بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: (لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة انجفل الناس قبله وقيل قد قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قدم رسول الله قد قدم رسول الله ثلاثا فجئت في الناس لأنظر فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)
الوصية الأولى: إفشـاء السلام
وهو خلق عال ونبيل لمن وفق لذلك، والسلام اسم من أسماء الله –عزوجل-.
لإفشاء السلام فوائد كثيرة ولنتأملها ملياً للظفر بهذه الفوائد:
1/ طريق موصل للمحبة بين المسلمين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم), ولقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أموراً عظيمة:
** نفي دخول الجنة إلا لأهل الإيمان
** نفي كمال الإيمان حتى تتحقق المحبة بين أهل الإيمان
** ذكر الإمام النووي عدة فوائد لهذا الحديث: (1/الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، 2/والسلام أول أسباب التآلف، 3/ ومفتاح استجلاب المودة، 4/وفى إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض 5/وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل 6/ رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين 7/وفيها لطيفة أخرى وهى أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة 8/وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه ولا يخص أصحابه وأحبابه به)
فوصية النبي - صلى الله عليه وسلم - بإفشاء السلام لأجل أن يكون أهل الإيمان متحابين فيما بينهم
2/ من خير خصال الإسلام.
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: (أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)
فمن خير خصال الإسلام بذل السلام على من تعرفه ومن لا تعرفه لتزول تلك الوحشة بين أهل الإسلام ولتبتعد عن الخصال المذمومة من الكبر والاحتقار.
3/سبب في زيادة الأجر
عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (السلام عليكم فرد - عليه السلام - ثم جلس فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه فجلس فقال: ثلاثون) 4/ من حقوق المسلمين فيما بينهم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (حق المسلم على المسلم ست قيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فاجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه).
الوصية الثانية: (أطعمـــــــوا الطعام)
يقول الله - تعالى -:{وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً(8) إِنَّمَا نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُم جَزَاء وَلَا شُكُوراً(9)}سورة الإنسان قال الفضيل بن عياض: (على حب إطعام الطعام) كان الربيع بن خيثم إذا جاءه السائل قال: (أطعموه سُكراً فإن الربيع يحب السكر) (وقيل الضمير في (حبه) يرجع إلى الله أي: يطعمون الطعام على حب الله أي تطعمون إطعاما كائنا على حب الله) ويقول الله - تعالى -:{إِلَّا أَصحَابَ اليَمِينِ(39) فِي جَنَّاتٍ, يَتَسَاءلُونَ(40) عَنِ المُجرِمِينَ(41) مَا سَلَكَكُم فِي سَقَرَ(42) قَالُوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ(43) وَلَم نَكُ نُطعِمُ المِسكِينَ(44)}سورة المدثر ولإطعام الطعام فوائد منها:
1/ من موجبات الجنة
عن هانئ أنه لما وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله أي شيء يوجب الجنة قال: (عليك بحسن الكلام وبذل الطعام)
2/ من خير خصال الإسلام.
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: (أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)
فمن خير خصال الإسلام إطعام الطعام وبذله لمن يريده والذي تزداد له الحاجة في وقت شدة الجوع كما قال - تعالى -:{أَو إِطعَامٌ فِي يَومٍ, ذِي مَسغَبَة(14)} سورة البلد وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فكوا العاني يعني الأسير وأطعموا الجائع وعودوا المريض) 3/من كمال الإيمان في حق الضيف عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) وقد أنشد:
يا مكرم الضيف للرحمن خالقنا *** عند الصراط ستلقى الخير موفورا
أكرم ضيوفك كي ترجو الجواز غدا *** على الصراط وترجو الخلد مجبورا
الوصية الثالثة: (صــــلوا الأرحام)
الأرحام: هم كل من تربطك به رحم وقرابة من جهة الأم أو من جهة الأب وقد حث القرآن الكريم على صلتهم وحذر من أشد التحذير من قطعها:
قال - تعالى -: {وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيباً}النساء1 قال -تعالى-:{فَهَل عَسَيتُم إِن تَوَلَّيتُم أَن تُفسِدُوا فِي الأَرضِ وَتُقَطِّعُوا أَرحَامَكُم}محمد22.
1/أعظم الرحــــــــم: بر الوالدين وللإحسان إليهما تأمل:
* قال - تعالى -: {وَقَضَى رَبٌّكَ أَلاَّ تَعبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَينِ إِحسَاناً إِمَّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَو كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ, وَلاَ تَنهَرهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَولاً كَرِيماً}الإسراء23
* وقال - تعالى -:{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشرِكَ بِي مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلَا تُطِعهُمَا وَصَاحِبهُمَا فِي الدٌّنيَا مَعرُوفاً}لقمان15 وهذا في حال شركهما أمرنا بالإحسان إليهما فواعجباً لحالنا مع آباءنا وأمهاتنا
2/ أثم وجزاء قاطع الرحم:
عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يدخل الجنة قاطع) وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله – تعالى- لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم) وعن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الرحم شجنة فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته)
3/حقيقة الصـــلة:
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها)
وعن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله: (إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك).
المل: هو الرماد الحار.
وقيل معناه: (أنك بالإحسان إليهم تحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف المل)
4/فائدة الصــــلة:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه) المراد بالحديث:
(بسط الرزق) هو: توسيعه وكثرته، وقيل: البركة فيه.
(التأخير في الأجل) ففيه سؤال مشهور وهو أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص قال - تعالى -: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُم لاَ يَستَأخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَستَقدِمُونَ}النحل61وأجاب العلماء بأجوبة الصحيح منها:
1/أن هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك
2/ أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون وقد علم الله - سبحانه وتعالى - ما سيقع له من ذلك وهو من معنى قوله- تعالى -: {يَمحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمٌّ الكِتَابِ}الرعد39
3/ أن المراد: بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت.
5/ الوصية بصلة الرحم:
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: أوصاني حبيبى بخمس...وأن أصل الرحم وإن أدبرت.. )
الوصـــية الرابعة: صلوا بالليل والناس نيام يقول الله - تعالى -: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ}السجدة16 ويقول - تعالى -: {وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبعَثَكَ رَبٌّكَ مَقَاماً مَّحمُوداً}الإسراء79
1/ يكتب لك الأجر بنيتك:
قال أبو ذر أو أبو الدرداء شك شعبة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من عبد يحدث نفسه بقيام ساعة من الليل فينام عنها إلا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه وكتب له أجر ما نوى)
2/ شدة التأنيب لمن ترك القيام:
عن عبد الله أن رجلا قال: يا رسول الله: (إن فلانا نام عن الصلاة البارحة حتى أصبح، قال: ذاك شيطان بال في أذنيه) عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء)
3/ الحرص على أهلك:
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (طرقه وفاطمة بنت النبي - عليه السلام - ليلة فقال: ألا تصليان فقلت: يا رسول الله أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف حين قلنا ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول{وكان الإنسان أكثر شيء جدلا})
4/ الأسباب المعينة على قيام الليل:
** الإقلال من الأكل وخصوصاً العشاء
** ألا يتعب المرء نفسه في النهار فيصعب عليه قيام الليل
** ألا يترك قيلولة النهار فهي معينة على قيام الليل
** البعد عن المعاصي والذنوب.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد