أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 أولاً:- الحذر والحيطة:-

هذا العدو الخبيث الماكر حريص على إضلال بني آدم، وقد علمنا أهدافه ووسائله في الإضلال،فبمقدار علمك بهذا العدو: أهدافه, ووسائله, والسبل التي يضلنا بها تكون نجاتنا منه، أما إذا كان الإنسان غافلاً عن هذه الأمور فإن عدوه يأسره, ويوجهه الوجهة التي يريد.

وقد صور ابن الجوزي هذا الصراع بين الإنسان والشيطان تصويراً بديعاً حيث يقول: ((واعلم أن القلب كالحصن، وعلى ذلك الحصن سور، وللسور أبواب وفيه ثلم، وساكنه العقل، والملائكة تتردد على ذلك الحصن، وإلى جانبه ربض فيه الهوى، والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع،والحرب قائمة بين أهل الحصن, وأهل الربض، والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس, والعبور من بعض الثلم.

فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب لحصن الذي قد وكل بحفظه وجميع الثلم،وألا يفتر عن الحراسة لحظة،فإن العدو لا يفتر. قال رجل للحسن البصري: أينام إبليس؟ قال: لو نام لوجدنا راحة.

وهذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالإيمان،وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صورة كل ما يمٌّر به، فأول ما يفعل الشيطان في الربض هو إكثار الدخان، فتسودّ حيطان الحصن، وتصدأ المرآة، وكمال الفكر برد الدخان، وصقل الذكر يخلو المرآة، وللعدو حملات، فتارة يحمل فيدخل الحصن، فيكر عليه الحارس فيخرج, وربما دخل فعاث، وربما أقام لغفلة الحراس، وربما ركدت اليح الطاردة للدخان، فتسود حيطان الحصن, وتصدأ المرآة فيمر الشيطان ولا يدري به، وربما جرح الحارس لغفلته، وأسر واستخدم، وأقيم يستنبط الحيل في موافقو الهوى, ومساعدته )).

 

 ثانياً:- الالتزام بالكتاب والسنة:

أعظم سبيل للحماية من الشيطان هو الالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً،فالكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم،والشيطان يجاهد كي يخرجنا عن هذا الصراط قال تعالى:{وأن هذا صراطي مستقيماً فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفترق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون }.

وقد شرح لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية فعن عبد الله بن مسعود قال:((خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً، ثم قال: [هذا سبيل الله ] ثم خط خطوطاً عن يمينه وشماله وقال: [هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه] وقرأ: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه}. رواه الأمام أحمد والنسائي والدارمي.

إن الالتزام بالكتاب والسنة قولاً وعملا ًيطرد الشيطان, ويغيظه أعظم إغاظة، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إذا قرأ أبن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله، (وفي رواية أبي كريب: يا ويلي) أمر ابن آدم بالسجود فسجد، فله الجنة, وأمرت بالسجود فأبيت،فلي النار].

 

 ثالثاً-الاشتغال بذكر الله:-

ذكر الله من أعظم ما ينجي العبد من الشيطان، وفي الحديث: أن الله أمر نبي الله يحيى أن يأمر بني إسرائيل بخمس خصال،ومن هذه: (وآمركم أن تذكروا الله تعالى،فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً، حتى إذا أتى إلى حصن حصين،فأحرز نفسه منهم،كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله).

يقول ابن القيم: ((فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقاً بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله – تعالى -، وأن لا يزال لهجاً بذكره، فإنه لا نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة، فهو يرصده، فإذا غفل، وثب عليه وافترسه، وإذا ذكر الله – تعالى -، انخنس عدو الله, وتصاغر، وانقمع، حتى يكون كالوصع [طائر أصغر من العصفور ]، وكالذباب، ولهذا سمي [الوسواس الخناس]º لأنه يوسوس في صدور الناس، فإذا ذكر الله - تعالى - خنس، أي كف وانقبض. وقال ابن عباس: الشيطان جاثم على قلب بني آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله - تعالى - خنس)).

ويقول ابن القيم: (( الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه، فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظاً، وأحاطوا به، وكل منهم ينال بما يقدر عليه من الشر والأذى، ولا سبيل إلى تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله - عز وجل -)).

 

  رابعاً:- لزوم جماعة المسلمين:

ومما يبعد المسلم عن الوقوع في أحابيل الشيطان أن يعيش في ديار الإسلام، ويختار لنفسه الفئة الصالحة التي تعينه على الحق، وتحضه عليه، وتذكره بالخيرات، فإن في الإتحاد و التجمع قوة أيما قوة، عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية، فقال: يا أيها الناس، أني قنت فيكم كمقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا، فكان مما قال: (عليكم بالجماعة و إياكم والفرقة،فإن الشيطان مع الواحد،وهو من الاثنين أبعد....).

والجماعة جماعة المسلمين، وإمام المسلمين، ولا قيمة للجماعة في الإسلام ما لم تلتزم بالحق: الكتاب والسنة، فعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية ].

 

 خامساً:- كشف مخططات الشيطان ومصائده:

على المسلم أن يتعرف على سبله ووسائله فبالإضلال،ويكشف ذلك للناس، وقد فعل ذلك القرآن، وقام بهذه المهمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير قيام، فالقران عرفنا الأسلوب الذي أغوى الشيطان به آدم. والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف الصحابة كيف يسترق الشيطان السمع، ويلقي بالكلمة التي سمع في أذن الكاهن, أو الساحر ومعها مئة كذبة، يبين ذلك لهم كي لا ينخدعوا معه بأمثال هؤلاء،وبين لهم كيف يوسوس لهم, ويشغلهم في صلاتهم, وعبادتهم، وكيف يحاول الشيطان أن يوهمهمº بأن وضوءهم قد فسد، والأمر ليس كذلك، وكيف يفرق بين المرء وزوجه، وكيف يوسوس للمرء, فيقول له: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply