محاذير استخدام الضرب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

وهنا لا بد من التوقف قليلاً عند موضوع الضرب كأسلوب من أساليب العقاب يتم اللجوء إليه في أحيان كثيرة، حتى دون الإقرار بذلك علناً، فمحاذير الضرب كثيرة، أخطرها أنه قد يحول الطفل، في حال استخدامه بكثرة، إما إلى خاضع ذي شخصية مستسلمة وضعيفة، وإما إلى متمرد مشاكس لا يأبه بالنظام وبالقوانين. وكلما استغرقنا في استخدام الضرب، بات بلا جدوى، لأن الطفل يعتاد عليه، ولا يتوجس منه خيفة. وهذا سيضطرنا بلا شك إلى المزيد من جرعات الضرب التي ستحول المربي أو الأستاذ إلى ما يشبه الجلاد، والطالب إلى ضحية تنتظر تنفيذ العقاب بها...

 

والضرب من ناحية ثانية يجب أن يبقى بعيداً عن متناول الأيدي، أي أننا في الوقت الذي نعترف فيه بالحاجة إلى اللجوء إليه نشترط ألا يتم ذلك إلا في حالات محددة، ليبقى أكثر فاعلية وتأثيراً. كما تجب الإشارة إلى أن استخدام الضرب كعقاب حتى في حالات محددة ومقيدة، ينبغي أن يختفي تدريجاً كلما اقترب الولد من سن البلوغ، بحيث يختفي تماماً مع وصوله إلى هذه السن، وهذه قاعدة عامة ينبغي اعتمادها إلا فيما ندر من استثناءات تتم دراستها وفقاً لكل حالة على حدة.

 

والخطورة الأخرى في شيوع استخدام الضرب، خصوصاً مع بدايات مرحلة البلوغ، إنه يجعلنا ننـزلق إلى مواجهة وتحدٍ, بيننا وبين هذا الشاب أو تلك الفتاة، لن تكون نتائجها في مصلحتنا أو في مصلحة الهدف التربوي الذي ننشده، لأن مثل هذه المواجهة تجعلنا نخسر المكانة المطلوبة من الاحترام لدى هذا الشاب أو تلك الفتاة، كما تحوّلنا تلك المواجهة إلى شخصين متساويين من حيث الغضب والانفعال... وهذا كله يتنافى مع ما يفرضه سلوك المربي من حكمة واتزان واستيعاب لتصرفات الآخر الأصغر سناً...

 

إن أهم أهداف التربية هو بناء الشخصية الإنسانية. وبناءً على ذلك يجب أن تكون كل الأساليب التي نستخدمها في الثواب أو العقاب في خدمة هذا البناء، وإذا أدى أي منها إلى إيذاء الشخصية أو إلى تحطيمها فهذا يعني أن التربية فقدت أهدافها.

 

ولهذا السبب تصبو كل التقنيات التربوية، ووسائل الإيضاح وسواها من أنشطة إلى توفير الفرص لتفتح قدرات الطفل العقلية والجسدية.. وهذا يعني في نهاية الأمر خضوع الثواب والعقاب لما سميناه مفاهيمنا عن الإنسان وعن حقوقه وعن وظيفته في هذه الحياة... ولا يمكن أن يُمارس هذان الأمران بعيداً عن تلك الأهداف والمفاهيم. وهذا يحتاج بلا شك إلى إدراك واسع وإلى خطة واضحة وإلى الصبر والتحمل...

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply