أولاً: أهداف الترويح في العصر النبوي:
إن مما ينبغي ملاحظته في المناشط الترويحية التي كانت تزاول في المجتمع الإسلامي الأول، أنها كانت تستهدف في غايتها النهائية عددًا من المقاصد الأخروية والأهداف الدنيوية، ولم تكن هذه الممارسات الترويحية بهدف الترويح فحسب، بل يصاحب ذلك أهداف سامية أخرى، ومن ذلك:
أ) تربية أفراد المجتمع المسلم على الجد، وتهيئتهم لخدمة الإسلام من خلال ممارسة المناشط الترويحية، مثل: التدرب على المنازلة في الحرب، والرمي، وركوب الخيل، وهذا واضح في الحديث الذي أخرجه مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بالخيل التي قد أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع. وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وكان ابن عمر فيمن سابق بها)(1).
وكذلك في الحديث الذي يرويه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو على المنبر- يقول: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي). قال النووي - رحمه الله -: (وفي الحديث فضيلة الرمي والمناضلة، والاعتناء بذلك بنية الجهاد في سبيل الله - تعالى -، والمراد بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذق فيه، ورياضة الأعضاء)(2).
ب) التودد إلى أفراد المجتمع المسلم، وتحبيبهم في الإسلام، كما في مشاركته - صلى الله عليه وسلم - مع بعض أصحابه - رضي الله عنهم - في الرمي بالنبال، ففي الحديث الذي يرويه سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق، فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا، وأنا مع بني فلان -لأحد الفريقين- فأمسكوا بأيديهم، فقال: ما لهم ? قالوا: وكيف نرمي وأنت مع بني فلان ? قال: ارموا وأنا معكم كلكم)(3).
جـ) العمل على تحقيق الترابط الأسري وتقويته، والتحبب إلى الزوجة، ومصداق ذلك ما ورد في مسابقته - صلى الله عليه وسلم - لزوجه عائشة - رضي الله عنها -.. فعنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فنزلنا منزلاً، فقال لها: تعالي حتى أسابقك، قالت: فسابقته فسبقته. وخرجت معه بعد ذلك في سفر آخر فنزلنا منزلاً، فقال: تعالي حتى أسابقك، قالت: فسبقني، فضرب بين كتفي، وقال: هذه بتيك)(4). وفي الحديث الذي أخرجه الدارمي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمي الرجل بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق)(5).
د) إعداد الإنسان المؤمن القوي بدنيًا ونفسيًا واجتماعيًا، وذلك تحقيقًا لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير... )(6).
هـ) إظهار الفسحة في الدين، وإبراز محاسن الإسلام وسماحته وتيسيره في مراعاة النفس واستعداداتها، ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند، أن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: إنها كانت تلعب بالبنات، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي بصواحبي يلعبن معي، وقالت - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ: لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة)(7).
و) إزالة ما قد يعتري المسلم من هم في هذه الحياة الدنيا، ففي الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما على أحدكم إذا ألح به همه أن يتقلد قوسه فينفي به همه)(8). والحديث يفيد اتخاذ ما يزيل الهم بوسيلة من وسائل الترويح المشروعة كتقلد القوس.
ومما يــؤكد خيـريــة الهــدف من وراء مـزاولة الترويح في عــصر الصحابة - رضي الله عنهم -، أنه لم ينــقل وقــوع اختــلاف أو تشاحن بينهم أثناء الممــارسات الترويحيــة التي كانوا يقومون بها أو بعدها.
ومن هنا ينبغي للمسلم استحضار هذه الأهداف عند العزم على ممارسة أي جانب من جوانب الترويح، أو حين ممارسته للترويح بشتى أنواعه المشروعة، ولا بد من استصحاب النية الصالحة التي من خلالها يطلب الاقتداء بهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام عليهم رضوان الله، لينال بذلك الأجر في الآخرة والمنفعة الدنيوية، ففي الحديث المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى... )(9).
ثانيًا: نماذج من الترويح في العصر النبوي:
تقدم الحديث عن أن معظم الكتب التي تناولت الترويح في وقتنا المعاصر لم تعن بذكر الأنشطة الترويحية التي كان يمارسها أفراد المجتمع المسلم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكأن مجتمع الصحابة خال من الممارسات الترويحية، في حين تشير العديد من المواقف والحوادث إلى وجود مثل هذه الممارسات الترويحية في المجتمع الإسلامي الأول.
وليس هذا فحسب، بل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمارس بعض الأنشطة الترويحية مع زوجه، ومع الأطفال، ومع عامة الصحابة رضوان الله عليهم، كما كان يحث على ممارسة بعضها الآخر، وينظم بعض الأنشطة الترويحية بنفسه.. وسنعرض نماذج من الممارسات الترويحية التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته رضوان الله عليهم يزاولونها في حياتهم اليومية.
وما ذكرت هنا إلا ليعلم وجودها من جانب، وليعلم أن هذا الإسلام شامل بتعاليمه كافة جوانب الإنسان المسلم، فلقد تعددت المناشط الترويحية التي كانت تمارس في المجتمع الأول، ومنها ما يلي:
أ- المسابقة بالأقدام:
وهي رياضة بدنية منشطة للجسم بشكل عام، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسابق بعض أصحابه، كما سابق زوجه عائشة - رضي الله عنها -، وشجع على ممارسة هذا النشاط الترويحي بين الصحابة، فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فنزلنا منزلاً، فقال: تعالي حتى أسابقك... إلخ الحديث(10).
ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - ينظم مثل هذه المسابقة بالأقدام بين الأطفال، ففي الحديث أن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصف عبد الله وعبيد الله وكثيرًا من بني العباس، ثم يقول: من سبق إليّ فله كذا وكذا، قال: فيتسابقون إليه، فيقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلزمُهُم)(11).
وكانت المسابقـة بالأقــدام أمــرًا معتادًا بين الصحابة - رضي الله عنهم -، فعندما قفل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من غزوة تبوك، قالت الأنصار: السباق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن شئتم (12). فكأن الأنصار يستأذنون النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسابقة فيما بينهم، وأذن لهم كما جاء في حديث سلمة بن الأكوع في قصة رجوعهم أنه قال: (... وكــان رجــل من الأنصــار لا يُســبق شدًّا، قال: فجعل يقــول: ألا مسابق إلى المدينة ? هل من مسابق ? فجعل يعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه قــلت: أما تُكــرِم كــريمًا ولا تَهابُ شريفًا، قال: لا، إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل، قال: إن شئت، قال: قلت: اذهَب إليك، وثنيتُ ِرجلَيَّ فَطَفَرتُ فعدوت... فسبقته إلى المدينة)(13).
وعند البيهقي - رحمه الله - أن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -، قال: سابقني عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسبقته، فقلت: سبقتك ورب الكعبة، ثم سبقني فقــال: وسبقــتك ورب الكعبة... )(14).
ب- الفروسية والمسابقة بالإبل:
ومن ذلك عقد السباق بين الخيل، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ينظم ذلك بنفسه، فلقـد ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بالخيل التي أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع -والمسافة بينها من ستة إلى سبعة أميال- وسابق بين الخيل التي لم تُضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق -وكانت بينها ميلاً أو نحوه- وكان ابن عمر فيمن سابق بها(15)، وكان - صلى الله عليه وسلم - يعطي السابق في مثل هذه المسابقات جائزة على فوزه، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد، أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: (سبّق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل وأعطى السابق)(16).
كما سابق الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإبل، فعند البخاري أن أنسًا رضي الله عنه قال: (كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة تسمى العَضباء لا تُسبق، فجاء أعرابي على قعود فسبقها، فشق على المسلمين، فلما رأى ما في وجوههم، قالوا: يا رسول الله سُبقت العضباء، قال: إن حقًا على الله أن لا يرتفع من الدنيا شيء إلا وضعه)(17). وفي ذلك التصرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التواضع الجم، والأدب الرفيع، ولا غرو في ذلك فهو القدوة في الأخلاق والسلوك - عليه الصلاة والسلام -.
وهذه المسابقات على الخيل والإبل مما شاع وكثرت ممارسته في عهده - صلى الله عليه وسلم - وبين الصحابة رضـــوان الله عليــهم، فــقد روى ابن أبي شــيبة أنهم كــانوا يســابقون على الخيــل والـركــاب وعلى أقدامهم(18).
جـ- المصارعة:
وهي من أشهر أنواع الرياضة البدنية في الإسلام، ولقد كانت تمارس من قبل أفراد المجتمع في الجاهلية، وكانت حلبة المصارعة تحتل جانبًا من جوانب سوق عكاظ، الذي كانت قبائل العرب تقيمه كل عام، ويعد أكبر سوق يتجمعون فيه سنويًا. ولقد بلغ ولوع العرب بالمصارعة أن كانوا يتجمعون لمشاهدتها في أسواقهم السنوية، وكان من أشهر المصارعين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل إسلامه(19).. فجاء الإسلام وأقر هذه الممارسة الترويحية بين أفراد المجتمع، بعد أن هذب أساليبها واستبعد منها ما لا يليق.
فلم تكن المصارعة فيما سبق على الصورة الحالية وما تحمله من وحشية وتجاوز أخلاقي وسلوكي. ولقد مارس النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الرياضة، ففي سنن أبي داود (أن رُكانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم -)(20). وكان ذلك الموقف سببًا في إسلام ركانة رضي الله عنه(21).
ولقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صارع أفرادًا آخرين غير ركانة منهم: أبو الأسود الجمحي، وكان شديدًا قويًا.. كما كان صغار الصحابة رضوان الله عليهم يتصارعون فيما بينهم، فقد صارع الحسنُ الحسينَ - رضي الله عنهما - بمرأى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(22).
د- الرمي:
ويكون بالسهام، وهذا الأمر يعد من أكثر الألعاب التي كان شباب الصحابة وشيوخهم يمارسونها، ويحثون على تعلمها، وكيف لا يكون ذلك والرسول - صلى الله عليه وسلم - مارسها وحث على تعلمها، بل وحذر مَن تعلّمها ونَسِيَها بالإثم، ففي الحديث الذي يرويه سلمة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على قوم من أسلم يتناضلون بالسوق، فقال: ارموا بني إسماعيل... إلخ الحديــث(23)، وفي الحديــث الآخـــر أن رســول الــله - صلى الله عليه وسلم - قــال: (من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا)(24).
وكتب عمر الفــاروق رضي الله عنه إلى أبي عبيـــدة عـامر ابن الجراح رضي الله عنه: (أن علموا غلمانكم العوم، ومقاتلتكم الرمي)(25)، وروى الهيثمي (أن أنسًا كان يجلس ويطرح له فراش ويجلس عليه، ويرمي ولدُه بين يديه، فخرج يومًا وهم يرمون، فقال: يا بني بئس ما ترمون، ثم أخذ القوس فرمى فما أخطأ القرطاس)(26). وقال مصعب بن سعــد رضــي الله عنه: كان سعد بن أبي وقاص يقول: (عليكم بالرمي فإنه خير لهوكم)(27).
هـ- السباحة:
وهذا نوع آخر من الممارسات الترويحية، التي كانت موجودة في العصر الإسلامي الأول، ولقد بلغت العناية بها لدى عامة المسلمين مبلغًا كبيرًا، وورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (كل شيء ليس من ذكر فهو لغو ولهو أو سهو، إلا من أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة)(28). وهذا الفاروق يوصي عماله بتعليم أولادهم السباحة (العوم)، فكتب إلى أمير الشام (... وعلموا صبيانكم الكتابة والسباحة).
وكانت العرب في الجاهلية وأول الإسلام تطلق لقب (الكامل) على من يحسن الكتابة والعوم والرمي. وقد اجتمعت هذه الخصال في أسيد بن حضير وسعد بن عبادة - رضي الله عنهما -.
ولقد ألف السيوطي - رحمه الله -، وهو من علماء القرن التاسع الهجري، كتابًا في فضل السباحة جمع فيه الآثار التي وردت في فضل السباحة والحث عليها.
كما أورد السيوطي - رحمه الله - حديثين يؤكد فيهما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سبح بنفسه، فيذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل هو وأصحابه غديرًا فقال: (ليسبح كل رجل إلى صاحبه، فسبح كل رجل منهم إلى صاحبه، حتى بقي رسول الله وأبو بكر فسبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر حتى اعتنقه، وقال: لو كنت متخذًا خليلاً حتى ألقى الله لاتخـــذت أبا بكر خليــلاً، ولكن صاحبي)(29). والحديث الآخر الذي يــرويه السيــوطي قوله - صلى الله عليه وسلم -: (... ههـنا نزلت بي أمي، وأحسنت العــوم في بئر بـني عدي بن النجار)(30).
و- حمل الأثقال:
وهذه الرياضة لها دور كبير في تقوية عضلات الساقين واليدين والفخذين والبطن، ولم ينكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على من يمارس هذا المنشط الترويحي لما فيه من جوانب ترويحية وإجمام للنفس، إضافة إلى دورها في تقوية البدن لملاقاة الأعداء ومنازلتهم. ولقد رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبابًا يرفعون حجرًا ليروا الأشد منهم، فلم ينكر عليهم(31). ومن المعلوم -أن عدم إنكاره - صلى الله عليه وسلم - عليهم فيه إقرار على ما كانوا يفعلونه، ولو كان في ذلك محذور شرعي لنهاهم - عليه الصلاة والسلام -.
كما ورد في الخبر أن ابن عباس - رضي الله عنهما - مر بقوم يرفعون حجرًا ولم ينكر عليهم، فبعد أن مر بهم قال: ما شأنهم ? فقيل له: ينظرون أيهم أقوى، فقال ابن عباس: عمال الله أقوى من هؤلاء (32).
ز- وسائل ترويحية أُخَر:
وهي عديدة مثل: اللعب بالرماح والحراب، فعن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه، وأنا أنــظر إلى الحبـــشة يلعبـــون في المســـجد حتى أكون أنا الذي أســـأم، فاقدروا قدر الجــارية الحــديثــة السـن، الحريصة على اللهو)(33).
ومن الوسائل الترويحية كذلك: الصيد بالرماح والسهام، والصيد بالطيور والكلاب المعلمة وهذه للكبار خاصة.
حـ- ألعاب خاصة بالأطفال:
مثل المراجيح، فعند الإمام أحمد في المسـند أن عـائشة - رضي الله عنها - قالت: (تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوفى خديجة، قبل مخرجه إلى المدينة بسنتين أو ثلاث وأنا بنت سبع سنين، فلما قدمنا المدينة جاءتني نسوة وأنا ألعب في أرجوحة وأنا مجممة، فـذهـبن بي فهيأنني وصنعـنني، ثم أتين بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبنى\' بي وأنا بنت تسع سنين)(34).
ومن ألعاب الأطفال كذلك اللعب بالبنات (العرائس) فعن عائشة أنها قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله إذا دخل يَتَقَمَّعن منه، فيُسرِّبُهن إليّ فليعبن معي)(35).
وعند أبي داود أن عائشة قالت: (قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة (لُعَب)، فقال: ما هذا يا عائشة ? قالت: بناتي.. ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع، فقــال: ما هذا الذي أرى وسطهن ? قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عــليــه ? قـالت: جنـاحــان، قال: فرس له جنــاحــان! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه)(36).
ومن الألعاب الخاصة بالأطفال كذلك: المطاردة، التدبيج، القفز، الراية، الزحلوقة، الكرة، وفيها أنواع عديدة منها ما يشبه كرة القدم، الغميضاء(37).
ولا شك أن ما ذكر من مناشط ترويحية تعد أصولاً للترويح، ويمكن أن ينبثق من كل منشط العشرات من الألعاب والمسابقات بأشكال وأنواع مختلفة تتناسب والوسائل الحديثة في وقتـنا المعـاصر، طـالمــا كانت منضـبطة بالضـوابط الشرعية التي تقدمت الإشارة إليها. وهذا ما تم بالفعل، حيث واصل المسلمون تطوير الكثير من هذه الممارسات الترويحية وفق تطور كل عصر يعيشونه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد