هل تعرفون ما العبارة التي كتبت على لافتة وعلقت في غرفة (الدكتور أحمد زويل) الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عندما كان طفلاً؟
ستستغربون عندما تعرفون، لقد كتب والداه عبارة (الدكتور. أحمد زويل) وعلقت في غرفته وهو طفل صغير، هذا الحلم كان يحلم والداه بتحقيقه. وقد حققه أحمد زويل بالفعل على الرغم من أنه ولد عام 1946 في مصر، وهو الوحيد مع ثلاث أخوات، وكان والداه بسيطين ولكنهما يملكان رؤية واضحة في تربية ابنهما، وبالفعل أصبح دكتوراً، ثم أخذ جائزة الملك فيصل وبعدها أخذ جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999م.
والسؤال الذي يطرح نفسه على القارئ الكريم- سواء كان أباً أو أماً: ماذا علَّقتم في غرفة أبنائكم الصغار؟!
ما هي الرؤية التي لديكم عن مستقبل أبنائكم؟!
كم تصرفون من ميزانية الأسرة على تميّز ابنكم وابنتكم؟!
كم تخصصون من وقتكما لتمّيز أبنائكم؟!
أسئلة جديرة بالاهتمام، لافته علقت على غرفة (أحمد) وهو صغير شجعته لتحقيق إنجاز كبير، فكيف إذا علقت لافتة ودعمت بكافة الإمكانات والوسائل؟ إن تاريخنا الإسلامي حافل برعاية المبدعين والمتميزين ليس فقط من الوالدين، وإنما من العلماء والمجتمع، فالإمام أبو حيان: محمد بن يوسف الغرناطي قال عنه الصفدي: أنه كان يقبل على أذكياء الطلبة يعظمهم وينوه بقدراتهم، وكان هارون الرشيد يغدق الهبات لطلبة العلم المميزين حتى قال ابن المبارك: ما رأيت عالماً ولا قارئاً في أيام الرسول أكثر من زمن الرشيد، وكان الغلام يجمع القرآن وهو ابن ثمان سنين ويستمع الفقه ويروى الحديث ويناظر وهو ابن إحدى عشر سنة.
وفي القرن السادس عشر قامت محاولات ناجحة في عهد الخلافة العثمانية لتجميع المميزين والنابهين حتى خصص وقف لهم سُمي (بوقف الأطفال الأذكياء).
إن كل أسرة تطمح في تميز ابنها تعتريها عوائق تضعف من همتها وتحقيق أهدافها، ولكن العوائق من سنن الحياة وتجاوزها من سنن الحياة كذلك، وهل نتصور مجداً من غير تضحيات أو تميزاً من غير مروره بتجارب فشل ونجاح؟
من منا لا يعرف الدكتور (عيسى عبده) المتوفى عام 1980 والذي يلقب برائد البنوك الإسلامية، وله الفضل بعد الله في قيامها وانتشارها كتب وألف وحاضر في الاقتصاد الإسلامي وشارك في تأسيس بيت التمويل الكويتي وبنك دبي الإسلامي، وعدة بنوك أخرى، ومنها في بلاد الغرب، وأنشأ كلية للاقتصاد الإسلامي في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، فقد نافح عن الدين في مجال الاقتصاد خمسين سنة متصلة، ولكن لو سألنا عن طفولته لفوجئ القارئ إذا علم أنه من عائلة نصرانية أسلمت ووالده اسمه (عبده) فأراد أن يسمى ابنه (عيسى) لينادى (عيسى عبده) أي عبدالله وليس ابن الله، ففي اسمه تحدٍ, فكيف بتربيته، ولهذا كان لديه القدرة على تحدي الأوضاع الاقتصادية في البلاد العربية، وحرص على نقلها إلى النظام الإسلامي ونجح بذلك.
وإني أسأل كل أسرة تقول إن لديها عوائق في تربية ابنها، ماذا فعلت وقدمت لتجاوز هذه العوائق؟ إن تعليق لافتة في غرفة الطفل وتشجيعه ليتجاوز العوائق يوفر لنا جيلاً فيه مثل: (د. أحمد زويل، ود. عيسى عبده - رحمه الله -).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد