ضعف القدرة على إيجاد البدائل الإسلامية المناسبة:
هذا خلل ثالث وقع فيه المسلمون وازدادوا بسبب ذلك تخبطا فوق تخبطهم.
فبعد هذا التطور الكبير والثورة الصناعية أصبح المجتمع الإسلامي مجتمعا مستهلكا أكثر من كونه منتجا وبالتالي دخل في مجال التبعية بشتى أشكالها وأنواعها ومن المعروف أن الاقتصاد هو الذي يحدد كثيرا من سياسات الدول.
والمسلمون لن يخرجوا من هذه التبعية إلا إذا استطاعوا أن يلغوا هذه التبعية بشتى أنواعها وذلك عن طريق إيجاد البدائل الإسلامية المناسبة وفي كل المجالات.
فمن الميزات الكثيرة التي يتمتع بها الإسلام أنه لم يأت على مشكلة إلا ويفندها ويضع لها الحلول فهو لم يكتف بطرح المشكلة فقط بل كان له في معالجة المشكلة خطوات مهمة
1- التعريف بالمشكلة وأبعادها. 2- تفنيد هذه المشكلة ومسبباتها. 3- طرح الحل والبديل المناسب لهذه المشكلة.
والخطأ الكبير الذي وقع به المسلمون أنهم كانوا يعرضون المشكلة دون التطرق إلى أسبابها المختلفة ودون التطرق إلى البديل المناسب لهذا الأمر أو ذاك. والإسلام علمنا أن نتعامل مع كل مشكلة تطرأ على أساس من المناقشة والحوار لإيجاد بديل مناسب وحل مناسب لهذه المشكلة فمثلا الرسول الكريم - عليه السلام - عندما جاءه رجل يشكو الفقر تعامل مع هذا الأمر على أنه مشكلة لابد لها من حل وليس مجرد إنسان يحتاج إلى قوت يقوته
نظر فوجد أن مشكلة الفقر لا تحل إلا بتضافر عوامل وهي:
نية الرجل للعمل ووجود أداة يعمل بها وفترة زمنية.
وبهذه النظرة النبوية أوجد النبي - عليه السلام - حلا لهذه المشكلة ولم يكتف بطرح المشكلة.
إن عدم قدرة المسلمين على إيجاد البدائل الإسلامية أفرز أخطاء كثيرة وكثيرة ما زلنا نعاني منها حتى الآن منها:
1- استمرار الفقر في المجتمع المسلم: مع أن الإسلام وعد بالغنى فأخبرنا بأنه ستفتح عليكم كنوز كسرى وحث على العمل في مواضع كثيرة كقوله - عليه السلام - \"اليد العليا خير من اليد السفلى\" لكن المجتمع المسلم ما زال يعاني من الفقر وذلك لأسباب عديدة منها عدم القدرة على إيجاد بدائل وآليات جديدة.
فمن ذلك مثلا الزكاة فالزكاة كفيلة بالقضاء على الفقر في المجتمع المسلم لو أنها وزعت بآليات جديدة غير الآليات السلبية التي توزع بها اليوم فمن الخطأ في آليات توزيع الزكاة هو تفتيت الكمية الكبيرة من الزكاة إلى أجزاء صغيرة بحيث تضيع قيمتها الاقتصادية والشرائية وبالتالي فالإنسان الفقير الآخذ للزكاة لن تقيم هذه الزكاة أوده إلا أياما معدودة ويقعد كامل العام وهو لا يدري ما يفعل وأفضل الحلول أن يجتمع عدد من التجار في محلة واحدة وأن يجمعوا زكاتهم ويعطوها لشخص واحد على أن يقوم هذا الشخص بتنميتها وبالنتيجة يصبح هذا الشخص قادرا على دفع الزكاة بعد عامين على الأقل إن الدراسة الإحصائية والاقتصادية لمثل هذا الأمر ستؤدي إلى تخفيف نسبة الفقر من 10% إلى حاولي 50 % خلال عشر سنوات.
2- إدخال قوانين أجنبية إلى البلاد الإسلامية:
لقد ظلم كثير من المسلمين الإسلام بعبارات عديدة وكثيرة ومن هذه العبارات التي لاقت رواجا عبارة إغلاق باب الاجتهاد
وهي أخطر كلمة جابهت المسلمين حيث إن هذه الكلمة تعني \" أننا نحن المسلمين غير قادرين على إيجاد الحلول للمشاكل الجديدة وعلى غيرنا أن يقوم بحلها \"
وهذا ما جعل كثيرا من القوانين الأجنبية تدخل البلاد الإسلامية
ومن ذلك ما حصل في الدولة العثمانية حيث استنجد السلطان العثماني بأشياخ السلطنة لحل بعض المشاكل العالقة في أراضي السلطنة لكن أشياخ السلطنة كانوا قد تشددوا في المذهب الحنفي ولم يرضوا أن ينتقلوا إلى اجتهاد آخر مما جعل السلطان يغضب ويطلب من خبراء فرنسيين حل هذه المشكلة بقانون فرنسي ما زال يعمل به حتى الآن في بعض البلاد الإسلامية.
وبالتالي فإن أصعب ما يواجهه المسلمون اليوم هو عدم القدرة على إيجاد بدائل مختلفة إسلامية لحل كثير من المشاكل.
3 - الفشل في التربية:
وهذه طامة أخرى وقع بها المسلمون نتيجة عدم وجود البدائل الإسلامية المناسبة
فبدلا من أن تكون تربيتنا لأولادنا نابعة من الإسلام ولها هدف إسلامي واضح تركنا تربيتهم للظروف المحيطة وللعوامل المختلفة الواردة علينا من شتى أقطار العالم
وأبسط مثال على ذلك هو هذا الكم الهائل من الرسوم المتحركة التي يشاهدها أطفالنا و التي قد صنعت بأيد غربية وربما حاقدة على الإسلام ونتيجة لهذا الأمر تجد كثيرا من التصرفات التي يتصرفها الأطفال عن تقليد لهذه الأفلام المتحركة تخالف معتقداتنا السمحة وربما لا ينتبه كثير من الآباء لهذا الأمر مع العلم أن الطفل يشكل 70% من معارفه وأساسياته خلال السنوات السبع الأولى من عمره
ولعل هناك مشاكل كثيرة في هذا الباب لم نأت على ذكرها لكن الذي يجب أن نعلمه هو أن إيجاد البدائل الإسلامية مهمة كل مسلم على المستوى الفردي والجماعي وإننا إذا لم نحقق هذه البدائل المختلفة فسنبقى في ظل التبعية وينطبق علينا قوله - عليه السلام -: \" لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه \" البخاري
والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد