بسم الله الرحمن الرحيم
إن الشباب هم رجال الغد وثروة الأمة، وإذا أردنا أن يكون شبابنا متعلماً فاهماً علينا أن نربيهم على نمط تربية إيمانية تؤهلهم لتنظيم علاقاتهم مع أنفسهم ومع غيرهم وتحديد مسؤوليتهم داخل هذا الكون الفسيح.. هذه التربية الإيمانية تحتاج إلى حصانة متينة تتجلى في التنسيق بين الأسرة والمدرسة والمجتمع.. ويمكن أن نحدد ثمار هذه التربية في ثلاثة محاور:
1- التقوى التي تجعل الشباب لا ينبهر أمام التحديات المعاصرة ويصبح المقياس السائد لتحديد الهوية هو تقوى الله والعمل الصالح.
2- الجدية في العمل الذي يربيه على عنصر الإتقان على جميع الأصعدة، وهذا يساهم في التنمية العامة.
3- حمل الحب والخير لكل الناس، والاهتمام بالعلم.. قال - صلى الله عليه وسلم -: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع), وقال كذلك: (أفضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علماً ثم يعلمه أخاه المسلم).
ربط العلم بالعمل.. يقول أبو حامد العزالي: أيها الولد لو قرأت العلم مائة سنة وجمعت ألف كتاب لا تكون مستعدا لرحمة الله - تعالى - بالعمل قال - تعالى -: (وَأَن لَّيسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) (39 (سورة النجم). ثم يقول: العلم بلا عمل جنون والعمل بغير علم لا يكون، بل ربط العلم بالسلوك. يقول الشافعي:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي * * * فأرشدني إلى ترك المعاصي
وعرفني بأن العلم نور * * * ونور الله لا يهدى لعاصي
قال أبو عبد الله بن جماعة: (من أداب المتعلم أن يطهر قلبه من كل غش ودنس وغل وحسد وسوء عقيدة وخلق، يصلح بذلك لقبول العلم وحفظة، فإن العلم كما قال بعضهم (عبادة القلب) يربيهم على حب القرآن لما له من تأثير بليغ في العملية التربوية والتعليمية.
ويجب إقناع الشباب بالتوسط في الملبس والمطعم لأن الميوعة فيهما الفقدان لمساعدة المحتاجين وصدق الشاعر عندما قال:
ويح الشباب من النعومة إنها * * * أعراض سم للشعوب وشيك
ما أتعس الزمن الجديد بفتيه * * * قتلوه في التصفيف والتدليك
وكذلك تربية الشباب على احترام الوالدين وحسن الأدب مع الزملاء وتزويد الفتيات بخلق الحياء والحشمة والتستر باللباس الشرعي.
مع تشجيع الشباب على الزواج بعد توفير فرص العمل التي تضمن الباءة المادية المكملة للباءة المعنوية الناتجة عن التربية الإيمانية، وهنا لا بد من اختيار الزوج الصالح والزوجة المؤمنة. قال - صلى الله عليه وسلم -: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. وقال كذلك: (إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ألا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). وتبقى الأسرة الخلية المقدسة التي ننشدها كوسيلة لامتداد العنصر البشري وتلقينه القيم الراشدة وحماية المجتمعات من الهزات الاجتماعية (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
وأخيراً إننا بهذه التربية الشريفة سنحصل على شباب مؤمن يمثل خير خلف لخير سلف، غير متأثر بالمدنية المزيفة، محتفظ برجولته غير متشبه بالنساء متبادل الآراء مع الشيوخ فيما يعود بالخير والمسرات، محترم للكبير رحيم للصغير عارف ما له من حقوق وما عليه من واجبات..وسنجد في نفس الوقت نساء متفقهات في دينهن غير متبرجات تبرج الجاهلية الأولى مساهمات في البناء الحضاري الشامل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد