بسم الله الرحمن الرحيم
للتوبة فضائل جمة، وأسرار بديعة، وفوائد متعددة، وبركات متنوعةº فمن ذلك ما يلي:
1- أن التوبة سبب الفلاح، والفوز بسعادة الدارين: قـال - تعالى - : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيٌّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ) (النور: 31).
قال شيـخ الإسـلام ابن تيمية: (فالقـلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يتلذذ، ولا يسـر، ولا يطـيب، ولا يسكن، ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه، والإنابة إليه).
2- بالتوبة تكفر السيئات:
فإذا تاب العبد توبة نصوحاً كفَّر الله بها جميع ذنوبه وخطاياه.
قال - تعالى -: ((يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبٌّكُم أَن يُكَفِّرَ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيُدخِلَكُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ)) (التحريم: 8).
3- بالتوبة تبدل السيئات حسنات:
فإذا حسنت التوبة بدَّل الله سيئات صاحبها حسنات، قال - تعالى -: ((إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِم حَسَنَاتٍ, وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)) (الفرقان: 70).
وهذا من أعظم البشارة للتائبين إذا اقترن بتوبتهم إيمان وعمل صالح، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
((ما رأيت النبي فَرِحَ بشيء فَرَحَهُ بهذه الآية لما أنزلت، وفرحه بنزول: ((إِنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتحاً مُبِيناً (1) لِيَغفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)) (الفتح: 12). ))
4- التوبة سبب للمتاع الحسن، ونزول الأمطار، وزيادة القوة، والإمداد بالأموال والبنين:
قال - تعالى -: (وَأَن استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعكُم مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ, مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ, فَضلَهُ) (هود: 3).
وقال - تعالى - على لسان هود - عليه السلام -: (وَيَا قَومِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُرسِل السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَاراً وَيَزِدكُم قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُم وَلا تَتَوَلَّوا مُجرِمِينَ) (هود: 52).
وقال على لسان نوح - عليه السلام - : (فَقُلتُ استَغفِرُوا رَبَّكُم إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرسِل السَّمَاءَ عَلَيكُم مِدرَاراً (11) وَيُمدِدكُم بِأَموَالٍ, وَبَنِينَ وَيَجعَل لَكُم جَنَّاتٍ, وَيَجعَل لَكُم أَنهَاراً) (نوح: 1012).
5- أن الله يحب التوبة والتوابين:
فعبودية التوبة من أحب العبوديات إلى الله وأكرمهاº كما أن للتائبين عنـده - عز وجل - محبـة خاصـة، قال - تعالى-:
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبٌّ المُتَطَهِّرِينَ) (البقرة: 222).
6- أن الله يفرح بتوبة التائبين:
فهو - عز وجل - يفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أعظم فرح يُقدَّر كما مثَّله النبي: \"بفرح الواجد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض الدَّويَّة المهلكة بعدما فقدها، وأيس من أسباب الحياة، قال: ((لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع مكاني، فرجع فنام نومًة، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده)) رواه بخاري و مسلم.
ولم يجىء هذا الفرح في شيء من الطاعات سوى التوبة.
ومعلوم أن لهذا الفرح تأثيرًا عظيمًا في حال التائب، وقلبه، ومزيدُ هذا الفرح لا يعبر عنه.
7-التوبة توجب للتائب آثاراً عجيبة من المقامات التي لا تحصل بدون التوبة:
فتوجب له المحبة، والرقة واللطف، وشكر الله، وحمده، والرضا عنهº فرُتِّب له على ذلك أنواع من النعم لا يهتدي العبد لتفاصيلها، بل لا يزال يتقلب في بركاتها وآثارها ما لم ينقضها أو يفسدها.
و من ذلك حصول الذل و الانكسار و الخضوع لله - عز وجل - و هذا حب إلى إلى الله من كثير من الأعمال الظاهرة و إن زدت في القدر و الكمية على عبودية التوبة فالذل و الانكسار روح العبودية و لبها، و لجل هذا كان الله - عز وجل- عند المنكسرة قلوبهم و كان أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد لأنه مقام تذلل و انكسار و لعل هذا هو السر في استجابة دعوة المظلوم و المسافر و الصائم للكسرة في قلب كل واحد منهم، فإن لوعة للمظلوم تحدث عند كسرة في لبه و كذلك المسافر يجد في غربته كسرة في قلبه، و كذلك الصومº فإنه يكسر سورة النفس السبعية الحيوانية.
اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد