هل ترغب أن ينسلّ الغضب خارج منزلك، وتهدأ نفسك وتعيش في وئام وسعادة مع أسرتك وأبنائك؟ إن هناك أسباباً تؤمن لك ذلك وتفتح لك الطريق لهذه الحياة الجميلة، وتجعل تربية أطفالك متعة شخصية تجدها من أحلى واجباتك، فقط اقرأ السطور الآتية وتعرف معنا على ما قصدناه سابقاً.
عزيزي المربي: لقد علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الغضب جمرة توقد في جوفنا، وأن خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الرضا، فكيف السبيل لنكون أبطأ غضباً وأسرع رضا؟ وأن لا يكون حلنا بتغطية الجمرة بالرماد فيظهر الهدوء المؤقت، ولكننا نطمح لإطفاء هذه الجمرة المشتعلة، وتصفية قلبنا من وهجها لنتمكن- بعون الله- من كظم الغيظ والعفو والإحسان قال - تعالى -: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
وسأسرد لكم أولاً هذه العبرة اللطيفة، فلقد روى أن غلاماً لزين العابدين كان يصب له الماء بإبريق مصنوع من خزف، فوقع الإبريق على رِجل زين العابدين، فانكسر وجرحت رِجله، فقال الغلام على الفور:
يا سيدي، يقول الله - تعالى -: (والكاظمين الغيظ) فقال زين العابدين: قد كظمت غيظي.
فقال الغلام، ويقول: (والعافين عن الناس).
فقال: قد عفوت عنك.
فقال الغلام: ويقول: (والله يحب المحسنين).
فقال زين العابدين: أنت حر لوجه الله.
(كما جاءت في تربية الأولاد في الإسلام للشيخ عبد الله علوان).
* الحب غير المشروط:
الحب غير المشروط يعني قبول الآخرين بمزاياهم وعيوبهم، فنحن نحب الشخص وليس بالضرورة أن نحب التصرف نفسه، فلتحاول- عزيزي المربي- أن تفصل الفعل عن الفاعل، وأن تفصل كذلك الأقوال عن الذوات، فعندما يسيء ابنك التصرف، فمن الطبيعي أن تستاء من تصرفه ولكن يبقى بإمكانك أيضاً عدم الغضب والمحافظة على الهدوء، وهذا ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى التدريب والمثابرة.
*أسلوب تربوي ذكي:
ولنأخذ مثالاً يوضح ما سبق: أسامة عمره خمس سنوات كثيراً ما يضرب الأطفال ويتشاجر معهم أينما ذهب، لذلك أخبرته والدته أنها ستذهب معه لزيارة خالته وابنتها سارة البالغة من العمر أربع سنوات، وأن عليه أن يحسن التصرف خلال الزيارة، ولا يضرب أحداً وإلا ستعود به إلى المنزل، لعب أسامة مع سارة خمس دقائق فقط، ثم أخذ اللعبة منها، وبدأت سارة بالبكاء، فما كان من الأم إلا أن أخذت يد أسامة بهدوء وعادت به إلى المنزل، صرخ أسامة وبكى وقال إنه لن يضربها ثانية، ولكن الأم تابعت المسير، وبعد عدة أيام أخذت الأم أسامة إلى الجمعية التعاونية، وخلال دقائق معدودة ضرب أحد الأطفال المارين والأصغر منه سناً، عادت الأم حالاً إلى المنزل على الرغم من بكاء أسامة ووعوده بعدم العودة لهذا الفعل، ومضت أسابيع على هذا الأسلوب التربوي، بعدها تحسن تصرف أسامة ولكنه عاد وضرب طفلة في الشارع، فعادت الأم به فوراً إلى المنزل وكان هذا آخر عهده بالشجار.
وإذا نظرت - عزيزي المربي - إلى الأسلوب التربوي الذي اختارته الأم هنا، تجدها لا تثور أو تغضب أو تضرب ابنها، بل نفذت ما اتفقت معه عليه بكل هدوء، بالتجربة اقتنع أسامة بجدّية أمه في تطبيق الاتفاق، ولهذا التزم به وكف عن الشجار والبكاء.
* علاج العنف بلا عنف:
المثال التالي- عزيزي المربي- يوضح لنا كيفية علاج عنف أطفالنا دون أن نبادلهم باستخدامنا للعنف نحن أيضاً، \"عادل\" عمره سنتان ونصف، كثير العض، مسكته والدته فعضها في يدها، تركت الأم \"عادل\" وخرجت بصمت، استغرب \" عادل\" من تصرفها وبكى، وعندما كف عن البكاء عادت إليه الأم ولعبت معه، مرة أخرى عض \"عادل\" أمه عندما حملته فتركته على الأرض وخرجت، وفي وقت لاحق لاعبته ووضعته على حجرها، عرف \"عادل\" أن أمه ستتركه عندما يعض وستلعب معه عندما يحسن التصرف، وبذلك توقف عن العض.
ونستخلص من المثالين السابقين:
-الطفل العنيف يشعر بالظلم والإحباط.
-أهم خطوة للعلاج هي الامتناع عن العقاب والعنف.
-لا تبق مع الطفل الذي يضربك (اخرج من الغرفة حالاً).
-عندما يكون الطفل عنيفاً خارج المنزل عد بالطفل للمنزل ثانية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد