وقد تحدث الشيخ في المقال السابق عن نعمة الذرية ثم عن أهمية القدوة في حياة الأبناء ومبدأ غرس الخوف من الله في حياة الكفل ومراقبته لله لينعكس ذلك على تصرفاته في حياته المستقبلية. الكاتب
الوقفة الثالثة:
أيها الأب التوسطُ والاعتدال، مطلوبٌ في كل حال، وعلى هذا فاحذر مِن القسوةِ والغلظةِ في الكلام والمعاملة مع الأولاد وكثرةِ الضرب والمبالغة في العقوبة، فلهذا آثارٌ سيئةٌ على الولد حيث يَفقِدُ الثقةَ بنفسه، ويحقدُ على والده، ويكره مَن حوله، ويتربّى على العناء والقسوة، ولربما هجرَ من البيت إلى قرناءِ السوء ففتحوا صدورهم له، لينالوا مآرب أخرى فيتربى معهم على الشر والفساد واحتراف الإجرام ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولقد أجمع أهل التربية على أن الحبَّ والعطفَ والحنَان المعتدل من أهمِّ دعائم وأساساتِ التربية (مسؤولية الأب عدنان باحارث ص 86).
وفي الصحيح عند مسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال: ((ما رأيت أحداً كان أرحمَ بالعيال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).
وعند البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عن أسامةَ بن زيد والحسن: ((اللهم إني أحبهما فأحبهما)).
ولّما قَيّل - صلى الله عليه وسلم - صبياً قال بعضُ الأعراب أتقبلون صبيانكم إني لي عشرةً من الولد ما قبّلتُ منهم واحداً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أو أملك إن كان الله قد نزع منكم الرحمة)).
وليس معنى هذا أن الأبَ لا يعاقبُ على الخطأ ولا يحاسبُ عليه كلا لكن ليس كل خطأٍ, يُعاقب عليه وليست العقوبةُ كلها ضربٌ وتصنيف، فالأخطاء متفاوتة والأعمارُ مختلفة وقد تكونُ العقوبةُ حرمانَ الولد ما يطلبُ فترةً من الوقت).
والأصل في معاجلة الأخطاء التعليم برفقِ ولطف (فما كان الرفقُ في شيء إلا زانه ولا نزع في شيء إلا شانه)
وفي مقابل هذا الصنف من الناس تجد من الآباء مَن لا يعرفُ التأديب والنصح أبداً بل هَمّه مع أولاده تبريرُ أخطائهم، والتدليلُ الزائدُ عن حَدّه، والثقةُ المطلقة بهم وتلبيةُ جميعِ ما يطلبونه ولو كان مؤثراً عليهم، وبذلُ الأموال لهم ليعبثوا بها ويسرفوا والله لا يحب المسرفين، وهذا الأسلوب يهدم ولا يخدم، ويفسد ولا يصلح أن بعضاً من الآباء هداهم الله قد أسرفوا في تلبيةِ ما يطلبه الأولاد من سياراتٍ, وأجهزة مفسدات، وهذا بلا شك له أثره السيء على الولد ولو بعد حين.
السيارة نعمةٌ من نعم الله فلماذا تُسلّم إلى سفيه لا يعرفُ قَدرَ هذه النعمة ولا يستعملها حاجتها.
بل يجعلها أداة لمآربه السيئة ومصدراً لإزعاج المسلمين يسيرُ في الشوارع بسرعة جنونية غير مبالٍ, بكبير سن ولا طفلٍ, ولا امرأة.
ولربما أزهقَ أنفساً بريئة وتسبب في حوادث مروّعه بل لربما وفاه الأجل بسببها ألا فليتق الله أولئك الآباء الذين يقدžّوا المسؤولية ولم يرعوا الأمانة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد