لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير


 

بسم الله الرحمن الرحيم

رغم أن الشبهات التي تثار على الدعاة والدعوات فيها إيذاء وضرر، وفيها إساءة وعنت، إلا أن فيها خيراً كثيراً لا يعلمه إلا الله – تعالى -، كما قال الله – تعالى - في حادثة الإفك: \" إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم، لا تحسبوه شراً لكم بل خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم \". (النور: الآية 11).

 

ورغم خطورة استخدام هذا الأسلوب (ترويج الشبهات) على الظالم المتهم، ورغم سلبيات ومساوئ إثارة هذه الاتهامات على الدعوة والدعاة، إلا أن لها فوائد عدة، وعبراً كثيرة للفئة المظلومة المتهمة، وهي كما يلي:

 

1.   هي طريق الأنبياء والرسل والصالحين، لقول الله – تعالى -: \" كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون * فتولَ عنهم فما أنت بملوم وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين\". (الذاريات: الآيات 52-55).

 

2. هي السبيل الموصل إلى الجنة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم –: \"حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره\". ( رواه مسلم).

 وإثارة التهم والشبهات من أصعب وأشق المكاره التي يصبر عليها الدعاة ابتغاء مرضاة الله – تعالى -.

 

3.  فيها تمحيص للصف المسلم، إذ يتم بها التعرف على الصادق الثابت من الكاذب المتذبذب.

 جزى الله الشدائد كل خير          عرفت بها عدوي من صديقي

 

4. بها يتم التعرف على بعض العثرات والثغرات فيتم سدها أو التخلص منها، فهي فرصة ثمينة لمراجعة الذات وإصلاح النفس.

 

5. توجد نفسية التحدي، وترفع من درجة الحماس والحزم والجدية.

 

6. توحّد صف الفئة المظلومة المستهدفة، وتزيل الضغائن بين أفرادها، وتجعلهم صفاً واحداً أمام الظالم المعتدي.

 

7. هي سبب لحصول الدعاة المعتدى عليهم على الحسنات من قِبَلِ الذين يطعنون فيهم ويغتابونهم ويظلمونهم، وذلك مصداقاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: \" أتدرون من المفلس؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار \". (رواه مسلم وغيره).

 

8.  هي سبب لاكتشاف الطاقات، والقدرات والمهارات وصقلها.

 

9.  بها تُعرف الدعوة، ويذيع صيتها، ويعرفها الرأي العام، وتنتشر بين الناس، ويكثر أنصارها، ويبارك الله في دعاتها.

 

إن الفطن: هو الذي لا يكون همه الأول والأخير هو تبرئة نفسه والدفاع عن دعوته، ولكن الحكمة والعقل يقتضيان أن يتفحص هذه التهم، فما كان فيها من حق أخذ به وأصلح من نفسه وسدّد خطاه، وما كان فيها من باطل ردّه وحرص أن لا يقع فيه، بل وجعل له خطوطاً دفاعية كثيرة حتى يبتعد عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

 

إن للمسلم، لاسيما الداعية، شأناً كبيراً مع النصيحة، فهو يسديها وكذلك يطلبها ويتقبلها، ومن هذا المنطلق يمكن له أن يعتبر الشبهة أو التهمة نوع من النصيحة \" غير المؤدبة \" يحرص على الاستفادة منها، ورحم الله عمر بن الخطاب حيث قال: \"رحم الله امرئً أهدى إليَّ عيوبي\".

 

وعلى كل حال، الشاهد من كلامنا هو أن هذه الشبهات رغم أنها شر – كما يبدو للناظر - إلا أنه ينبغي أن نستفيد منها لتتحول إلى خير، ثم نترك الأمر لله - عز وجل - ليستكمل لنا الخير كله، إذ إنه يعلم ما لا نعلم، ويقدر على ما لا نقدر

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply