بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الإخوة والأخوات:
إن نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر في السبعة الذين يُظلٌّهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ((ورجل قلبه معلق بالمساجد)) فهناك علاقة إسلامية قوية بين القلب والمسجد، ((في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة...))الآية هذه البقاع الأرضية التي تُنظِّرها الأنوار السماوية، وترفٌّ عليها الملائكة بأجنحتها، هذه أفضل البقاع عند الله، أماكن المنافسة في الخيرات، أماكن اجتماع المؤمنين، وأداء العبادات، ونزول الملائكة والرحمات، هذه الأماكن التي تُغسل فيها القلوب، وينجلي صدؤُها، هذه الأماكن التي يجتمع المؤمنون فيها معاً، طاعة لله - عز وجل -، والرؤوس تتساوى مع الأجساد القائمة لله - تعالى -ركوعاً وسجوداً وقياماً وخضوعاً.
هذه المساجد التي كان الصالحون يؤدبون أولادهم في حضورها، كان صالح بن كيسان - رحمه الله - يؤدب ولد أمير المؤمنين ويتعاهده في صلاة الجماعة، فأبطأ الولد يوماً عن الصلاة، فقال له: ما حبَسك؟ هذه المحاسبة وليس الإهمال والتفريط، وليس الذين يضيعون محاسبة الأولاد حتى عن الوقت كله وليس فقط عن صلاة الجماعة في المسجد، قال: ما حَبَسك؟ قال: كانت مُرجِّلتي تُسكّن شعري، قال: بلغ من تسكين شعرك أن تُؤثره على الصلاة! فأخبر أباه ولم يزل يُكلِّمه حتى حلق شعره، تأديباً له على تفويته لصلاة الجماعة من أجل ترجيل شعره.
فكيف بمن يرى أبناءه يتخلفون عن صلاة الجماعة أو لا يحضرونها وهم منشغلون بمتابعة القنوات الفضائية أو مشتغلون بملهيات أخرى ثم لا يكلمهم أو يؤدبهم؟ إنه بحقّ قد ضيّع الأمانة.
ولقد كان بعض السلف يسجد سجدة بعد المغرب في صلاة نافلة فلا يرفع منها إلا عند أذان العشاء، كما حصل ذلك لسفيان الثوري - رحمه الله -، وانظر لحماد بن سلمة فقد مات وهو في صلاة في المسجد، وهكذا أبو عبدالرحمن السلمي - رحمه الله -، وهكذا كان عُباد السلف يصبرون على العبادة، بأتون إلى المسجد في كل وقت وحين ولا يمكن أن يُضحٌّوا بخمس وعشرين درجة، وإذا كان اشتياق الإنسان إلى المسجد عظيماً دلّ ذلك على شدة الإيمان في القلب.
فعلينا أن نقتدي بهؤلاء الصالحين حتى نلحق بهم في الجنة بإذن الله - تعالى -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد