بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلوات... أما بعد:
نحن أمة لا تيأس.. ولا تلين.. ولا تستكين..
لقد مرت بديار الإسلام في تاريخها الطويل أزمات وأزمات، وحلت بها بلايا ونكبات، وزلزلت الأرض زلزالها وفي كل مرة خرج هذه الأمة من مآزق كبرى أصلب عوداً، وأشدُ إيماناً، وفي كل مرة يظن أهل الكيد أنهم قدروا عليها (ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون).
أيها العالم: اسمع هذه الحقيقة المدوية: أمتنا قد تمرض.. لكنها أبداً لن تموت وإليك هذه الحقائق التي سطرها التاريخ:
1) لو قدر لهذه الأمة أن تموت..
لماتت يوم حوصر النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغار.. يوم إن انطلق مشركو مكة في آثار المهاجرين يرصدون الطرق ويفتشون كل مهرب، وراحوا ينقبون في جبال مكة، وكهوفها، حتى وصلوا في دأبهم قريباً من غار ثور، وأنصت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه إلى أقدام المطاردين تخفق إلى جوارهم فأخذ الروع أبا بكر، وهمس يحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا) فقال - عليه الصلاة والسلام -: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه: لا تحزن إن الله معنا، فأنزل الله سكينته عليه، وأيده بجنود لم تروها، وجعل كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هي العليا، والله عزيز حكيم).
2) لو قدر لهذه الأمة أن تموت..
لماتت يوم بدر.. يوم إن إنطلق سواد مكة وهو يغلي يمتطي الصعب والذلول، فكانوا تسعمائة وخمسين مقاتلاً، معهم مائتا فرس يقودونها ومعهم القيان يضربن الدفوف ويغنين بهجاء المسلمين.
لقد ظنت قريش بجهلها وحماقتها إن بإستطاعتها أن تصد النور عن الأرض كلها، تريد أن تمنع الخير عن العصور القادمة التي ستتلقى النور.. ولكن هيهات هيهات.
والتقى الجمعان.. فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال: هذه مكة قد القت إليكم أفلاذ كبدها..
وإنكشف وجه الجد في الأمر، إن اللقاء المرتقب سوف يكون مر المذاق، لقد أقبلت قريش تخب في خيلائها، تريد أن تعمل العمل الذي يرويه القصيد، وتذرع المطايا به البطاح، وتحسم به صراع خمسة عشر عاماً مع الإسلام، لتنفرد بعدها الوثنين بالحكم النافذ.
وفي مشهد آخر..
وقف أبو بكر إلى جوار الرسول - عليه الصلاة والسلام - وهو يكثر الإبتهال والتضرع ويقول فيما يدعو به.. (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض) وجعل يهتف بربه - عز وجل - ويقول (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك) ويرفع يديه إلى السماء حتى سقط رداؤه عن منكبيه.
وجعل أبو بكر يلتزمه من وراءه ويسوي عليه رداءه ويقول.. مشفقاً عليه من كثرة الإبتهال.. يا رسول الله، بعض منا شدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك.
وفي أثناء المعركة...
خفق النبي - صلى الله عليه وسلم - خفقة في العريش ثم انتبه فقال: ((ابشر يا أبا بكر أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النقع!! )) ((إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان)).
ووهت صفوف المشركين تحت مطارق هذا الإيمان الزاهد في متاع الحياة الدنيا وصاح النبي - عليه الصلاة والسلام -. وهو يرى كبرياء الكفر تمرغ في التراب: ((شاهت الوجوه)).
وسقط فرعون هذه الأمة.. أبو جهل يسبح في دمائه على أيدي فتية الإسلام..
ولقي مثل هذا المصير الفاجع سبعون صنديداً من رؤوس الكفر بمكة دارت عليهم كؤوس الردى فتجرعوها صاغرين، وسقط في الأسر سبعون كذلك، وفر بقية الجيش يروون لمن خلفهم أن الظلم مرتعه وخيم، وأن البطر يجر في أعقابه الخزي والعار.
وفتح المسلمون عيونهم على بشاشة الفوز تضحك لهم خلال الأرض والسماء
((ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة، فاتقوا الله لعلكم تشكرون)).
3) لو قدر لهذه الأمة أن تموت لماتت يوم الخندق..
أمة الإسلام:
إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر بل معركة أعصاب إنها من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام، إذ أن مصير هذه الرسالة العظمى كان فيها أشبه بمصير رجل يمشي على حافة قمة سامقة، أو حبل ممدود محفوف بالمخاطر.
لقد أمسى المسلمون وأصبحوا فإذا هم كالجزيرة المنقطعة وسط طوفان يتهددها بالغرق ليلاً أو نهاراً.
((إذا جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً))..
لقد حفظ الله تلك العصبة في يوم محنتها..
وخاب الكفار وخسروا.. ودارت الدائرة على أعداء الله ((وما يعلم جنود ربك إلا هو، وما هي إلا ذكرى للبشر)). اجتمع الأحزاب وهم ينتظرون لحظة الانقضاض على المسلمين ليخسروا المعركة، وفجأة، فإذا بالجو قد أغبرت أرجاؤه، وترادفت أنواؤه وهبت الرياح نكباء موحشة الصفير، تكاد في هبوبها تطوي الخيام المبعثرة وتطير بها في الآفاق.
وطلع النهار فإذا ظاهر المدينة خلاء.. ارتحلت الأحزاب وانفك الحصار وعاد الأمن ونجح الإيمان في المحنة.
وهتف رسول الله - عليه الصلاة والسلام - يقول: ((لا إله إلا الله وحده صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شيء بعده)) رجعت الطمأنينة إلى النفوس، وظهرت صلابة المسلمين في مواجهة الأزمات المرهقة..
ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه النتيجة الباهرة: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا)).
4) لو قدر لهذه الأمة أن تموت لماتت يوم الردة..
نقل ابن كثير في البداية والنهاية حديث القاسم بين محمد بن أبي بكر وعمره بنت سعيد الأنصارية عن عائشة قالت لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدت العرب قاطبة أشربت النفاق والله لقد نزل بي مالوا نزل بالجبال الراسيات لهاضها، وصار أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كأنهم معزى في حش في ليلة مطيرة بأرض مسبعه، فو الله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بخاطمها وعنانها وفصلها قال له بعض الصحابة في حال المرتدين: إذا منعك العرب الزكاة فأصبر عليهم.
فقال: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليهم، والله لأقاتلن من فرق بين الزكاة والصلاة..
5) لو قدر لهذه الأمة أن تموت لماتت يوم فتنة خلق القرآن..
حينما نصب المعتصم آلة التعذيب للإمام أحمد حتى إذا ضربوه الضربة الأولى انخلعت كتفه وانبثق من ظهره الدم، فقام إليه المعتصم يقول: يا أحمد قل هذه الكلمة وأنا أفك عنك بيدي وأعطيك وأعطيك وهو يقول: هاتوا آية أو حديثاً.
جاءه رجل يقال له أبو سعيد.. يقنعه بأن يجيب المعتصم.. ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها فقال الإمام: إن كان هذا عقلك يا أبا سعيد فقد استرحت فما أكثر المستريحين في هذا الزمان..
6) لو قدر لهذه الأمة أن تموت لماتت يوم اجتاح التتار بلاد المسلمين..
لقد هجم التتار على بغداد وظلوا يذبحون ويقتلون أربعين يوماً حتى جرت الدماء في شوارع بغداد وأسرفوا في المسلمين أيما إسراف.. حتى قيض الله المظفر قطز القائد المسلم الذي جعل نحره فداءً للإسلام.. وأطلق صيحته المشهورة في عين جالوت حينما أوشك التتار على الانتصار..
حيث قال..
وا اسلاماه.. فهب الجيش المسلم مستجيباً لهذا النداء.. وقضوا على التتار وانتصر الإسلام..
7) لو قدر لهذه الأمة أن تموت لماتت يوم فساد القرامطة واقتلاعهم الحجر..
لقد هجم القرامطة على المسلمين في بيت الله، وذبحوا الطائفين حول بيت الله، واقتلع أبو طاهر القرمطي الخبيث الحجر الأسود من الكعبة، وظل يصرخ بأعلى صوته في صحن الكعبة وهو يقول: \" أين الطير الأبابيل؟؟ أين الحجارة من سجيل.. وكان يرمي المسلمين في بئر زمزم ويقول:
أنـا بالله وبالله أنــا *** يخلق الخلق وأفنيهم أنا
وظل الحجر الأسود بعيداً عن بيت الله ما يزيد عن عشرين عاماً، ومع ذلك كله رد الله الحجر على أيد الصادقين وانتصر الإسلام وشاهت وجوه القرامطة.
8) لو قدر لهذه الأمة أن تموت لماتت في الجزائر..
على أيدي الفرنسيين.. ولماتت في البوسنة على أيدي الصرب المجرمين.. ولماتت في الشيشان على أيدي الروس الحاقدين..
ولكننا أمة لا تموت....
هكذا إذن.. الإسلام صخرة يتكسر عليها كل من حاد الله ورسوله..
وهكذا إذن.. أمة الإسلام أمة أراد الله لها أن تبقى ما بقى الخير في هذه الدنيا.. لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق.. لا يضرهم من خالفهم إلى قيام الساعة.. صحيح إن الإسلام علمنا السماحة، والرحمة، والشفق والرفق ومحبة الخير للعالمين.
ولكنا لا نعطي الدنية في ديننا وإن أرواحنا فداء لدين الله - سبحانه وتعالى -..
لي وإن كنت كقطر الطل صافـي *** قصفة الرعد وإعصـار السوافـي
أتحـاشـا الـشـر جـهــدي *** فإذا مالج في عسفي تحداه اعتسافي
خـلــق ورثـنـيـه أحـمــد *** فسـرى مـلء دمائـي وشغافـي
لم يغيـره علـى طـول المـدى *** بطش جبـار ولا كيـد ضعافـي
امة الإسلام ها قد سمعنا.. وعلمنا أن أمتنا لا تموت، فأين الأحياء من شباب أمتنا ورجالاتها لكي يعيدوا تاريخنا المجيد.. نريد إحياء الروح والجسد..
ليس الحظوظ من الجسوم وشكلها *** فالسر كـل السـر فـي الأرواح
فأين الأخيار.. وأين الغرباء.. وأين المصلحون
لا نريد أجساداً بـــلا روح....
يا رب حي رخام القبر مسكنه *** ورب ميت على أقدامه انتصبا
يا بن الوليد الا سيف تؤجـره *** فإن أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
أحبتي:
((إن فنون المتع التي استوردناها من الغرب خلال الخمسين سنة الأخيرة تكفي لتدمير أمة ناهضة فكيف بأمة عليلة))
إذا نحتاج إلى جهد مضاعف إلى همم كالجبال الشامخات وإليكم بعض معالم وحدة الأمة وبداية نهضتها.. لا أزعم أنها كل شيء ولكنها الطريق إن شاء الله إلى النهوض إنها إشارات والحر تكفيه الإشارة..
1) يا أمة الإسلام.. التوحيد أولاً.. والعقيدة أولاً..
يجب أن تهتم الأمة بالتوحيد الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم -.. ((فأعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك)).
قال الألباني - رحمه الله -: ((وجوب الاهتمام بالعقدية لا يعني إهمال باقي الشرع من عبادات وسلوك ومعاملات وأخلاق)).
2) (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم):
فالخلاف شر كما قال ابن مسعود - رضي الله عنه - والحل (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ولن تنتصر أمة الإسلام في ظل هذا التفرق المذموم.
وتفرقوا شيعاً فكل مدينة *** فيها أمير المؤمنين ومنبرُ
3) (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي)
4) علينا بالإقتداء لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعدم التهاون بها ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله))
يقول الشيخ بن عثيمين - رحمه الله -: ((فسنة النبي - عليه الصلاة والسلام - هي سبيل النجاة لمن أراد الله نجاته من الخلاف والبدع)).
5) يجب على الأمة إذا أرادت الخيرية أن تؤدي شرط الله - تعالى -فيها:
قال قتادة: ((بلغنا أن عمر بن الخطاب في حجة صحبها رأى من الناس رعه (أي هيئة غير حسنة) فقرأ (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ثم قال: من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله - تعالى -فيها)).
وشرط الله الذي أشار إليه عمر - رضي الله عنه - هو قوله - تعالى -((تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)).
6) يا شباب الإسلام:
لا يصنع الأبطال إلا في مساجدنـا الفسـاح *** في روضة القرآن في ظل الأحاديث الصحاح
ما أجمل رياض الجنة.. ومجالس العلم..
مجالس تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة.. ويذكرها الله فيمن عنده.. فالله الله في هذه المجالس وخاصة خلق العلم في المساجد.. وثني الركب عند العلماء وطلبة العلم المعتبرين..
ثم أنه ينبغي لطلبة العلم والدعاة أن يكونوا شيوخ عامة ينشرون العلم ويعلمون الناس الخير ويقتدوا بأسلافهم أحمد، الشافعي، ومالك وابن تيمية وابن باز.. وغيرهم.. - رحمهم الله - جميعاً.. فإذا جد الجد كانوا هم الرجال..
7) الصلاة.. الصلاة..
((فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا))
أمة لا تصلي.. أمة مهزومة.. لا يبارك الله فيها أبداً..
((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))
الصلاة وصية الحبيب - صلى الله عليه وسلم - عند موته
((الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم))
وهو الذي كان يقول في حياته.. أرحنا بها يا بلال
إن الصلاة هي طريقنا إلى النهوض والانتصار والنجاة من عذاب الواحد القهار.
قال - صلى الله عليه وسلم - ((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)).
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - ((ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)).
قال أحد اليهود في كلمة مشهورة: ((لن ينتصر المسلمون حتى يكون عدد المسلمين في صلاة الفجر كعددهم في صلاة الجمعة)).
فهل فهم هذا اليهودي طريق الانتصار.. أكثر من فهم المسلمين أنفسهم، واليوم.. إعقدوا المقارنة بين صلاة الجمعة وصلاة الفجر وأنتم ترون النتيجة..
أين أمة المليار.. هل أصبحت أمة غائبة.... يجب أن تعود إلى الصلاة.. حتى تعود إلى موقع الصدارة..
من خان حي على الصلاة *** يخون حي علـى الكفـاح
8) يا دعاة الإسلام:
أما يهولكم ويقطع نياط قلوبكم ما يحدث لأمة الإسلام من قتل وتشريد.. وضياع للمقدسات.. وانتهاك للأعراض في فلسطين.. وغيرها.. وكأن لسان حال إحدى المسلمات تنتظر وتقول:
أطرقت حتى ملنـي الأطـراق *** وبكيت حتى احمرت الأحـداق
سامرت نجم الليل حتـى غـاب *** عن عيني وهد عزيمتي الإرهاق
أنـا أيهـا الأحبـاب مسلمـة *** لها قلب إلى شرع الهدى تـواق
أما يؤرقكم ويقض مضاجعكم.. الانحدار الرهيب للشباب والفتيات وسقوطهم المروع في براثن المخدرات.
أما يحزنكم الإحصاءات المخيفة لواقع الشباب مع الصلاة.. فأين البرامج الجادة لاستدراك هذا الأمر قبل فوات الأوان.
إن أمتنا في خطر.. وإن شبابنا في خطر وإن فتياتنا في خطر..
يا دعاة الإسلام:
إن الحديث عن أساليب دعوية مكررة وغير مثمرة من عشرات السنين حديث طويل الحبل قليل النجوع ولم يعد يبعث إلا على التثاؤب.. إننا يجب أن ندرك طبيعة المرحلة وحقيقة الصراع..
إنه يجب أن ندرك إنه من العبث واللامسئولية أن نسير على نفس الطريقة ونتوقع نتائج مختلفة..
إن تعقيد الوسائل حتى نطيش بها فوق المجتمع وترك الوسائل التي يظنها البعض من البساطة بمكان هي سبب الفشل ومحقق البركة.
واسمع بارك الله فيك:
إن المصلح قد يأتي بالفكرة البسيطة جداً، ولكن يقلب بها وجه العالم، فهو يأتي بها عملية تؤثر في حياة الناس وتدفعهم نحو الحركة الاجتماعية التي تلعب دورها في صياغة التاريخ.
فيا دعاة الإسلام
فكوا قيود الشباب.. حركوا طاقاتهم
انثروا مواهبكم.. ولكن لصالح المجتمع وهداية الناس
إن مجتمعات المسلمين تتعرض لهجمة شرسة، إن الأمة في مأزق كبير.. فلا تتخلوا عن الأمانة التي عاهدتم الله عليها.
9) يا شباب الإسلام:
اكسروا طوق الحزبية، وحلقوا في سماء الحرية فإن أمتكم أمة أبيه، انطلقوا لإنقاذ البشرية وسطروا أمجاد أجدادكم أهل الحمية..
مرحباً بجيل التغيير، مرحباً بجيل يسير على طريق الأبرار، محمد الأمين وصحبه من المهاجرين والأنصار..
والله أني لأرى في الأفق.. جموعهم المباركة.. يسيرون صفاً واحداً.. إخوة متحابين.. يعيدون لنا ذكرى المهاجرين والأنصار..
شباب ركلوا الدنيا بأقدامهم وأقبلوا على الله مسرعين، أجسادُ تمشي على الأرض وقلوب ترفرف حول العرش.
شباب يمدون أيديهم للمذنبين ويمسحون على رؤوس اليتامى والمساكين..
شباب يقلون عند الطمع ويكثرون عند الفزع يعرفون الحق ويرحمون الخلق. يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة. يدعون إلى الله بجلد، لا يستوحشون جو التخذيل ولا يتخاذلون لغربة الحق
شباب يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ويصدق في أحدهم قول القائل:
هو من نراه سائراً فوق الثرى *** وكأن فـوق فـؤاده خطواتـه
إن ناح فالأرواح في عبراتـه *** وإذا شدا فالحب فـي نغماتـه
يبكي مع النائي على أوطائـه *** ويشارك المحزون في عبراته
هو من يعيش لغيـره ويظنـه *** من ليس يفهمه يعيـش لذاتـه
شباب يحرصون في بلادهم على الأمن والاستقرار ويقتدون في نصح ولاة الأمر بعلمائهم الأبرار كابن باز وابن عثيمين - عليهم رحمة الله الواحد القهار - ويعلمون أن النصر والظفر يأتي بالصبر والدعوة ليل نهار، وأنه لن يكون عز للإسلام ولا انتصار بالقتل والتفجير والدمار. وبعد أيها الكرام فإني أذكر نفسي وأذكركم بأمور يجب أن نرفع قيمتها وأهميتها في قاموسنا الدعوي والإصلاحي.. وأظنها تناسب طبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة:
1) الحث على مجالس العلم.. والالتفاف حول العلماء فإن هذه المجالس.. هي ساحة المصلحين والمجددين.
2) دعوة الأمة للصلاة وعمارة المساجد بالمصلين فإنها عمود الدين.. وطريق الانتصار والتمكين.
3) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة.
4) انتشال الشباب والفتيات من دوائر المنكرات والمخدرات.. والعمل على تيسير الزواج لهم.
5) التكافل الاجتماعي وتفعيله في المجتمع.. إنه لابد أن نقلل المسافة ما بين المتخوفين والمحرومين حتى تحل البركة من الله - عز وجل -.
هذا كلام ليس بدعاً من القول، ولا هو من بنات أفكاري ولكنه منهج مسطر في كتاب الله - عز وجل -.
((الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور))
إذاً التمكين والانتصار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه البرامج الدعوية.. فمن أهملها وتجاوزها.. تجاوزه الزمن.. وأصبح يسير في دائرة مفرغة ينتهي من حيث بدأ.
علينا أن نرفع من قيمة هذه البرامج ولا نغفل البرامج الأخرى المتنوعة..
أمة الإسلام.. إن المستقبل لهذا الدين. وليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعز عزيز أو بذل ذليل.
إخواني:
إن انطلاق ملايين الأصوات في مشارق الأرض ومغاربها تردد آناء الليل وأطراف النهار لا إله إلا الله محمد رسول الله.
إن انطلاق هذه الأصوات طوال أربعة عشر قرناً لا تصمت ولا تخفت ولا تموت تتبدل الدول، وتتغير الأحوال ولا تتبدل الصيحة الخالدة، التي انطبعت في ضمير الزمان.
إن انطلاق هذه الأصوات هو الدليل الحي الناطق على انتصار الإسلام.
وإذا كانت الأمة الإسلامية ما تزال تتعثر، وما تزال تكبو وما تزال تضطرب فتلك هي اختلاجة الحياة الجديدة لا سكرات الموت، ولا صرعات الداء تلك هي علائم الصحو واليقظة بعد نوم طويل وهموم.
والمستقبل لها والدلائل كلها تشير إلى هذا المستقبل
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم...
((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دِينَهُم الَّذِي ارتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدُونَنِي لا يُشرِكُونَ بِي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُم الفَاسِقُونَ)).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد