بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
إن الإيمان بالله - عز وجل - هو أهم أصول الإيمان وأعظمها شأناً وأعلاها قدراً بل هو أصل أصول الإيمان وأساس بنائه وقوام أمره وبقية الأصول متفرعة منه راجعة إليه مبنية عليه والإيمان بالله - عز وجل - هو الإيمان بوحدانيته - سبحانه - في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته فهذه أصول ثلاثة يقوم عليها الإيمان بالله بل إن الدين الإسلامي الحنيف إنما سمي توحيداً لأن مبناه على أن الله واحد في ملكه وأفعاله لا شريك له وواحد في ذاته وأسمائه وصفاته لا نظير له في ألوهيته وعبادته لا ند له.
**أولاً: تعريف الإيمان بالله ومعناه.
هو التصديق الجازم بوجود الله واتصافه بكل صفات الكمال ونعوت الجلال واستحقاقه وحده العبادة واطمئنان القلب بذلك اطمئناناً تُرى آثاره في سلوك الإنسان والتزامه بأوامر الله واجتناب نواهيه.
زاد الشيخ حافظ الحكمي: (هو الأول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء والظاهر فليس فوقه شيء والباطن فليس دونه شيء..).
**ثانياً: حقيقة الإيمان بالله..
تتبين حقيقة الإيمان بالله في عدة أمور :
1)الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل ما سواه ويتحقق ذلك بإفراده بالعبادة بما تعبدهم به من دعاء وخوف ورجاء وصلاة وصوم وذبح ونذر.
يقول الله - تعالى - :{وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ} (56) سورة الذاريات ويقول الله – تعالى -: {وَلَقَد بَعَثنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ, رَّسُولاً أَنِ اعبُدُوا اللّهَ وَاجتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنهُم مَّن هَدَى اللّهُ وَمِنهُم مَّن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرضِ فَانظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ} (36) سورة النحل ويقول الله - تعالى - : {فَادعُوا اللَّهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ} (14) سورة غافر.
وعن معاذ - رضي الله عنه - قال كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له عفير فقال يا معاذ: (هل تدري حق الله على عباده وما حق العباد على الله قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا فقلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس قال لا تبشرهم فيتكلوا) صحيح البخاري ج3/ص1049 و صحيح مسلم ج1/ص58
2) الإيمان بجميع ما أوجبه الله على عباده وفرضه عليهم، من أركان وواجبات كالشهادتين والصلاة والزكاة وغيرها.
3)الإيمان بأنه خالق العالم ومدبر شئونهم والمتصرف فيهم بعلمه وقدرته كما يشاء - سبحانه - يقول الله - تعالى -:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيءٍ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, وَكِيلٌ} (62) سورة الزمر.
4)الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى الواردة في كتابه العزيز والثابتة عن رسوله الأمين من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، يقول الله - تعالى -: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى.
**ثالثاً: علامات الإيمان بالله..
1)أن يكون الله - عز وجل - أحب إليك من كل ما سواه.
عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) صحيح البخاري ج1/ص14و صحيح مسلم ج1/ص66
2)الاستجابة التامة لأوامر الله - عز وجل -.
، ويتحقق ذلك بقبول كل ما جاء عن الله - عز وجل - أو جاء عن رسوله - صلى الله عليه وسلم - المبلغ عن الله وتطبيقه والعمل به والرضا التام به يقول الله - عز وجل -: {إِنَّمَا كَانَ قَولَ المُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحكُمَ بَينَهُم أَن يَقُولُوا سَمِعنَا وَأَطَعنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ} (51) سورة النــور ويقول الله - عز وجل -: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حَرَجًا مِّمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسلِيمًا} (65) سورة النساء
وعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) صحيح مسلم ج3/ص1655رقم (2090)
3)الحب في الله والبغض في الله..
ومعنى ذلك أن يحب المؤمنين لما عندهم من الإيمان ولما هم عليه من الطاعة ويبغض العصاة لما هم عليه من المعصية فتبغض منه هذه المعصية ويبقى محبته لإيمانه أما الكافر فيكون البغض لهم شديد وقوي لما هم عليه من الكفر وعدم الاستجابة لأمر الله - عز وجل - يقول الله - تعالى -:{لَا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَآدٌّونَ مَن حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءهُم أَو أَبنَاءهُم أَو إِخوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ, مِّنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحُونَ} (22) سورة المجادلة.
عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله) سنن أبي داود ج4/ص198 برقم (4599)
البراء قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أوثق عرى الإسلام الحب في الله والبغض في الله)مصنف ابن أبي شيبة ج6/ص170
عن أبي ذر قال: خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فقال: (أتدرون أي الأعمال أحب إلى الله - عز وجل - قال قائل الصلاة والزكاة وقال قائل الجهاد قال إن أحب الأعمال إلى الله - عز وجل - الحب في الله والبغض في الله) مسند أحمد بن حنبل ج5/ص146برقم (21341)
4)إيثار الآخرة على الدنيا..
يقول الله - تعالى - :{فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الحَيَاةَ الدٌّنيَا فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأوَى وَأَمَّا مَن خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفسَ عَنِ الهوى فإن الجَنَّةَ هِيَ المَأوَى} (37ـ41) سورة النازعات.
5) عمارة المساجد..
يقول الله - تعالى - :{إِنَّمَا يَعمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَن آمَنَ بِاللّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَم يَخشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ المُهتَدِينَ} (18) سورة التوبة. وتكون هذه العمارة حسية بالبناء وما يتعلق به وتكون معنوية وذلك بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والاعتكاف وغيرها.
6)الحب للطاعة والبغض للمعصية..
وذلك لأن الطاعة الذي أمر بها الله – عزوجل - وبغض المعصية لأن الذي نهى عنها هو الله - عز وجل -.
عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل فقال: يا رسول الله ما الإيمان؟ قال :(إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن) المستدرك على الصحيحين ج1/ص58.
**رابعاً: ثمرات الإيمان بالله.. وهي ما يجده المؤمن في خاصة نفسه.
1/ حب الله لعبده المؤمن.. وتأمل هذه النصوص الكريمة الواعدة بالفضل..
يقول الله - تعالى - :{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبٌّ كُلَّ خَوَّانٍ, كَفُورٍ,} (38) سورة الحـج
ويقول - تعالى - :{اللّهُ وَلِيٌّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخرِجُهُم مِّنَ الظٌّلُمَاتِ إِلَى النٌّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أولياؤهم الطَّاغُوتُ يُخرِجُونَهُم مِّنَ النٌّورِ إِلَى الظٌّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ} (257) سورة البقرة
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قال: (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره إساءته) صحيح البخاري ج5/ص2384برقم (6137)
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض) صحيح البخاري ج3/ص1175برقم(3037)
2/استغفار الملائكة..
يقول الله - تعالى - :{الَّذِينَ يَحمِلُونَ العَرشَ وَمَن حَولَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمدِ رَبِّهِم وَيُؤمِنُونَ بِهِ وَيَستَغفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ, رَّحمَةً وَعِلمًا فَاغفِر لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِم عَذَابَ الجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدخِلهُم جَنَّاتِ عَدنٍ, الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِن آبَائِهِم وَأَزوَاجِهِم وَذُرِّيَّاتِهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَومَئِذٍ, فَقَد رَحِمتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ} غافر من(7ـ9)
3/السعادة التي يجدها المسلم في لذة العبادة..
وهي الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المؤمنين يقول الله - تعالى - :{مَن عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ, أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ} (97) سورة النحل.
وهذه اللذة عبر عنها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة)
4/ السلامة من سلطان الشيطان..
ذلك أن الشيطان يوسوس لكل أحد ويدله إلى ما يهلكه وقد جعل الله لعباده المؤمنين حصوناً يمتنعون فيها من وسوسته يقول الله - تعالى - :{فَإِذَا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيسَ لَهُ سُلطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّونَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشرِكُونَ} سورة النحل(98 ـ 100)
5/ يمدٌّ الإنسان بقدرةٍ, كبيرةٍ, على تحمل المصائب.
لأنَّه يعلم أن هذا ابتلاء واختبار وهو خير له.. عن صهيب بن سنان - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: \"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحدٍ, إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له\" {رواه مسلم برقم (2999)}.
وليس هذا فقط، بل إنَّ الله - تعالى - يخلفُ عليه ما فاته، ويجزل له الأجر والمثوبة إذا التجأ إليه.. قال - صلى الله عليه وسلم -: \"ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها\" {رواه مسلم برقم (918)}.
لذا نجد المؤمن دائما يشعر بالفرح والسرور، وفي أحرج الظروف وأشد المصائب نراه في غاية الصبر والرضاº لأنه يعتقد أنه عندما يشاك بشوكة فما فوقها يكون له بها أجر.. فكل مصيبة تلحق الإنسان فهي بإذن الله - تعالى -، قال - عز وجل -: {مَا أَصَابَ مِن مٌّصِيبَةٍ, إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهدِ قَلبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ, عَلِيمٌ} (11) سورة التغابن
**خامساً: أثر الإيمان بالله.. وهي ما يُرى أثره على أهل الإيمان عامة.
1/أنه مفتاح الحل لمشاكلنا المستعصية.. فهو الطريق إلى النصر.. يقول الله - تعالى -: {وَكَانَ حَقًّا عَلَينَا نَصرُ المُؤمِنِينَ} (47) سورة الروم.
2/ أنه طريقنا إلى العزة، قال - تعالى -: {وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلمُؤمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لَا يَعلَمُونَ} (8) سورة المنافقون
3/أنه طريق إلى الرخاء والنعمة، قال - تعالى -: {وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ, مِّنَ السَّمَاء وَالأَرضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ} (96) سورة الأعراف
4/ الخلاص من مكر الأعداء.. قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبٌّ كُلَّ خَوَّانٍ, كَفُورٍ,} (38) سورة الحـج.
5/ إن الإيمان بالله - تعالى - قوة عاصمة عن الدنايا، ولذلك نجد أن الله - تعالى - عندما يدعو عباده إلى خير أو ينفرهم عن شر، يجعل ذلك مقتضى الإيمان المستقر في قلوبهم وما أكثر ما يقول في كتابه الكريم \"يا أيها الذين آمنوا\" ثم يذكر بعد ذلك ما يكلفهم به.
أ)قال - تعالى - :{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مٌّؤمِنِينَ} (278) سورة البقرة
ب) قال - تعالى - :{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ} (102) سورة آل عمران
ج) قال - تعالى - :{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغتَب بَّعضُكُم بَعضًا أَيُحِبٌّ أَحَدُكُم أَن يَأكُلَ لَحمَ أَخِيهِ مَيتًا فَكَرِهتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} (12) سورة الحجرات
د) قال - تعالى - :{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيتُم فَلَا تَتَنَاجَوا بِالإِثمِ وَالعُدوَانِ وَمَعصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوا بِالبِرِّ وَالتَّقوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيهِ تُحشَرُونَ} (9) سورة المجادلة.
ه) قال - تعالى - : {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُم وَأَهلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُونَ} (6) سورة التحريم.
**سادساً: كيف تقوي إيمانك بالله..
1/تدبر القرآن الكريم..
وهذا التدبر يكون بالتمعن بآيات القرآن الكريم وتأمل آياته وما فيها من وعد ووعيد وقصصه وأحكامه وأمثاله فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كثير التدبر لآيات القرآن الكريم وكذلك أصحابه الكرام وإليك هذه الأمثلة:
أ)قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراك قد شبت؟ قال: (شيبتني هود والواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت) هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه(المستدرك على الصحيحين ج2/ص374)
يقول صاحب كتاب فيض القدير في معنى شيبتني هود: (أي سورة هود وأخواتها أي وأشباهها من السور التي فيها ذكر أهوال القيامة والعذاب والهموم والأحزان إذا تقاحمت على الإنسان أسرع إليه الشيب في غير أوان قال المتنبي
والهم يحترم الجسيم مخافة *** ويشيب ناصية الصبي ويهرم
قال الزمخشري مر بي في بعض الكتب أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب وأصبح أبيض الرأس واللحية كالثغامة فقال أريت القيامة والناس يقتادون بسلاسل إلى النار فمن هول ذلك أصبحت كما ترون) المرجع/ فيض القدير ج4/ص168
ب) قال الأسود قال كنا عند عائشة - رضي الله عنها - فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها قالت لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقيل له إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس.. (صحيح مسلم ج1/ص313برقم418
و صحيح البخاري ج1/ص236برقم 663)
ج)وفي مناقب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - روي عن عبد الله بن شداد قال سمعت نشيج عمر - رضي الله عنه - وأنا في آخر الصف في صلاة الصبح وهو يقرأ سورة يوسف حتى وصل (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله.. )
د) قال القاسم بن أبي أيوب سمعت سعيدا (ابن جبير) يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) سير أعلام النبلاء ج4/ص324.
هـ) يقول إبراهيم بن بشار: الآية التي مات فيها علي بن الفضيل في الأنعام (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد) الأنعام 27 مع هذا الموضع مات وكنت فيمن صلى عليه - رحمه الله -. سير أعلام النبلاء ج8/ص446
2/استشعار عظمة الله - عز وجل -..
ويكون هذا الاستشعار بمعرفة أسمائه وصفاته وبكثرة ذكره وبالتفكر في مخلوقاته فمن أسمائه (العظيم، العليم، القدير، القوي، الجبار... ) وإذا استشعرت معاني هذه الأسماء وما تدل عليه لوقر في قلبك عظمة لله - عز وجل - ودوام ذكر الله - عز وجل - مما يزيد قوة الإيمان في قلبك وتأمل هذه الآيات:
قال - تعالى - :{وَاذكُر رَّبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرٌّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الغَافِلِينَ} (205) سورة الأعراف ويقول - تعالى - :{إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَت قُلُوبُهُم وَإِذَا تُلِيَت عَلَيهِم آيَاتُهُ زَادَتهُم إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ} (2) سورة الأنفال ويقول - تعالى - :{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُم تُفلَحُونَ} (45) سورة الأنفال وبقول - تعالى - :{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطمَئِنٌّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكرِ اللّهِ تَطمَئِنٌّ القُلُوبُ} (28) سورة الرعد.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (يقبض الله الأرض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض) صحيح البخاري ج4/ص1812برقم (4534)
3/طلب العلم الشرعي..
يقول الله - تعالى - :{إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ العُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} (28) سورة فاطر فخشية الله - عز وجل - دليل قوة إيمان انبعث من القلب وهذا الباعث على الخشية هو العلم فكلما كان تضلعك بالعلم أكثر كلما كان إيمانك بالله أكبر وشتان بين الجاهل والعالم يقول الله - تعالى - :{قُل هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلبَابِ} (9) سورة الزمر.
4/ كثرة العمل الصالح..
فمما يقوي إيمانك ويزيده قوة وصلابة هو العمل الصالح وهو علامة قربك من الله - عز وجل - فأهل الإيمان قوي إيمانهم بالله لكثرة عملهم ومداومتهم عليه وقد أشغلهم عن هذه الدنيا التي تلهي كثير من الناس وأضعفهم عن السير الحثيث إلى الله - عز وجل - وتأمل هذه الدعوة من الله - عز وجل -: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ, مِّن رَّبِّكُم وَجَنَّةٍ, عَرضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ} (133) سورة آل عمران وبما تكون المسارعة إلا بالعمل الصالح والمداومة عليه فعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (سئل أي العمل أحب إلى الله؟ قال أدومه وإن قل) صحيح مسلم ج1/ص541برقم(782)
5/ كثرة ذكر الموت والخوف من سوء الخاتمة..
عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أكثروا ذكر هادم اللذات الموت) هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه المستدرك على الصحيحين ج4/ص357برقم(7909)
فذكر الموت والخوف من سوء الخاتمة يقوي الإيمان لأنه يدفعك إلى العمل الصالح ويبعدك عن المعاصي ومن تذكر الموت زيارة المقابر والصلاة على الجنائز والحذر الحذر من التعلق بالدنيا والانشغال بها وجعلها أكبر اهتماماتك.
6/ مناجاة الله والانكسار بين يديه..
فما ألذها من لحظة تلك التي تكون بين يدي الله - عز وجل - مع ذل لله وخضوع له وانكسار بين يديه واستشعار أنك فقير ضعيف محتاج إليه وقد قصرت وأذنبت فما ألذها حينما تعفر جبهتك في الأرض ذلا ًلله متأملاً هذا الحديث
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قالك: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)
صحيح مسلم ج1/ص350برقم(482).
وقد حركت بين جوانحك هذه الآية يقول الله - تعالى - :{يَا أَيٌّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيٌّ الحَمِيدُ} (15) سورة فاطر
7/محاسبة النفس..
يقول الله - تعالى -: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ, وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ} (18) سورة الحشر.
وعن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله قال هذا حديث حسن قال ومعنى قوله من دان نفسه يقول حاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة.
ويروى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا) ويروى عن ميمون بن مهران قال: (لا يكون العبد تقيا حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه)سنن الترمذي ج4/ص638برقم (2459)
8/ الدعاء..
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب الخلق فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم) المستدرك على الصحيحين ج1/ص45برقم(5)
يقول صاحب كتاب فيض القدير:
(إن الإيمان ليخلق أي يكاد أن يبلى في جوف أحدكم أيها المؤمنون كما يخلق الثوب وصفه على طريق الاستعارة شبه الإيمان بالشيء الذي لا يستمر على هيئته والعبد يتكلم بكلمة الإيمان ثم يدنسها بسوء أفعاله فإذا عاد واعتذر فقد جدد ما أخلق وطهر ما دنس فاسألوا الله - تعالى - أن يجدد الإيمان في قلوبكم حتى لا يكون لقلوبكم وجهة لغيره ولا رغبة لسواه ولهذا قال معاذ لبعض صحبه إجلس بنا نؤمن أي نذكره ذكرا يملأ قلوبنا وكان الصديق يقول كان كذا لا إله إلا الله فقلت كذا لا إله إلا الله فلا يتكلم بكلمة إلا ختمها به) فيض القدير ج2/ص323
أمثلة في سر الإيمان..
1/ مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وكيف ترك جميع ملاذ الدنيا لما أمن بالله.
2/ صهيب بن سنان - رضي الله عنه - لما ترك ماله وهاجر إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
3/سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لما قال لأمه لو كان لك مائة نفس وخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد