بسم الله الرحمن الرحيم
(1) إخواني: الذنوب تغطي على القلوب، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى، و من علم ضرر الذنب استشعر الندم.
(2) يا صاحب الخطايا: أين الدموع الجارية؟ يا أسير المعاصي ابك على الذنوب الماضية، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت، واحسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت، ألست الذي بارزت بالكبائر و ما راقبت؟!
(3) أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره، و كلما قرب من القبور قوي عنده الفتور.
(4) اذكر اسم من إذا أطعته أفادك، و إذا أتيته شاكراً زادك، و إذا خدمته أصلح قلبك وفؤادك..
(5) أيها الغافل: ما عندك خبر منك! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل، و تشبع فتنام، و تغضب فتخاصم، فبم تميزت عن البهائم!
(6) واعجباً لك! لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب، و أنت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب، كيف أعمى بصيرتك مع رؤية بصرك!
(7) يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت! أما علمت أن النار للعصاة خلقت! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها، و الدمعة تطفيها.
(8) سلوا القبور عن سكانها، و استخبروا اللحود عن قطانها، تخبركم بخشونة المضاجع، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع، و المسافر يود لو أنه راجع، فليتعظ الغافل و ليراجع.
(9) يا مُطالباً بأعماله، يا مسئولاً عن أفعاله، يا مكتوباً عليه جميع أقواله، يا مناقشاً على كل أحواله، نسيانك لهذا أمر عجيب!
(10) إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد، وللفهوم كل لحظة زجر جديد، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد، غير أن الغافل يتلوه ولا يستفيد..
(11) كان بشر الحافي طويل السهر يقول: أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم.
(12) من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه، و من تفكر في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب.
(13) عجباً لمؤثر الفانية على الباقية، و لبائع البحر الخضم بساقية، و لمختار دار الكدر على الصافية، و لمقدم حب الأمراض على العافية.
(14) قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من أين أقبلت؟ قال: من طلب الدنيا، فقال: هل أدركتها؟ قال لا، فقال: واعجباً! أنت تطلب شيئاً لم تدركه، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه.
(15) يُجمع الناس كلهم في صعيد، و ينقسمون إلى شقي و سعيد، فقوم قد حلّ بهم الوعيد، و قوم قيامتهم نزهة و عيد، و كل عامل يغترف من مشربه.
(16) كم نظرة تحلو في العاجلة، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة، يا ابن أدم قلبك قلب ضعيف، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف، فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام.
(17) يا طفل الهوى! متى يؤنس منك رشد، عينك مطلقة في الحرام، و لسانك مهمل في الآثام، و جسدك يتعب في كسب الحطام.
(18) أين ندمك على ذنوبك؟ أين حسرتك على عيوبك؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك، و تضيع يومك تضييعك أمسك، لا مع الصادقين لك قدم، و لا مع التائبين لك ندم، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة، و أجريت في السحر دموعاً سائلة.
(19) تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً، و ارع أصلاً أثمر فرعاً، و اذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و أخيرا، فتصدق عنهما إن كانا ميتين، واستغفر لهما و اقض عنهما الدين.
(20) من لك إذا الم الألم، و سكن الصوت و تمكن الندم، ووقع الفوت، و أقبل لأخذ الروح ملك الموت، و نزلت منزلاً ليس بمسكون، فيا أسفاً لك كيف تكون، و أهوال القبر لا تطاق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد