الاهتمام الزائد بالمظهر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال:

بعض الناس يهتم بمظهره وملابسه اهتماما مبالغا فيه، وينفق في ذلك مبالغ كبيرة، فهل هذا موافق للشرع أم لا؟

 

الجواب:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه.

أما بعد:

فإن الاهتمام المبالغ فيه بالمظاهر هو من الإفراط المذموم، والإسراف المنهي، فالإسلام دين الوسطية، بين الإفراط والتفريط بين الغلو والجفاء، فقد قال - سبحانه وتعالى -: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ, وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلاَ تُسرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبٌّ المُسرِفِينَ) (الأعراف 31)

فأمرنا بأن نأخذ زينتنا عند إتيان المساجد وإرادة الصلاة، وأباح لنا الأكل والشرب، ثم حذَّرنا من الإسراف والمبالغة وأخبرنا أنه لا يحب المسرفين.

وقال - سبحانه -: (وَلاَ تُبَذِّر تَبذِيرًا إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخوَانَ الشَّيَاطِينِ وكَانَ الشَّيطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) (الإسراء: 26-27)

فالمبذر قرين الشيطان ومثيله في خلقه، لتضييعه الأموال وصرفها في غير ما هو نافع، وضابط ذلك كما قال العلماء: ألا يكون في منفعة دينية ولا دنيوية، أما المسلم، فإن خلقه كما وصفه الله - عز وجل -: (والَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَم يُسرِفُوا وَلَم يَقتُرُوا وَكَانَ بَينَ ذَلِكَ قَوَامًا? (الفرقان: 67)، فهم بين الإسراف والتقتير والتبذير والبخل في الإنفاق.

 وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: كل واشرب والبس ما أخطأتك خصلتان: سَرَفٌ ومخيلة. وقد صح مرفوعا.

وكثير من الناس يحرص على أن يكون ظاهره في أكمل صورة وأنظفها وأجملها وأطيبها ثم لا يطهر قلبه ونفسه من الأمراض التي حذرنا الله - تعالى -منها، كالنفاق والكذب والحقد والحسد والكبر والرياء والفخر والعجب بالنفس والظلم والجهل والغل على المؤمنين أو الشهوات المحرمة الخبيثة وغير ذلك، وقد نبهنا الله - تعالى - إلى أن لباس التقوى والتجمل به خير من اللباس الظاهر فقال - سبحانه -: { يَا بَنِي آدَمَ قَد أَنزَلنَا عَلَيكُم لِبَاسً يُوَارِي سَوءَاتِكُم وَ رِيشًا وَلِبَاسُ التَّقوَى ذَلِكَ خَيرٌ ذَلِكَ مِن آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُم يَذَكَّرُونَ } (الأعراف: 26).

 وقد صاغ ذلك أحد الشعراء فقال:

إذا المرءُ لم يَلبس ثيابا من التقى * * * تقلـب عـريانا وإن كان كاسيا

وخـير لباس المـرء طاعةُ ربه * * *  ولا خـير في المرء إن كان عاصيا

وأخبر رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - العباد بمحل الفلاح والنجاح من العبد، فقال: ((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) رواه مسلم من حديث أبى هريرة - رضي الله عنه -.

فالقلوب هي محل التقوى ومعادن الرجال وكنوز المعرفة، والأعمال هي ميزان العباد عند الله - تعالى -، كما قال - سبحانه -: (إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات: 13)، فعجباً لمن يهتم بموضع نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر، ويزينه لئلا يطلع فيه على عيب، ثم لا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق فيطهره ويزينه.

نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويطهر ألسنتنا، ويستعمل جوارحنا في طاعته،،،

 والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply