حقيبة سفر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من منا لا يفرح برحلة سياحية يتعرف فيها على الجديد والغريب..

ومن هو الذي يتوانى عن الإعداد والتحضير لسفر ممتع سيقابل فيه الأهل والأحباب..

لا اعتقد أن فكرة السفر ليست بالمغرية لدينا..

أو على الأقل عند أكثرنا..

عندما بدأت بتحضير حقائب سفرها لقضاء العيد بين الأهل والأقارب، أخذت تعد كل شيء خوفا من نسيان الحاجات الضرورية فتحول دون استمتاعها بالسفر..

بدأت بتدوين هذه الأشياء فلم تغفل منها شيئاً..

ثم دونت الكماليات وأدوات الزينة التي قد تحتاج إليها..

بعد التدوين.. بدأت بجمع الأغراض وهي تكاد تطير من الفرح.. تعد حاجياتها والشوق يسبقها للقاء الأهل والأحباب..

وفجأة

توقفت لدقائق وتأملت في حالها كانت حريصة على جمع كل ما تحتاج ولم تغفل شيئاً..

 حتى الأشياء التي قد لا تستخدمها حرصت أن تكون معها..

في هذا اللحظة قفز إلى ذهنها المشغول بالاستعداد سؤال أثار الكثير داخلها..

سؤال كان هو البداية لطريق السعادة..

ألهذا الحد تهتم بهذه الرحلة العابرة..

وماذ عن السفر الأخير؟؟؟؟؟

هل حرصت عليه كحرصها على هذا السفر؟

أسقط في يدها لأنها لم تستطع الإجابة..

 

يا إلهي..

سفري بعيد وزادي لن يبلغني

وقوتي ضعفت والموت يطلبني

ولي بقايا ذنوب لست أعلمها

الله يعلمها في السر والعلن

فكرت في حالها هل أعدت لرحلتها إلى الدار الآخرة كما أعدت الآن لرحلتها العابرة؟

هل اهتمت بالواجبات فضلاً عن تجميل أعمالها بالنوافل وفضائل الأعمال؟؟

هل خططت لسيرها إلى الله بعلم وهدى وبصيرة.. كما هي تخطط الآن لهذا السفر..

علمت حينها أن حقيبتها للسفر الأخير لم تهيأ بعد، اقشعر بدنها، وخارت قواها وتوقفت عن إكمال إعدادها للسفر..

ركضت فحملت مصحفها ووقفت بين يدي خالقها..

تناجيه.. تدعوه.. ترجوه بأن يقبل توبتها.. وأن يغفر زلتها..

دعت الله بأن يعينها في مسيرها إليه.. دعته بأن ينتزع حب الدنيا من قلبها.. وأن يغرس حبه وحب عبادته داخل فؤادها..

 

في تلك الليلة نسيت السفر والأحباب..

نسيت الإعداد للدار الفانية وبدأت بالعمل للدار الباقية..

وما زالت تذكر هذه الليلة بل وتحبها.. واستمرت تحب السفر والتجوال كما كانت من قبل ولكن لأمر مختلف تماماً فهي تحبه لأنه يذكرها بمسيرها إلى الله وبزادها الحقيقي التي تسعى لجمعه من أجل رضى ربها وكثيراً ما تردد: ((عش في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply