واقع الطفولة المؤلم


  

بسم الله الرحمن الرحيم

إن واقع طفولتنا في البلاد العربية والإسلامية مع الأسف الشديد لا يبشر بالخير ولا يسرنا على جميع المستويات التعليمية والدينية والاجتماعية والأخلاقية والسلوكية والنفسية. فالعديد من الأطفال يعانون من مشاكل عويصة لا حصر لها، وعدد كبير منهم لا يستطيعون ولوج المدارس والمراكز التعليمية لسبب أو لآخر، ولذلك فلا غرابة أن تتفشى الأمية والجهل والخرافة في صفوفهم خصوصاً أطفال البوادي والأرياف والمناطق القروية البعيدة بالبلاد العربية والإسلامية، وهكذا أصيبت طفولتنا بالجنوح والانحراف والضياع والتسول والحرمان المادي والمعنوي، ولعل ظاهرة أطفال الشوارع تعكس الواقع المتدهور لطفولتنا العربية اليوم بحيث تتفشى في صفوفهم كل مظاهر البؤس والحرمان والتشرد، وتدفعهم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي يعيشونها إلى مزاولة حرف ومهن خطيرة كبيع السجائر والمخدرات بالتقسيط ومسح الأحذية.

 

إن تردي واقع طفولتنا العربية اليوم ناتج عن عوامل اقتصادية واجتماعية وتعليمية ودينية...ويمكن أن نحصرها فيما يلي باختصار:

- فقر الوالدين وعدم قدرتهما على تحمل مصاريف شراء الكتب واللوازم الدراسية وهذا يدفع الأطفال إلى العزوف والانقطاع المبكر عن الدراسة والتعلم، كما أن فقر الوالدين والبؤس والحرمان يدفع الأطفال إلى ولوج عالم الشغل مبكراً، من أجل كسب لقمة العيش.

 

- تفكك الأسر والعائلات بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية العويصة ثم شيوع ظاهرة الطلاق والانفصال بين الزوجين.

 

- جنوح الأطفال وانحرافهم ناتج عن فساد وسائل الإعلام وما تبثه من سموم وأفكار هدامة وصور خليعة وأفلام عنف.

 

- غياب الرقابة والتوجيه والتربية والنصح من طرف الوالدين والمعلمين والمربين يجعل الأطفال ينحرفون عن الحق وجادة الصواب.

 

- غياب أو تغييب التربية الإسلامية عن برامج التعليم ووسائل الإعلام لأن دورها عظيم في حماية ووقاية الأطفال من كل أشكال الانحراف.

 

- غياب أو قلة دور القرآن التي تعمل على تحفيظ الناشئة القرآن الكريم وتعليمهم مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والتي تحصنهم من الوقوع في براثن الانحراف والجنوح والتيه والضلال والزيغ.

 

إن الواقع المأساوي الذي تعيشه الطفولة العربية في الوقت الحاضر والمتمثل في الجنوح والانحراف والتسول والتشرد يتطلب من جميع أفراد وجماعات الأمة التعبئة والتعاون وتضافر الجهود من أجل إنقاذ الأطفال وحمايتهم، من كل أشكال الانحراف والضياع والتمزق. فالمسؤولية جسيمة ويتحملها الجميع بدون استثناء مصداقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». وهكذا فإن من واجب الأسرة والمدرسة والمجتمع ووسائل الإعلام المختلفة والجمعيات الثقافية والتربوية والدعوية والمؤسسات العمومية والخصوصية المعنية بقضايا الأسرة والطفولة العمل بجد وإخلاص من أجل تجاوز الواقع المأساوي الذي تعيشه الطفولة العربية اليوم.

ولا يتأتى ذلك إلا بتوفير الظروف الملائمة لاستقرار الأطفال وعيشهم من مأكل ومشرب ومأوى وتعليم وتربية وصحة وترفيه... فهذه الظروف الجيدة والملائمة كفيلة بضمان حياة أفضل للأطفال واستقرار تام وحمايتهم من كل انحراف أو جنوح أو تطرف، فهل تقوم الجهات المعنية بقضايا الطفولة والأسرة بواجبها تجاه الأطفال؟ وهل تضطلع الأسرة والمدرسة بالخصوص بمسؤوليات التعليم والتربية وحسن التوجيه والإرشاد وتوفير سبل العيش الكريمة للأطفال باعتبارهم شباب الغد ورجال المستقبل؟

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply