قصة وعبرة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هذه قصه من قصص بني إسرائيل وقعت أيام اشتغال بني إسرائيل بالمظاهر الكاذبة، وقد أدى ذلك بهم إلى الدمار والهلاك فقد قل فيهم التقى والصلاح وكثر الفساد والاشتغال بسفاسف الأمور فسلط عليهم أعداءهم فهزموهم واذلوهم.

وقد حدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن صوره من صور الفساد والعناية بالمظاهر الكاذبة في بني إسرائيل، فقد اتخذت امرأة قصيرة رجلين من خشب لإطالة قامتها، ووضعت خاتماً على طريقة تحفظ في جوفه المسك، لتثير بعبيرها شهوة الرجال حين تمر عليهم.

 

*  نص الحديث *

روي مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:( كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين، فاتخذت رجلين من خشب، وخاتماً من ذهب مُغلق مُطبق ثم حشته مسكاً وهو أطيب الطيب، فمرت بين المرأتين فلم يعرفوها فقالت: بيدها هكذا (ونفض شعبة يده) وفي رواية أحمد: فكانت إذا مرت بالمجلس حركته فنفخ ريحُه).

ورواه ابن خزيمه في التوحيد عن أبي سعيد أو جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب خطبة فأطالها، وذكر فيها أمر الدنيا والآخرة فذكر: (أن أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصيغ أو قال: من الصيغة ما تكلف امرأة الغني. فذكر امرأة من بني إسرائيل كانت قصيرة واتخذت رجلين من خشب وخاتماً له غلق وطبق وحشته مسكاً، وخرجت بين امرأتين طويلتين أو جسيمتين، فبعثوا إنساناً يتبعهم فعرف الطويلتين ولم يعرف صاحبة الرجلين من خشب).

ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه القصة في خطبه وعظ فيها أصحابه، ورهبهم من فتنه الدنيا، ورغبهم في أمر الآخرة، وحذرهم فيها من أن يقعوا في مثل ما وقع فيه بنو إسرائيل من قبلهم، وبين لنا كيف كانت بداية الفساد الذي أدى إلى هلاكهمº فقد أخذ الأغنياء ينفقون الأموال الكثيرة على المظاهر من اللباس والحلي والأطعمة ونحوها ومن ذلك البذخ في نفقات الزواج، وتشبه الفقراء بالأغنياء فكانت امرأة الفقير تكلفه أن يشتري لها من الثياب والحلي مثل ما يشتري الغني لزوجته.

ومن ذلك ما قصه علينا الرسول من اختراع هذه المرأة القصيرة التي كان يزيد من احتقارها لنفسها أنها كانت تسير بين امرأتين فتزداد قماءة فابتكرت طريقة أطالت فيها قامتها، بأن اتخذت رجلين من خشب، واتخذت خاتماً مجوفاً له غطاء حشته مسكاً، فكانت تخرج بين المرأتين الطويلتين فلا تُعرف، وكانت تمر بمجامع الرجال فتفتح خاتمهاً وتنفضه، فيفوح شذا العطر الذي في الخاتم وقد استطاعت أن تخفي نفسها، فلم يعرفها الذين أرسلوا للتعرف عليها.

ولا شك أن هذه المرأة كانت تبذل جهداً كبيراً لتبدو طويلة القامة، وكانت الواجب عليها أن ترضي بقدر الله - عز وجل - وكان عليها أن تعلم أن الله لا ينظر إلى صور العباد وألوانهم، ولكنه ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم، وكم من قصار القامة والمعاقين كبروا بأعمالهم في نظر الناس لما تحلو به من كريم السجايا والصفات، ولما حصلوه من علوم، ولما أتقنوه من أعمال.

المرجع :- صحيح القصص النبوي د. عمر سليمان الأشقر. بتصرف

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply