أرسل إلى نفسك هذه الرسالة الإيجابية: \"أنا وجدت نفسي، ولم أعد أحتاج لشخص آخر ليملأني، لأنني لم أعد فارغاً، فلقد وجدت الناس الجدد والظروف الجديدة جاءت إلى حياتي\".
ما الاعتماد على النفس؟
أن يستيقن الإنسان أنه هو وحده مسؤول عن أعماله وعن الواجبات الملقاة عليه، الدينية والدنيوية وأن نجاحه في هذه الحياة مرتبط بأداء هذه الواجبات بنفسه لا بواسطة غيره.
المسؤولية الفردية:
إن هذا الدين يعلمنا الاعتماد على النفس لأن المسؤولية يوم القيامة فردية، وسيقف كل إنسان وحده يسأل عما اقترفته يداه، ولا يسأل أحد سواه عن أعماله التي قام بها، وتجرى محاورات كثيرة يوم القيامة بين من يلقون المسؤولية على غيرهم في ضلالهم بالرغم من الحرية التي منحها الله لهم في الاختيار، وبين من عرضوا عليهم الضلال، ومن هذه الحوارات ما ذكره الله - تعالى - في سورة سبأ، بقوله - تعالى - عنهم.
ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين (31) قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين (32) (سبأ).
ربما ظن أولئك الفاشلون أنهم يستطيعون النجاة من العذاب بإلقاء المسؤولية على الذين اتبعوهم، كعادتهم في الدنيا بالتهرب الدائم من تحمل المسؤولية، ولكن المستكبرين يذكرونهم بحقيقة الحرية التي منحها الله لهم، وتخليهم عن تلك الحرية.
كل نفس بما كسبت رهينة:
يقول - تعالى -: \"كل نفس بما كسبت رهينة 38 \" (المدثر).
يقول الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره \"كل نفس بما عملت في الدنيا رهينة في جهنم\". (1)
يقول سيد قطب معلقاً: \"فكل فرد يحمل هم نفسه وتبعتها، ويضع نفسه حيث شاء أن يضعها، يتقدم بها أو يتأخر، ويكرمها أو يهينها، فهي رهينة بما تكسب، مقيدة بما تفعل. وقد بين الله للنفوس طريقه لتسلك إليه على بصيرة\". (4)
الاعتماد على النفس فطرة:
إن من طبيعة الطفل في بداية عمره وفطرته التي فطره الله عليها الاعتماد على النفس، وهذا ليس في الطفل من بني آدم، بل في كل الصغار من بقية المخلوقات، فأنت تشاهد تكالب الطفل على الأكل بيده دون مساعدة أبويه، ورفضه التناول من أيدي الآخرين، ولكن البيئة التي حوله هي التي تقتل فيه هذه الفطرة، فيتعود على هذا النمط من الاعتمادية في حياته حتى البلوغ، ويكون بعد ذلك أحد الملايين الذين يعتمدون على غيرهم، فيتعثرون في حياتهم ويكون الفشل هو الملازم لهم على الدوام. إن النجاح في هذه الحياة له سنن، ومن أبرزها الاعتماد على النفس، ولذلك لا ترى ناجحاً إلا وتكون صفة الاعتماد على النفس بارزة فيه.
تجربة عملية:
كتب أحد العلماء تجربة فريدة، حيث رأى حشرة في شرنقتها تحاول تمزيق الشرنقة فمد يده لمساعدتها على تمزيق الشرنقة، فما كان منها إلا أن ماتت عندما خرجت منها. وكأن حركات أيديها وأرجلها لتمزيق الشرنقة هي القوة التي تحتاجها لتبدأ حياتها بقوة على هذه الأرض.
ولئن ماتت هذه الحشرة بسبب مد يد العون لها في عملٍ, كان من المفروض أن تقوم هي به، فإن أطفالنا تموت فيهم الهمم والإبداع والتألق، والتميز والانطلاق عندما نقوم عنهم بما يفترض أن يقوموا هم به.
إن الآباء والأمهات الذين يدركون أهمية الاعتماد على النفس يتركون مساحة كبيرة لأبنائهم منذ السنين الأولى من حياتهم، للاعتماد على النفس في كل شيء، مع شيء من المراقبة والمتابعة والنصح والإرشاد ليقوى عودهم.
ما حك جلدك مثل ظفرك:
إنه من أفضل الأمثلة العربية على الإطلاق، لأنه أحد الأسس البارزة للنجاح في هذه الحياة، وهو أحد السمات الرئيسة للناجحين.
ويعني: أنه لا يمكن لأحد أن يقوم بعملك مثلما تريد إلا نفسك.
عزة وكرامة:
إن الذين لا يعتمدون على أنفسهم يعرضونها للمهانة والمذلة، فهذا يرفض طلبهم، وهذا يستهزئ بقدراتهم، وهذا يطردهم، بينما كان بالإمكان أن يصونوا أنفسهم من كل هذا الكم من المذلة والمهانة عندما يقومون بعملهم بأنفسهم.
للنتيجة طعم خاص:
مهما كانت النتيجة رائعة للعمل الذي قام به الغير، تبقى من غير طعم، وليس بها ذلك الطعم الخاص الذي ينتج عن عمل الإنسان بنفسه، وإن كانت النتيجة ليست على ما يرام، ولكنه الافتخار والفرح بالإحساس بالقدرة على فعل الشيء.
ـــــــــــــــــــــ
الهامش:
(1) مختصر تفسير الطبري 2-500.
(2) في ظلال القرآن 6-3761 دار الشروق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
اهلا
19:17:36 2021-04-01