بسم الله الرحمن الرحيم
تلاشت من قواميس النظام والترتيب كل كلمة أعرفها في هذه اللحظة
وخلد على القلب شعور بالدوامة التي تحيط بي
كل ما في الغرفة حولي يدل على أن رياحا خريفية اقتلعت الأوراق الموجودة ونثرتها في حيزها، فقد تبعثرت أوراقي عند الأقدام وعلى رؤوس الكتب وفوق الطاولة وبين المقاعد...أشلاء من كتب قديمة وقصاصات من كراسات لم تمر يوما في طور ترتيب
كلها بلا استثناء
كانت تحاكي رحلة فوضى عشتها، وقف القلب لمرأى الأعزة المتناثرين وأحسست أنهم يلوموني بكلام رقيق أرهفت له اللحاظ فتعالى وجيب القلب ليزيد من مساحة الارتباك في كياني.
فالكل في لحظة واحدة يريد أن أنجز له عمله
ولم يشفق علي سوى قلمي الذي انكسر فارتعش خوفا من أن ألقيه خارج أناملي، ألقيته مع قبلة امتنان أن أراحني
لأعود إلى فوضى أخرى
الكل ينادي
أين الموضوع الفلاني. !!!
لم لم ينجز ذاك الشيء!؟؟؟؟؟
هيا استعدوا فأذان المغرب اقترب و علينا الخروج
الهاتف يدق..
الهواتف ترن.....
جرس الباب؟؟؟
أه طلب جديد..
الهاتف:
من........ ؟
لا بأس آسف على التأخير سأقوم بالمهم
الهاتف من جديد:
عتــاب
لم.. ؟ ولماذا وكيف؟؟
ألم نتفق على اللقيا سامحك الله نسيتيني. !!!!
يا إلهي
صوت السيارة، إنهم ينتظرون المعذرة أعود لك.....
وتبعثرت حتى الاتجاهات، وتذكرت أنني يجب أن أسرع وأحمل معي بطاقة الصراف الآلي لتسديد التزاماتي
أذان المغرب
سأصلي أولا..
لا سأحضر الحقيبة، ثم أصلي وأنطلق سابحة من بين أمواج الفوضى المتراكمة
نثرت محتويات الحقيبة لأبحث عن بطاقة الصراف فهي الأهم
لم أجدها.......
هي أهم شيء الآن،،،،، أين هي؟؟؟؟؟
وعدت إلى هبوب العواصف بين الورق
لا توجد لا.... ليست هنا، ولا هنا
ولا. ولا، ولا،،،،،، يا إلهي لقد اعتمدت عليها، فالناس ينتظرون تسديد التزاماتهم
لا لن أخذلهم
وابتدأت حبات العرق تتساقط من جبيني تحاول أن تنعش خريفا زرع هنا وهناك
ولكن لا محالة فهبوب أنفاسي الجافة كانت تقضي على كل أمل برواء
وانتبهت فجأة على صوت بوق السيارة يحثني على الإسراع
والمغرب آه
صلاة المغرب فها هو النهار يكتب قصة أفوله بأشعة أرجوانية والفكر لم يع ولم يبصر وكدت أن أنسى الصلاة
نفضت حقيبتي فوق أرض ورقية فقد يئست من الحصول على بطاقة الصراف،
وسارعت إلى سجادتي وأخذت أجاهد حتى لا أفكر بالبطاقة... الضائعة
الركعة الأولى كانت جهادا
الثانية ابتدأت دقات القلب تنتظم قليلا قليلا وعمت برودة خفيفة في أطرافي
الثالثة هدأت الفوضى التي كادت أن تحجب عني الرؤيا، وخلق مكانها ضوء له خاصية أغرب من أن أعرف كنهها فقد تنوعت ألوان الضوء حتى لظننت أنني أسبح فيه محمولة على جناحين يشيعاني إلى آفاق ذات نظام، وجدت نفسي بمعانيها هناك ووجدت الحروف والكلمات قد أضاءت لي قلب الحقيقة..... فهدأت ونسيت ما حولي.
وما أن وضعت رأسي للسجود في آخر ركعة إذا بي ألمح شيئا يلمع أمامي،،،، بطاقة الصراف الآلي
نعم كانت قابعة هناك تنظر إلي..
أنهيت الصلاة
ونزل الندى الآن لا من الجبين بل من العين النادمـة..
كم وكم من أشياء تضيع منا ولا نجدها إلا ونحن بين يدي الله
وكم من أشياء
نتوه عنها وتتوه عنا ولا نجدهـا إلا عند السجود لله
مـــا أجحدنــا والمعاني تفيض من وراء الحدود المادية لتخترق بالروح إلى أحلى المعاني وأسماها
إلى القرب من الله
فكل النظام
وكل الإجابات
وكل ما فقد عندك يا خالقــــــــــي
فمتى نستفيد من هذه البطاقة المضيئــــة!!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد