القرآن الكريم ليس كتاب أدب، والحديث الشريف ليس نصوص نثر، لكن فيهما أعظم مادة للبلاغة والأدب، والتلقي عنهما أصله للهداية وتطبيق الأحكام،ولواحقه تشمل التأمل في أعجاز القرآن البياني،وفصاحة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومنها ينطلق المرء إلي الآفاق الواسعة للأدب نثراً وشعراً.
وكتب المختارات والمنوعات الأدبية تشكل زاداً طيباً لطالب الأدب، إذ تجمع بين الحكمة والطرفة، وبين المثل والقصة، وبين الشعر والنثر، فلا يمل القارئ منها،كما أنها في الغالب تعميد علي اختيار الأجود، وانتقاء الأبلغ، وتضم بين دفتيها الأبيات السائرة، والنصوص المتداولة،التي أخرجتها قرائح المشاهير، وسطرتها أقلام المبدعين، ولذاº فإنني أرشح لشباب الصحوة أن ينتفعوا من هذا النوع من الكتب ولعلي أسهل لهم الأمر وأذكر بعضاً منها فمن القديم:
(1) ديوان المعاني\"لأبى هلال العسكري\".
(2) لباب الآداب\"للأمير أسامة بن منقذ\".
(3) زهر الآداب وثمر الألباب \"للحصري القيرواني\".
ومن الكتب المعاصرة:
(1) مختارات البارودى
(2) جواهر الأدب \"للهاشمي\".
(3) مختارات من الأدب العربي \"لأبى الحسن الندوي\".
وهناك مادة أدبية غزيرة في دوواين فحول الشعراء ولعل من أشهرهم \"جرير\"، ومن أبلغهم \"المتنبي\"، ومن أرقهم \"بشار بن برد\"، وربما كان في لغة المتقدمين بعض الصعوبة ولكن فيها عذوبة، وقد برع في الأدب نوابغ من المتأخرين ينتفع بهم كثيرا الآن في كتابتهم يسراً وسهولة مع الطلاوة والحلاوة، ومنهم:
المنفلوطي في \"عبراته\" ومترجماته، والطنطاوي في \"صوره وخواطره\" ،ومع \"رجال التاريخ وقصصه\"، وأجمل من كل ذلك \"ذكرياته\" التي أطال فيها نفسه، وجود أدبه، ثم الفيلسوف الأديب صاحب النظر الثاقب، والأساليب المبتكرة الذي دافع عن الإسلام والعروبة، إنه \"الرافعي\" الذي أجاد في\"وحي القلم\" ونثر العطر في \"أوراق الورد\" واستمطر المشاعر من\"السحاب الأحمر\"وأرسل الشكوى في\"حديث القمر\".. فكان آية في البيان على صعوبة في بعض أساليبه، وغرابة في بعض تراكيبه، والقراءة لهؤلاء وأمثالهم من الكتاب متعة تكسب الصنعة.
وفي الشعر هناك الدواوين الحديثة التي جمع أزهارها وضم روائعها كتاب\"شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث\"، ولا ننسى القصص والروايات ومن فرسانها\"باكثير\"و\"الكيلاني\"وغيرهما.
ولا أزعم أنني قادر على أن أكتب في مقالة محدودة منهجاً متكاملاً وإنما هي ومضات ومؤشرات أردت منها لفت النظر إلي وجود القصور لدى كثير من شباب الصحوة في الفصاحة والبيان، وأهمية معالجة ذلك وتلافيه لما له من إيجابيات أبرزها بث الفكرة الإسلامية عبر القوالب الأدبيةº لتكون أكثر شيوعاً وقبولاً، وأختم بتمثيل للتوضيح والتقريب، فلو أن متحدثاً- مثلاً - أراد أن يتحدث عن أحوال المسلمين في البوسنة والهرسك، ولم يكن فصيح اللسان قوي البيان فإن تأثيره على السامعين سيكون محدوداً، ولا يمكن أن يقارن مثلاً بتصوير القضية نفسها عبر قصيدة عصماء للدكتور عبد الرحمن بارود\"أو\"أبي هلالة\"أو\"الدكتور عبد الرحمن العشماوي\" ومما لا شك أن الفرق شاسع كما بين الثرى والثريا، وتقرير قضية الحجاب ومنع الاختلاط والآثار السيئة للتبرج والسفور في محاضرة أو خطبة مؤثر ومحمود ولكن أبلغ منه أثراً وأكثر انتشاراً معالجة ذلك في قصة رائعة تصور الواقع بقلم إسلامي كما في\"ثورة النساء\"،أو\"حديث الشيخ\"أو مقالة الرافعي الفريدة بعنوان: \"الربيطة\" في كتابه \"السحاب الأحمر\" أو مقالات وقصص الطنطاوي المتفرقة وخاصة مقالتا\"يا بنتي\"و\"يا ابني\"..
ولنعلم أن المزج بين التقرير العلمي والأسلوب الأدبي له فاعلية أكبر في قوة الدعوة ودعم الصحوة وحصول القبول،ولذا أكرر وأنادي قائلاً: تعلموا الأدب..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد