تأملات ونظرات في مشكاة النبوة (2)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \"احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز\"

 

تحديدٌ لهدف المؤمن ووجهته وسيره.. ودفعٌ لهذا السير أن يكون بقوة طارحاً لكل عجز نابذاً لكل مشغل.. دافعاً لكل يأس معتمداً على الله باذلاً كل سبب مشروع مقرّبٌ إلى الله هكذا هو هذا الدين يصوغ نفوس أبنائه بقوة، يجعلهم يعتادون التجلد والصبر كما أنه لا يجعلهم يستقلون بإراداتهم بل يعتمدون على الله في سيرهم فما كان من نجاح وتوفيق نسبوه إلى الله وما كان من تقصير عادوا به على أنفسهم لوماً وعتاباً لتستقيم النفس مرة أخرى وتبدأ خطواً قوياً ضارباً في الأرض بعزم وحرص على الظفر بكل نافع متحصلاً منه أوفر حظّ..

 

والسير إن لم يكن محوطاً برعاية الله وتأييده وعونه فهو سير خاسر يصفق له الشيطان ويعظمه في نفوس أصحابه حتى يظنون أن ما حصلوه هو بأكسابهم وليس لله فضل ٌ عليهم فيعيدون سنة مضت بنفس متكبر قالها كلمة فهو في الأرض السابعة تتجلجل به إلى يوم القيامة \"~إنما أوتيته على علم عندي\"

فالله هو المتفضل أولاُ وآخرا.. وما بالعبد من نعمة دقت أوجلت فهي من فضله وإنعامه.

 

والعجز إذا عبثت آفته بالبناء قوضت أركانه.. وهدت بنيانه.. كالحمى حين تنتشر في كل عرق نابض نشعر بها لكن لا ندرك كنه سيرها واختراقها لكننا نرى آثاره..

وهكذا العجز.. مرض نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نستسلم له لأنه داء إذا سيطر على النفس المؤمنة أهلكها.. وزهدها في العمل وأقعدها عن المنافسة فيه وساق لها المثبطات والمحبطات الكفيلة بتحقيق تلك الغاية وتأييد ذلك الوارد.

 

وأنت يا عبد الله.. هكذا فليكن سيرك حريص ٌ على كل نافع مبادرٌ له مستغرقٌ عمرك في تحصيله وكسبه، ولا نافع إلا ما يوصلك إلى الآخرة..

كما أنك لا تنفرد بسير لوحدك حتى تتعلق حبال رجاؤك بمولاك مستمداً منه كل عون سائلاً إياه كل توفيق مستعيذاً به من بنيات الطريق.. وشرور قطاعه.. ولا تترك لليأس مكاناً ولا للعجز سلطاناً أن يقطع بك عن سير ولا تشرع له أبوابك..لأنك تعلم أن من سار في ركب السائرين إلى الله ليس العجز لهم بصاحب ولا رفيق معين..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply