شذرات تربوية


  

بسم الله الرحمن الرحيم

1. الرقابة الذاتية:

من المهم ألا يعمل ابنك شيئاً تكرهه وأنت تراه، ولكن الأهم منه ألا يعمل ذلك الشيء حين لا تراه.

 

2. واصبر:

أمرنا عجيب فإن لدينا قدرة على تقبل أخطاء الآخرين بما لا نقدر عليه مع أبنائنا، فلو أن زميلك أو جارك أو ضيفك أسقط الكأس على رأسك لبادرته بعبارات المجاملة والتهدئة، وهذا خلق حسن، والويل كل الويل لو فعل ذلك أحد أبنائك، حتى لو كان أول مرة: [يا أرفل ما تشوف...إلخ] ودون قصد أو تفريط.

 

3. إنه فوق ما تظن:

• من السهل جداً إلقاء اللوم على الآخرين، وتحميلهم كثير من المشكلات وما تواجهه من عقبات، وكم رددت علانية أو في نفسك عبارات الإحباط والألم، فمرة تقول: أولادي لا يسمعون لي، وأخرى لا يتجاوبون فيما أريد منهم، وهلمّ جرّا، ولكن لو أنصفت لرأيت أنهم يستجيبون لك كثيراً، وقد يقصرون أحياناً، والعبرة بالأكثر، ثم لنكن صرحاء مع أنفسنا، فكم مرة أردت من نفسك أشياء ولم تتجاوب معك، وكم عزمت على أمر ولم تنفذه، وكم بدأت في عمل ولم تكمله، إذا كان هذا مع نفسك التي تملك زمامها، فلماذا تلقي باللوم على الآخرين؟ ولو كانت زوجتك وأبناءك، فكن منصفاً وعادلاً وواقعياً، وركز على الإيجابيات فسترى ما يسعدك.

 

• لماذا تكون سعادة الآخرين سبباً لشقائنا؟ فإذا رأينا أبناء أقاربنا يبرون بآبائهم، حينها جام غضبنا على أبنائنا، واتهمناهم بالتقصير والجحود، وإذا رأينا أبناء الجيران يتسمون بالأدب وحسن الخلق تفننّا في تحطيم أبنائنا والسخرية بهم، ولو سيطرنا على مشاعرنا لجعلنا من هؤلاء وهؤلاء قدوة وأسوة ورفقة وزملاء لأبنائنا، ولطلبنا من أبنائنا استضافتهم وصحبتهم وتبادل الهدايا معهم، ثم ما يدريك فلعل لهؤلاء وجهاً آخر لم تره، وإنما بان لك جانب فحفظت شيئاً وغابت عنك أشياء، فلا تعلم ما يجري خلف الجدران، وقد يكون لدى أبنائك من الجوانب الإيجابية ما يفوق ما لدى هؤلاء، ولعل آباءهم يقرعونهم ويقولون لهم: لماذا لا تكونون مثل أبناء فلان؟ والكمال عزيز، والسعي إليه صفة الرجال الأسوياء، ولكن لا يكن حرصك الشديد على حفظ الجرّة سبباً لتحطيمها، وقد تصاب بشظية منها تريق منك الدم، فتندم ولات ساعة مندم.

 

4. كما أنهم يختلفون:

• تأمل في وجوه أبنائك، وفي شكل أجسامهم ألا ترى أنهم يختلفون عنك في بعض الصفات الخَلقية، هذا أمر مسلم به، إذن لماذا لا يتسع صدرك لبعض الاختلافات في المواهب والرغبات، وتصر على أن يكونوا نسخة منك؟ فكن عملياً وواقعياً، وهذا لا يعارض علوّ الهمة وطلب الكمال، والسعي الجاد للتخلص من الصفات السلبية، ثم ألا ترى معي أن بعض صفاتك التي أنت معجب بها تحتاج إلى إعادة نظر، أو قد يكون ما لدى ابنك أكمل منها، أو قد لا تناسب أحداً سواك.

 

• العقل ينمو كما ينمو الجسم، فلا تطلب من ابنك فوق ما يعقل، ولا تلمه على عدم إدراكه لأمور تحدثه بها فوق مستواه، فأنت الملوم، فأنت لم تصل إلى ما وصلت إليه إلا بعد حين، والعقل لا يكمل إلا بعد بلوغ الأربعين غالباً ولذلك قال الله عن موسى: \"وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاستَوَى\" (القصص: من الآية14). وقال: \"حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَربَعِينَ سَنَةً\" (الأحقاف: من الآية15) وبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد الأربعين، ولا يعني هذا نقص العقل قبل ذلك، ولكنني أتحدث عن التمام، وفرق بينهما، وهذا في الأعم الأغلب لا على الاطراد، وعقول الأنبياء أكمل العقول وأزكاها، والمهم أن تتعامل مع ابنك مراعياً مستواه العقلي، دون إفراط أو تفريط، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

 

5. زمان غير زمانك:

كثير منا يريد أن يربي أبناءه على ما رباه عليه أبواه، وهذا هدف نبيل وغاية سامية، لكن ألا ترى معي أن جيل أبويك غير جيلك، وجيلك غير جيل أبنائك، واختلاف الزمان والمكان عامل مؤثر في التربية، وما كان أسلوباً ناجحاً بالأمس قد يؤدي إلى الفشل اليوم، فشباب الأمس غير شباب اليوم، ورفقة اليوم غير رفقة الأمس، وهلم جرّا.

 

6. هل لك أعوان في التربية؟

• اختر المدرسة المناسبة لابنك، وكن على صلة بالإدارة والمدرسين، وتعرف على زملاء ابنك في الفصل، وتابعه في دراسته، فإن وجدت المدرسة إدارة ومنهجاً وأساتذة وطلاباً على خير ما يرام فاحمد الله، وإلا فبادر في البحث عن الجو المدرسي التربوي الذي ترضاه لابنك، نظراً لما للمدرسة من أثر عميق في صياغة شخصية ابنك وتحديد مستقبله.

 

• لا يمكن أن يعيش أبناؤك بدون زملاء وأصدقاء، ولكل سن ما يناسبها، ومن هنا فعليك أن تبادر باختيار رفقة لأبنائك قبل أن يختاروا هم من ليس أهلاً لذلك، أو يختارهم من لا ترضى سلوكهم وأخلاقهم، وقد يكون من المناسب أن تتفق مع ابنك على رفقة تناسبه، بحيث يختارهم تحت إشرافك.

 

7. قرار صارم!!

قد يجد الأب أنه في وضع يحتاج إلى حلول جذرية وقرارات قوية، كأن يكون في بلد أو حارة يكثر فيها السفهاء، ويصعب عليه أن يمنع اختلاط أبنائه بهم، وبخاصة من يكثر غيابه عن البيت، فقد يجد أنه لا مناص له من الانتقال من الحارة أو البلدة إلى مكان يناسبه ويناسب أبناءه، وهو حلّ عملي، بل وشرعي والصعوبة في اتخاذ القرار، ولو فعل لوجد أن الأمر أسهل مما كان يتصور.

فكن قليل الكلام، كثير الفعل، حازماً دون قسوة، حليماً دون ضعف، جاداً دون جفاء.

 

8. فارغ؟!

الفراغ داء قاتل، وهو مفرخة لكثير من الأدواء، وسبب معظم المشكلات، فاشغل أولادك يكفونك شرّهم، أشغلهم بالمفيد، أو بالمباح، وقد تضطر إلى المكروه، ولكن لا يكن ذلك أصلاً، بل استثناء، فالإكثار من المباح يوقع في الحرام، فكيف بالمكروه، وإياك والغفلة والتشاغل.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply