يعتمد العمل الاجتماعي على عدة عوامل لنجاحه، ومن أهمها الشباب، فكلما كان الشباب متحمسًا للقضايا الاجتماعية، ومدركًا لأبعاد العمل الاجتماعي أتى العمل الاجتماعي بنتائج إيجابية وحقيقية. كما أن العمل الاجتماعي يمثل فضاء رحبًا ليمارس أفراد المجتمع ولاءهم وانتماءهم لمجتمعاتهم، كما يمثل العمل الاجتماعي مجالاً مهمًا لصقل مهارات الأفراد وبناء قدراتهم. وانطلاقًا من العلاقة التي تربط بين العمل الاجتماعي والشباب، خصوصًا في المجتمعات الفتية، فإن حماس الشباب وانتماءهم لمجتمعهم كفيلان بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه ومضمونه، فضلاً عن أن العمل الاجتماعي سيراكم الخبرات وقدرات ومهارات الشباب، التي سيكونون بأمس الحاجة إليها، في مرحلة تكوينهم ومرحلة ممارستهم لحياتهم العملية. ورغم ما يتسم به العمل الاجتماعي من أهمية بالغة في تنمية المجتمعات وتنمية قدرات الأفراد، فإننا نجد نسبة ضئيلة جدًا من الأفراد الذين يمارسون العمل الاجتماعي، فهناك عزوف من قبل أفراد المجتمع، وخصوصًا الشباب منهم، عن المشاركة في العمل الاجتماعي، بالرغم من أن بعض الشباب يتمتع بمستوى عال من الثقافة والفكر والانتماء، وبالرغم من وجود القوانين والمؤسسات والبرامج والجوائز التي تشجع الشباب على المشاركة بشكل فاعل في تنمية مجتمعهم، وهذا ما يثير التساؤل عن الأسباب المؤدية إلى عزوف الشباب عن المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي، والذي يعرف بأنه مساهمة الأفراد في أعمال الرعاية والتنمية الاجتماعية سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل أو بغير ذلك من الأشكال.
إن مساهمة الأفراد في العمل الاجتماعي تأتي بوصفهم إما موظفين أو متطوعين، وما يهمنا هنا الوصف الثاني. والتطوع هو الجهد الذي يقوم به الفرد باختياره لتقديم خدمة للمجتمع دون توقع لأجر مادي مقابل هذا الجهد.
وتأتي أهمية العمل الاجتماعي التطوعي للشباب: في تعزيزه لانتماء ومشاركة الشباب في مجتمعهم، وتنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية، كما أنه يتيح للشباب التعرف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع، ويقدم للشباب فرصة التعبير عن آرائهم وأفكارهم في القضايا العامة التي تهم المجتمع، ويوفر للشباب فرصة تأدية الخدمات بأنفسهم، وحل المشاكل بجهدهم الشخصي، والمشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاج إليها المجتمع، واتخاذ القرارات. ويتصف العمل التطوعي بأنه عمل تلقائي، ولكن نظرًا لأهمية النتائج المترتبة على هذا الدور، والتي تنعكس بشكل مباشر على المجتمع وأفراده، فإنه يجب أن يكون هذا العمل منظمًا ليحقق النتائج المرجوة منه وإلا ستنجم عنه آثار عكسية بسبب معوقات قد تعترض مشاركة الشباب الاجتماعية ومنها:
* الظروف الاقتصادية السائدة وضعف الموارد المالية للمنظمات التطوعية بعض الأنماط الثقافية السائدة في المجتمع كالتقليل من شأن الشباب والتمييز بين الرجل والمرأة.
* ضعف الوعي بمفهوم وفوائد المشاركة في العمل الاجتماعي التطوعي.
* قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية.
* عدم السماح للشباب بالمشاركة في اتخاذ القرارات بداخل هذه المنظمات.
* قلة البرامج التدريبية الخاصة بتكوين جيل جديد من المتطوعين أو صقل مهارات المتطوعين.
* قلة تشجيع العمل التطوعي.
تبقى في الأخير الإشارة إلى ضرورة إتاحة الفرصة أمام مساهمات الشباب المتطوع وخلق قيادات جديدة، وعدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة، وتكريم المتطوعين الشباب ووضع برامج امتيازات وحوافز لهم، وتشجيع العمل التطوعي في صفوف الشباب مهما كان حجمه أو شكله أو نوعه.
تطوير القوانين والتشريعات الناظمة للعمل التطوعي بما يكفل إيجاد فرص حقيقية لمشاركة الشباب في اتخاذ القرارات المتصلة بالعمل الاجتماعي.
إنشاء اتحاد خاص بالمتطوعين يشرف على تدريبهم وتوزيع المهام عليهم، وينظم طاقاتهم، وتشجيع الشباب وذلك بإيجاد مشاريع خاصة بهم تهدف إلى تنمية روح الانتماء والمبادرة لديهم.
أن تمارس المدرسة والجامعة والمؤسسة الدينية دورًا أكبر في حث الشباب على التطوع، خصوصًا في العطل الصيفية، وأن تمارس وسائل الإعلام دورًا أكبر في دعوة المواطنين إلى العمل التطوعي.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد