسه كلما شبّ وترعرع.

 

وإن ما اعتاده بعض الأطفال من اقتناء حصّالة للنقود حسن من جهة، ليتعوّد حفظ المال فلا يضيّع كل ما يصل إليه منه في شراء اللعب والمشتهيات، وخطير من جهة أخرى، إذ يحبّب إليه المال، ويعوّده الشحّ به.

فإن كان ولابد، فليعوّد الإنفاق منه أحياناً في شتى وجوه البرّ.

* وأن لا يمكّن من فعل شيء خفية، فإنه لا يخفيه إلا لاعتقاد السوء فيه، فإذا فعل ذلك وغفل عنه وليّ أمره، تعوّد السوء، واحتال له، وتمكّن في نفسه.

* وأن لا يسمح له باعتياد الحلف بالله - تعالى -، صادقاً ولا كاذباً إلا عند الحاجة.

* وأن يجتنب الفضول، ولا يتدخّل فيما لا يعنيه، من قول أو فعل.

* وأن يجتنب لغو الكلام وفحشه، واللعن والسبّ، ومخالطة من يجري على لسانه شيء من ذلك.

* وأن يعوّد قلّة الكلام، ويحذّر من كثرته

* وأن يعوّد حسن الاستماع إذا تكلّم غيره، ولا يقطع عليه الحديث، ولا يتشاغل عنــه.

* وأن يقدّم من هو أولى منه بالكلام، وبخاصّة إذا كان أحد والديه أومن هو أكبر منه.

 

* وأن يعوّد السكون عند حضور ضيف وعند إقامة الصلاة، وينهى عن المرور بين أيدي المصلّين.

* وأن يكرم القادم إليه، وبخاصّة إذا كان أكبر منه سنّاً، أو أرفع قدراً، فيؤثره في المكان أو يوسّع له فيه، ويتأدّب في مجلسه.

* وينبغي تحذير الطفل من معلّمي السوء في المدارس، وسؤاله عمّا يلقى إليه فيها، لتثبيت الصواب ونفي الخطأ.

* وأن يمنع الطفل المميّز من الدخول على النساء الأجنبيات، ومن مصافحتهنّ، كبنت العمّ وبنت العمّة، وبنت الخال وبنت الخالة، وزوجة الأخ.

* وأن تعوّد البنت الحجاب منذ سنّ التمييز، فلا يؤذن لها بالدخول على الرجال الأجانب ولو كانوا من أقاربها، لتتعوّد الحجاب منذ الصغر، وليغرس في نفسها أن الحجاب من شأن المرأة، وأن تمنع من مصافحة الأجانب، أو الخلوة بهم.

* وأن ينفّر الطفل من لبس الذهب أو الحرير الأصليّ، وما يختصّ بالمرأة من زينة أولباس ويعرّف أن ذلك حرام على الرجال.

 

* وأن يعوّد الصدق ومجانبة الكذب، في الجدّ والهزل، وفي جميع الأحوال، لأن الصدق من أمّهات الفضائل، كما أن الكذب من أمّهات الرذائل، وأسوأ ما يعتاده الإنسان الكذب، لأنه يرى من هو أكبر منه يكذب، فيهون عليه ذلك.

وكثيراً ما يشكّ الأب في صدق الأمّ أو الأمّ في صدق الأب، في أمر من الأمور، على مسمع من الطفل، فيتصوّر وقوع الكذب من أمّه أو أبيه.

وقد يشرك الأب ولده في مخادعة أمّه، وتشرك الأمّ ولدها في مخادعة أبيه، فيطلب أحدهما من ابنه أن لا يخبر الطرف الآخر بكذا وكذا، وإذا سأله عنه أن ينكر، وهذا من أسوأ ما يفسد تربية الناشئ، ويفكّك روابط الأسرة.

* وينبغي أن لا يكلّف الطفل مالا يطيق جسماً، كتكليفه أن يحمل حملاً ثقيلاً، ولا ما لا يطيقه عقلاً، كتحفيظه من العلوم مالا يدركه ولا يفهمه.

* وأن يربّى على التوكّل على الله وحده والاعتماد عليه - سبحانه - في كل شأن، وسؤاله ودعائه فيقال له: إن الله - تعالى -هو الذي يرزقنا، وهو الذي يعافينا، وييسّر أمورنا، ويوفّقنا لما يحبّ، وهو الذي بيده الخير كله، فينبغي أن نلجأ إليه، ونتوكّل عليه، ونأخذ بالأسباب المشروعةº فنسعى في طلب الرزق ونستعمل الدواء عند المرض، ونجاهد أنفسنا على تقوى الله، والعمل بما يرضيه.

 

* وينبغي أن يعوّد الطفل النظام والانتظام في جميع شئونه، وينهى عن الفوضى والإهمال والتسيّب، ومزاحمة الناس وتجاوز حقّهم.

* وأن يربّى على الجرأة والشجاعة، والثقة بالنفس والإقدام، ولا يسمح لأحد بتخويفه بالأكاذيب والأوهام، ويعوّد على الخروج ليلاً وحده لقضاء حاجته، وعلى النوم وحده، والبقاء أحياناً وحده

* وأن ينزع من نفسه الخوف من الحشرات الضارة، ويشجّع على قتلها مرة بعد مرة.

* وأن يعوّد على حلّ مشكلاته بنفسه وألا يلجأ إلى من هو أكبر منه إلا عند الضرورة.

* وأن يحفظ سمعه من حكايات الفحش والإجرام، والتعدّي والأذى، لئلا يتجرّأ على مثل ذلك.

* وأن يجنّب اللعب بالميسر، وتبيّن له أضراره ومفاسده، وقد كثرت أنواعه اليوم، ومنها أوراق اليانصيب، ولو كان بدعوى أنه خيريّ، فهو من الميسر المحرّم.

* ويجنّب الطفل دور السينما محافظة على دينه وأخلاقه، فإن أكثر ما يعرض في هذه الدور الوضيعة أفلام اللصوصيّة والجريمة، والخلاعة والمجون ممّا يثير الغرائز الجنسيّة، ويفسد الأخلاق، ويقتل الرجولة.

 

وحسبك دليلاً على ما نقول، هذه اللافتات التي تعلّق على أبوابها، وفي الشوارع العامّة، تعلن عن أفلامها الساقطة، بصور عارية وأوضاع خبيثة مخزية يندى لها جبين الفضيلة والشرف.

* ويجنّب كذلك مشاهدة أفلام الفيديو التي لا تقلّ فحشاً وفساداً عن أفلام السينما.

* وليحذر الوالدان والمربّون، من التناقض في تربية الطفل، يأمرونه بالصدق مثلاً ويكذبون، وينهونه عن التدخين، ويدخّنون، ويأمرونه بالشيء مرة، وبضدّه مرة أخرى، فيتبلبل في معرفة حسن ما أمر به، أو قبحه، وخيره أو شرّه.

* ولا ينبغي للوالدين والمربّين أن يعاملوا الطفل والناشئ معاملة واحدة على اختلاف مراحل نموّه، وما يمرّ به من تقلّبات نفسيّة وجسميّة وعقليّة.

فمعاملة الطفل في سنوات عمره الأولى، تختلف عن معاملة الطفل المقارب للتمييز وما بعده، والناشئ المراهق للبلوغ، تختلف معاملته عن البالغ الراشد.

* وينبغي للأب أن يخصّص وقتاً يجلس فيه إلى زوجته وأولاده، يؤنسهم ويسلّيهم ويعلّمهم ويربّيهم، ويقصّ عليهم حكايات توجيهيّة مسلّية.

 

** وعندما يكون الطفل في سن المراهقة:

* ينبغي أن يملأ فراغه بما يعود عليه نفعه من المطالعة والدرس، أو العمل اليدوي الذي يوجّهه إلى إتقان صناعة من الصناعات، فملء الفراغ شاغل عن خواطر السوء، أو صرف الوقت فيما لا يجدي.

* وأن تقوّى رغبته في تلاوة القرآن الكريم، والأحاديث النبويّة الشريفة، والسيرة العطرة وحياة الصحابة، والسلف الصالح.

فكثيراً ما يدفع الناس إلى العمل الجليل حكاية يسمعونها عن رجل عظيم، أو حادثة يسمعونها عنه.

* وأن لا يسمح له بقراءة كل قصّة، ولا مطالعة كل كتاب، بل تختار له الكتب العلميّة الصحيحة والقصص الأخلاقيّة الصالحة.

* وأن يحذّر من الاغترار بعقله وفهمه فيحرم الانتفاع بعقول الناس وأفهامهم، ويقع في الاستبداد برأيه، ويكثر خطؤه، ويقلّ صوابه.

* وأن يحبّب إليه اتّباع السنّة النبويّة، والآداب الإسلاميّة، وينفّر من الابتداع في الدين وتقليد الأجانب، لينشأ على حبّ السنّة، وكراهة البدعة، ومخالفة غير المسلمين في أزيائهم ومظاهرهم.

 

* وأن يذمّ عنده المخنّثين من الرجال ويبيّن له أن من التخنّث حلق الرجال لحاهم، ويرغّب في إطلاق لحيته متى ظهر شعر وجهه.

* وأن يذمّ عند البنت النساء المترجّلات اللاتي يلبسن لبسة الرجال، ويظهرن مظهر الرجال، ويقلّدنهم.

* وأن يختار الوالد لولده رفاقاً صالحين مهذّبين، ويحذر عليه، ويحذّره من صحبة رفاق السوء فعدوى الأخلاق أشدّ فتكاً من عدوى الأمراض.

وصحبة الأخيار تربّي الخير في نفوس من يصاحبهم، لأن الإنسان مولع بالتقليد، فكما يقلّد من حوله في أزيائهم، يقلّدهم في أعمالهم، ويتخلّق بأخلاقهم.

* وينبغي أن يوجّه الشابّ لتكوين مثل أعلى، يسعى لتحقيقه، ويوجّه أعماله للوصول إليه، وذلك لأن الإنسان في هذه الحياة كقائد السفينة، في البحر المتلاطم الأمواج، لا يمكن أن يصل إلى المرفأ حتى يعرف أين المرفأ، ويرسم الخطّة للوصول إليه، وإلا تنكب الطريق السويّ الموصل إليه، وكانت سفينته عرضة للارتطام، أو الضياع والهلاك.

 

وكذلك الإنسان في هذه الحياة، تحيط به قوى مختلفةº شهوات تتجاذبه، وصعوبات تعترضه ومؤثّرات متباينة، فإن لم يحدّد غرضه، ويعيّن مثله الأعلى، تقسّمته هذه القوى، واضطربت مسالكه وضاعت حياته سدى.

* ومن أهمّ ما ينبغي أن يراعى في أمر التربية، أن يكون الأبوان قدوة صالحة لأولادهم، وأسوة حسنة لهم، في الأقوال والأفعال والأخلاق لأن كل ما يقال أو يفعل أمام الطفل، إنما هو من تربيته. هذا، والله - تعالى -أعلم، وصلّى الله على محمّد، وعلى آله وصحبه وسلّم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply