دفع الهم عمن خسر في سوق الأسهم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن الإنسان قد جبل على محبة المال، وشدة طلبه، والمبالغة في تحصيله قال - تعالى -\" وتحبون المال حبا جما\" وقال تعالى\" وانه لحب الخير لشديد\".

وجعلت فتنة هذه الأمة في محبة المال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال \" رواه الترمذي.

 

وكثير من الناس قد وقع في شراك هذه الفتنة فتراه يتهالك في جمعه حتى صار غاية له في دنياه، ولا يتحرج أبداً في طريق كسبه، ولا يتورع في سبيل إنفاقه، ويمنع حق الله فيه، ومن أجله يضحى بأغلى شيء عنده دينه، وخلقه، ومرؤته قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يأتي على الناس زمان لا يبالى المرء بما أخذ المال من الحلال أم من الحرام \" رواه البخاري

 

• أما من أخذ المال بحقه وأدى حق الله فيه وجعله عونا على الطاعة وسلطه على هلكته بالحق وسلك فيه في سبيل الإحسان فلا يؤاخذ على ذلك ولا يلام ولو استكثر منه، ولا ينقص إيمانه بذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" نعم المال الصالح للمرء الصالح\" رواه احمد.

وقد كان أكابر الصحابة وأفاضلهم يتجرون بالمال الكثير ويسافرون في سبيله وإذا كانت الشدائد كانوا هم الرجال أنفقوه وبذلوه في وجوه الخير وسبل الطاعة.

 

• ومن المصائب التي يبتلى بها العبد ذهاب دنياه بأن يخسر ماله كله، أو أكثره، أو يكون غنيا فيفتقر في بيع، أو وشراء، أو استثمار أو، مناقصة، أو مساهمة، ويعظم الأمر جدا إذا كان قد نشأ في سعة من الرزق ورخاء وألف الدنيا فيشق عليه حالة البؤس والتقلل، ويزداد الأمر سوءاً اذا اقترن بذهاب ماله ركوب الدين العظيم، ومطالبة الغرماء وقد عظمت الخسارة وعمت في أيامنا هذه والله المستعان.

ويختلف الناس في مواجهه الخسارة فمنهم من يحزن حزنا شديدا يؤثر ذلك على صحته وربما بلغ به الأمر إلى أن يفعل ما يسخط الله وقد يذهب به الشيطان إلى سوء ظنه بربه، وتلفظه بألفاظ مكفره، ومن الناس من يقابل ذلك بالصبر والرضا وتسليم الأمر لله ويحتسب الأجر على الله، وكلما قوى إيمان العبد وتسليمه بالقضاء والقدر هانت عليه الخسارة وصار الأثر ضعيفاً والعكس بالعكس.

 

• وقد تعوذ النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه الحال فقال \" اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك\" رواه مسلم

• وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - \" اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال \" رواه النسائي وأبو داود.

• وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - \"اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر \" رواه احمد.

• والى كل مبتلى بذهاب ماله أذكره بهذه الأمور التي تهون عليه مصابه وترده إلى رشده

 

أولاً: إن هذه الدنيا حقيرة لا تستحق إن يبذل فيها المهج، والأرواح، ولا أن نحزن على ذهابها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء رواه الترمذي

 

ثانياً: إن من أعظم خصائص هذه الدنيا سرعة تغيرها وانقلابها من حال إلى حال، من حال الغنى إلى الفقر، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الصحة إلى المرض ومن الأمن إلى الخوف، وكم غنى افتقر ثم اغتنى مرة أخرى، فمن عرف صفاتها لم يركن إليها ويطمئن فيها!!

 

ثالثاً: إن هذه الدنيا لا نعيم فيها كامل، ولا سرور دائم، ولا أمن مستمر وإنما خلقت ناقصة منغصة، من بعض الوجوه ولا تكمل لأحد من الخلق فمن بسط له في ماله نقص له في أهله ومن بسط له في ماله وأهله نقص في دينه إلا ما شاء الله..؟؟ فنعيمها كدر... وحلوها مر!!

 

رابعاً: إن الإنسان خلق في الدنيا في مشقة يكابد أهوال الدنيا وأقدارها ولم يخلق لينعم أبداً قال - تعالى -\" لقد خلقنا الإنسان في كبد\" قال الحسن \" يكابد مصائب الدنيا وشدائد الآخرة \" وقال قتادة \" في مشقة فلا تلقاه إلا يكابد أمر الدنيا\"

 

خامساً: أن تعلم أن الله - عز وجل - أخذ منك المال وهذه نعمة ولكنه أعطاك وأعطاك الشيء الكثير والنعم التي لا تحصى،... أعطاك الزوجة والولد،... وأعظم من ذلك الصحة والعافية، بل أعطاك النعمة العظمى الإيمان والهداية فإذا تذكرت نعم الله عليك لم تكترث بزوال نعمة المال.

 

سادساً: إن ما أصابك من هم وحزن على ذهاب مالك مأجور عليه وتكفر به خطاياك \" صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا حزن ولا مرض، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).

 

سابعاً: أن تعلم أن ما وقع بك ربما كان عقوبة عجلها الله لك في الدنيا لكسبك المحرم أو تخوضك في الشبهات، لاسيما مع توسع الناس في سوق الأسهم وكثرة الفتاوى التي تسهل عليهم وترخص لهم.

 

ثامناً: أن توقن أن ما حلّ بك من خسارة ليس نهاية المشوار وخاتمة حياتك بل أحسن الظن بربك وأعظم رجاءك به واعلم أن من أخذ مالك قادر على أن يعطيك المال العظيم والشرع والواقع ملئ بهذا.

 

تاسعاً: أن تعلم أن ما ركبك من الدين ولو كان عظيماً ولست قادراً على وفائه لا تؤاخذ على ذلك شرعاً ولا تأثم به ولو مت قبل سداده بشرط أن تنوى سداده إذا اغتنيت قال رسول الله \" من أخذ أموال الناس يريد سدادها سدد الله عنه، ومن أخذها يريد اتلافها أتلفه الله. \" رواه البخاري.

 

وهذه أسباب نافعة لجلب المال واستعادة الغنى:

(1) الدعاء \" يروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - \" كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم اللهم إني أسألك علماً نافعا ورزقا طيبا وعملاً متقبلاً \" رواه احمد وابن ماجة.

(2) الاستغفار \"ففي الأثر\" من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب \" رواه ابو داود وابن ماجه.

(3) الصدقة: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال الله - عز وجل -: يابن آدم أنفق أنفق عليك \" رواه مسلم.

(4) التقوى: قال - تعالى -\" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب \"

(5) حسن التوكل على الله قال رسول الله لو إنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطاناً\" رواه الترمذي.

(6) صلة الرحم:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه \" رواه البخاري.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply