الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبيه الأمين ، و آله و صحبه أجمعين ، و بعد ..
فإن الله – تعالى- امتنَّ علينا بنعمة الذرّية ، و حذَّّرنا من الافتتان بها فقال : ( إنّما أموالكم وأولادكم فتنة ) ، وانتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلينا عن النار فقال : ( قوا أنفسكم و أهليكم ناراً ) ، و ذلك من حقّ أهلينا علينا ، و تمام رعايتنا لهم ، و كلنا راعٍ, و مسؤول عن رعيته كما في الحديث .
ولأداء أمانة الرعاية لا بدّ للأبوين من الحرص و العمل على تعليم الأبناء و تربيتهم ، و لا يفوتهما أنهما محاسبان على التهاون و التقصير في ذلك .
فقد روى الترمذي و أحمد و غيرهما بإسناد صحيح، عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ, عَن أَبِيهِ عَن جَدِّهِ، أَنَّ امرَأَةً أَتَت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهَا ابنَةٌ لَهَا وَفِى يَدِ ابنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِن ذَهَبٍ,، فَقَالَ لَهَا « أَتُعطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ » . قَالَت لاَ . قَالَ « أَيَسُرٌّكِ أَن يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَومَ القِيَامَةِ سِوَارَينِ مِن نَارٍ,؟ » . قَالَ فَخَلَعَتهُمَا فَأَلقَتهُمَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- وَقَالَت هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ .
و الشاهد هنا أنّه رتب العقوبة على الأم و ليس على البنت التي لبست المسكتين في يدها ، و لعل هذا لإقرارها على المنكر أو تسببها فيه .
و التربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار ، قال الإمام الغزّالي - رحمه الله- في ( الإحياء ) : ( ممّا يحتاج إليه الطفل أشد الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه ، فإنّه ينشأ على ما عوّده المربي في صغره من حَرَدٍ, و غضب لِجاجٍ, و عَجلةٍ, و خفّةٍ, و هوىًَ و طيشٍ, و حدّة و جشع ، فيصعب عليه في كِبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات و هيئات راسخةٍ, له ، فإن لم يتحرّز منها غاية التحرّز فضحته لابدّ يوماً ما ، و لذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم ، و ذلك من قِبَل التربية التي نشؤوا عليها ) .
و قال الشاعر :
و ينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوّده أبوه
و قد قيل : العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، و العلم في الكبر كالغرز بالإبر
و حدّث و لا حرج عن هدي النبي - صلى الله عليه و سلّم- في التربية ، لترى مدرسةً متكاملة المناهج ، راسخة الأصول ، يانعة الثمار ، وافرة الظلال في التربية و التنشئة الصالحة ، حيث اعتنى بهم بنفسه ، و أوصى بهم خيراً في العناية و الرعاية .
و من عنايته - صلى الله عليه و سلم- بتعليم الأطفال دعاؤه بالعلم النافع لبعضهم:
كما في مسند أحمد و مستدرك الحاكم بإسناد صححه و وافقه الذهبي عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ, قال : إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَو عَلَى مَنكِبِي شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ فَقِّههُ فِى الدِّينِ وَعَلِّمهُ التَّأوِيلَ » .
و من هديه - صلى الله عليه و سلم- في تربية الأطفال :
تشجيعه على طلب العلم ، و إفساح
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد