* شكوى: ابني يأكل كثيرًا ـ زاد حجمه وطوله عني ـ ينشغل بشده بمظهره ينام كثيرًا.
* أخرى: يفكر ويسرح كثيرًا ـ يمكث في الحمام فترات طويلة ـ يغلق الباب على نفسه ـ يستحم بطريقة مبالغ فيها [لم يعتد عليها] ـ يجلس على الإنترنت فترات طويلة ـ يسهر حتى الفجر أمام الجهاز.
* وأيضًا أخرى: ابني غير أصحابه ـ لا يقبل عليهم كلمة ـ يعارض بشدة ـ يرفع صوته.
يسيء أدبه ـ يسهر في الخارج كثيرًا ـ لا يحترم أحدًا.
* وأخرى كذلك: ابني يحب...ابني يعاكس... ابني لديه صور فاضحة... بين كتبه... ابني يتبادل المواقع الإباحية.... مع زملائه.
لا أظن أحدًا سيدخل باب البحث عن المشاكل إلا وسيكون له نصيب أو حظ في شكل من الأشكال السابقة من المشاكل أو ما يتفرع عنها، ونوع آخر ممن سيدخلون هذا الباب إنما يدخلون من باب الوقاية خير من العلاج وبدافع حرصهم الشديد على أبنائهم.
عفوًا أيها الأب... عفوًا أيتها الأم:
هل تدعو لولدك حقًا؟... هل تدعين لولدك حقًا؟
الإجابة بالطبع هي نعم.
لكن أسأل هنا عن دعاء بشكل آخر، إنه دعاء مليء بحرقة القلب ودمعة العين ولجوء النفس إلى الله - تعالى -وفقرها، إنه دعاء ليلي صادق لا يشعر به إلا رب السماوات، ثم هو دعاء مستمر طوال الأزمة وقبلها وبعدها.
من حقق الفقرة السابقة كما وصفناها فليصحبنا الآن ونحن نحاول أن نفهم أبناءنا، ونحاول التعرف عليهم لنستطيع التعامل معهم والتجاوز بهم عبر محن الحياة المتلاطمة والمصائب التي تحيط بأبنائنا من كل لون وشكل.
ولنتذكر أن الله - تعالى - بيده الأمر كله في كلمتين: {كُن فَيَكُونُ} وأي عناء وجهد سيبذل في الحل [البحث عنه وتنفيذه] سيهون بشدة إذا أحيط بالدعاء وطلب العون من الله - تعالى -طلبًا صادقًا:
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
أخي الأب.. أختي الأم، تنبهوا معي:
أولاً: أبناؤنا كيان بشري ليسوا آلات أو أدوات.
مفهوم العبارة السابقة ينبهنا أننا نتعامل مع كائن حي خليط من فكر ومشاعر وجسد مادي، وأن هذا الخليط يمر بمراحل مختلفة من النمو والنضج.
نحن قد لا نتذكر الكثير عن أنفسنا فيها، لأننا تجاوزناها سواء بصورة سليمة أو مشوهة، سليمة نحرص على عبور أولادنا إياها بنفس الطريقة، أو مشوهة في بعض جوانبها فنطلب لأولادنا الحماية منها.
هذا الكائن الحي الخليط لا يصح بصورة من الصور التعامل معه بطريقة الأزرار والفتح والغلق لأن هذا الخليط المتميز يمر بمراحل مختلفة من النمو، فما يصلح معه في مرحلة لا يصلح في أخرى.
والخلاصة في هذه النقطة فلينتبه الأبوان إلى ضرورة تفهم الابن أو الابنة ومعرفة الدوافع والاحتياجات والتفاعلات النفسية تجاه الأحداث والمواقف وأن تتوافر لديهم قدرة عالية من المرونة في التعامل فعفوًا أبناؤنا كيان بشري ليسوا آلات أو أدوات\'.
ثانياً: هل أبناؤنا في أزمة حقيقية أم أزمة عابرة؟
وهنا نوضح الفرق بين الأزمة الحقيقية والأزمة العابرة.
فالأزمة الحقيقية: هي التي نفاجأ بأبنائنا في قلبها ولا نجد لدينا يقينًا أننا زرعنا فيهم من الأخلاق والمبادئ والقيم والقواعد ما هو كفيل بصيانتهم ووقايتهم.
والأزمة العابرة: هي التي يصحبها يقين أننا نجحنا بفضل الله - تعالى -وحده في تربية أبنائنا على ما يقيهم شر الانحراف ويحفظ لهم الثبات.
إن الكثير من الآباء والأمهات في أشد الحاجة إلى توضيح القواعد الأساسية التي تضبط التعامل مع الأبناء والبنات.
ولكي يتم ذلك لا بد من توضيح النموذج المقابل الذي يتعامل مع الابن، فأم تشكو من عصبية ولدها وكثرة صراخه وانتقاده واعتراضه، ولا تخبرنا أنها في الأصل شديدة العصبية والصراخ في البيت، ولا تتفاهم مع زوجها إلا بهذه الطريقة ثم بعد ذلك تطلب منا حلاً لهذه المشكلة الغريبة، تغفل أنها سبب رئيسي في هذه المشكلة، قد لا يمكن حل مشكلة الابن إلا بحل مشكلة الأم أو قد تشتكي الأم ويكون الأب هو صاحب هذا الخلق وهكذا.
* عندما نفاجأ بأبنائنا في أزمة ـ أيًا كان شكلها وحجمها ـ ونفاجئ أننا لم ننجح في زرع ثوابت أو قواعد تعصمهم من أزمتهم تلك أو على الأقل نضمن بنسبة ولو متوسطة وجود رادع يردعهم ويحفظهم، فهم إذن في أزمة حقيقية، فلا نعرف كيف سيتصرفون وإلى أين سيتجهون ومن سيستشيرون؟؟
أما إذا وجدنا أبناءنا في أزمة، ورأينا في أنفسنا قدرًا من الطمأنينة إلى ما قد رسخناه في أنفسهم من مبادئ وثوابت تجعلهم يحسنون التصرف في هذه المواقف ويكون جل ما يحتاجون منا هو لطيف التوجيه وقليل الإشارة وعميق الدعاء فأبناؤنا في أزمة لكنها عابرة بإذن الله - تعالى -.
وإلى حين اللقاء عن قريب بإذن الله - تعالى -لكم منا أرق التحيات وأطيب التمنيات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد