أظن أني لست في حاجة إلى التعريف بأسماء - رضي الله عنها -, فهي ابنة الصديق وزوج حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأم عبدالله بن الزبير, وهي أيضاً ذات النطاقين.
ترجم لها الذهبي في السير ( مج 2 ص 288 ) فقال: \" والدة الخليفة عبدالله بن الزبير, وأخت أم المؤمنين عائشة, وآخر المهاجرات وفاةً.
روت عدة أحاديث, وعمرت دهراً. وتعرف بذات النطاقين, شهدت اليرموك مع زوجها الزبير.\"
وأظن كذلك أني لن أتكبد الصعاب للتعريف بالحجاج, فهو قد سجل أسمه رسمياً في سجل الظالمين, وأمره إلى الله.
قال الذهبي في السير ( مج 4 ص 343 ) مترجماً له:
\" أهلكه الله في رمضان سنة خمس وتسعين كهلاً, وكان ظلوماً, جباراً, ناصبياً, خبيثاً, سفاكاً للدماء.... إلى أن قال: فنسبه ولا نحبه, بل نبغضه في الله. فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.
وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه. وأمره إلى الله. وله توحيد في الجملة, ونُظراء من ظلمة الجبابرة والأمراء\".
أورد الذهبي في السير ( مج 2 ص 288 ) ما نصه:
\" لما قتل الحجاج ابن الزبير, دخل على أسماء وقال لها: يا أُمَّه, إن أمير المؤمنين وصاني بك, فهل لك من حاجة؟ فقالت: لست لك بأم, ولكني أُمٌّ المصلوب على رأس الثَّنيَّة, وما لي من حاجة, ولكني أحدثك: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: \" يخرج في ثقيف كذاب ومبير \". فأما الكذاب فقد رأيناه - تعني المختار - وأما المبير, فأنت \".
وجاء في بعض السير أنها قالت: \" إن كنت قد أفسدت عليه دنياه, فقد أفسد عليك آخرتك \".
وذكر الذهبي كذلك ( مج2 ص288):\" قال ابن عمر لأسماء حين صلب ابن الزبير: إن هذه الجثث ليست بشيء, وإنما الأرواح عند الله, فاتقي الله واصبري.
فقالت: وما يمنعني, وقد أُهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل \".
ولنا وقفات مع هذه الأقوال:-
1- أهمية دور المرأة في الإسلام, ودورها الفعال في بناء الأجيال وتربية الأبطال.
فالمرأة هي أم العالم والمجاهد والداعية والطبيب والمهندس. ولنا في أسماء أسوة حسنة, فقد كانت سنداً للدعوة منذ نعومة أظفارها إلى أن شاب رأسها.
فهل نعي هذا الكلام, ونقوم بدورنا الحقيقي في المجتمع, فكم من فتاة فتح الله عليها في الدعوة, ونشر الله على يديها الخير الكثير.
فكوني أخيتي في الله شمعة تضيء الطريق للأخرين, تكونين يوم القيامة من أصحاب اليمين, بل عسى أن تكوني من المقربين.
2- ما قامت به أسماء - رضي الله عنها - أمر يعجز عنه بعض الرجال, أفلا نخجل على أنفسنا يا رجال, ألا ترون الباطل كيف صال وجال, ودم المسلم في بقاع الأرض سال. هؤلاء اليهود يقودهم حاخام ودجال, و أولئك النصارى يتقدمهم عربيد ومحتال, ونحن أمة عندها كتاب الله ذي الجلال, ليت شعري ما أعظم هذا الدين لو كان له رجال.
3- تأمل معي أيها الحبيب هذه القاعدة الذهبية:- ( إن كنت قد أفسدت عليه دنياه فقد أفسد عليك أخرتك )
احذر يا رعاك الله أن تفسد آخرتك من أجل دنياك, لا تكن مطواعاً لهواك, ناسياً الوقوف عند مولاك, الذي خلقك فسواك.
قد تنجح في إفساد مشروع لأحد الأشخاص, لكنك حتماً ستخسر في الآخرة بقدر ما تربح في الدنيا بغير وجه حق.
إنك حين تغتاب فلان من الناس وتفري في عرضه حسداً وظلماً لكي تصرف عنه الناس, إن ذلك سينقص رصيدك الأخروي والقبول من الله.
فطهر قلبك من الغل والحسد, واحفظ لسانك من الزلل, فهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
يا من يتسابقون إلى المواقع والصدارة ويضحون بالمباديءº أربعوا على أنفسكم, لا بارك الله في المكتسبات إن كان فيها غضب رب الأرض والسموات.
4- تأمل معي قول أسماء - رضي الله عنها -:\"وما يمنعني, وقد أهدي رأس يحى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل \".
نعم إنه الطريق الطويل الشاق الموصل لله - سبحانه وتعالى -.
إنه الصراع بين الحق والباطل منذ خلق الله آدم عليه السلام إلى قيام الساعة.
أي حقبة من الزمان لم تتعرض فيها الأمة إلى مصائب وفتن, وبلايا ومحن, فتش في التاريخ وقلب في صفحاته ستجد الحقيقة المحضة...\"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. وتلك الأيام نداولها بين الناس \", \" يبتلى الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل....\".
\" فأين أنت والطريق, طريق تعب فيه آدم, وناح لأجله نوح, ورمي في النار الخليل, وأضجع للذبح إسماعيل, وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين, ونشر بالمنشار زكريا, وذبح السيد الحصور يحى, وقاسى الضر أيوب, وزاد على المقدار بكاء داؤود, وسار مع الوحش عيسى, وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد - صلى الله عليه وسلم - تزها أنت باللهو واللعب \". ( الفوائد ص 57)
5- تأمل موقف ابن عمر من الفتن وهو يرى ابن الزبير مصلوباً في مكة, لقد بين منهج المؤمن عند احتدام الفتن فقال:\" اتقي الله واصبري \".
( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ). أما التهور والاستعجال فإنه يورث الندم.
6- لا تحزن على فوات الدنيا فإنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة, ولو كان لها شأن عند الله لما سقى منها الكافر شربة ماء, ( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ).
خداعة بجمالها إن أقبلت........... فجاعة بزوالها إن أدبرت
وهابة سلابة لهبــاتهــــا........... طلابة لخراب ما قد عمرت.
اعمل لأخرتك ولا تنسى نصيبك من الدنيا, واصنع الحياة كما تحب أن تصنع الموت.
ضع لبنة صالحة في بناء قوي متماسك... ابذر بذرة ولا تحزن ان لم تجد الثمرة, ربما لا تستمع بالنصر وثماره º ولكنك حتماً ستبني جيل النصر و التمكين, فهنيئاً لمن ضحى بالغالي والنفيس لنصرة الدين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد