بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمرَّنا بذِّكره وشُكره وحسن عبادته، والصلاة والسلام على خير من ذكر ربه في السر والعلن، وعلى آله الأخيار، وأصحابه الأبرار، وبعدº
فمن المعلوم أن لذكر الله - سبحانه وتعالى - تأثير عظيم في حياة المسلم الدنيوية الأخروية، فبذكره - جل وعلا - تطمئن القلوب، وتُحط الخطايا والذنوب، وتزول قسوة القلب، ويُحصِّن الله الذاكر من الشيطان وجنده، وما شرعت الأعمال إلا لإقامة ذكر الله - تعالى - سبحانه -، فهو خير الأعمال، وأزكاها عند الله - سبحانه -، وأرفعها درجة، وخيرٌ للعبد من إنفاق الذهب والفضة والجهاد في سبيل الله كما ورد في الحديث، وقد أمر الله بكثرة الذكر فقال - سبحانه وتعالى -: {وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} (سورة الجمعة: من الآية 10).
وثبت عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" مثلُ الذي يُذكرُ الله ربه و الذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت \" (رواه البخاري، الحديث رقم 6407، ص 1112).
وقد ذكر الإمام ابن القيم في كتابه (الوابل الصيب من الكليم الطيب) مائة فائدة لذكر الله - جل وعلا -، وما ذلك إلا لعظيم شأنه، ورفيع منزلته، وأهميته البالغة في حياة المسلم.
كما جاءت العديد من الآيات والأحاديث مرغبةً في ملازمة الذكر والمحافظة عليه في كل وقت وحين لاسيما بعد أداء الصلوات المكتوبة فعن ابن عباس (- رضي الله عنهما -) \" أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال ابن عباسٍ,: كُنت أعلم إذا انصرفوا، بذلك إذا سمعته \" (رواه مسلم، الحديث رقم 1318، ص 236).
ألا أن مما يؤسفُ له أن كثيراًً من الناس يغفلون أو يتغافلون عن هذا الفضل العظيم، ويفرِّطون فيه حينما لا يهتمون به ولا يعطونه بعض وقتهمº فما أن تنتهي الصلاة حتى تراهم يتقافزون من أماكنهم في صفوف المصلين متوجهين إلى خارج المسجد، وكأنهم لم يعلموا ولم يسمعوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: \" خصلتان - أو خَلتان - لا يُحافظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنة، هما يسيرٌ، ومن يعمل بهما قليل: يُسبح في دُبُر كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويُكبِّر عشراً، فذلك خمسون ومئةٌ باللسان، وألفٌ وخمس مئةٍ, في الميزان \" (رواه أبو داوود، الحديث رقم 5056، ص 758).
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديثٍ, آخر: \" معقبات لا يخيبُ قائلُهن، أو فاعلهُنَّ دبر كل صلاةٍ, مكتوبةٍ,، ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وأربعاً وثلاثين تكبيرة \" (رواه مسلم، الحديث رقم 1349، ص 242).
وليس هذا فحسب فإن ذكر الله غير محصور في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبيرº وإنما له العديد من الكيفيات والصيغ المختلفة التي بيّنتها الأحاديث النبوية الصحيحة، وهناك قراءة بعض السور والآيات القرآنية الكريمة، كما أن هناك الأدعية الثابتة عن معلم الناس الخير - صلى الله عليه وسلم - سواءً بعد كل فريضةٍ,، أو بعد بعض الفرائض.
فيا أخوة الإيمان، أين نحن من هذا الفضل العظيم والخير العميم؟!
وأين نحن من هذه السنن النبوية المباركة؟
ولماذا يبخل البعض على أنفسهم بعد كل صلاة مكتوبة بدقائق معدودة يذكرون الله - سبحانه - فيها فيفوزون بالأجر والثواب وحسن المآب؟!
وفقنا الله وإياكم إلى ذكره وشكره وحسن عبادته، وصلى الله على محمد، وسلم تسليماً كثيراً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد