الإفلاس الحقيقي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ظهرت مصطلحات حديثة تدل على وصف الحال المالي للشخص كمفلس ومعسر وهذه وتلك أجاب بها الصحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث سألهم كما في صحيح مسلم: (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار).

فهذا الحديث مع ما فيه من كلمات قليلة إلا أنه يدل على معاني عديدة ومفيدة بدأها النبي - صلى الله عليه وسلم - باستفهام لتنبيه الصحابة لما يلقي إليهم لأن التنبيه تارة يكون بالقول وتارة يكون بالفعل، كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: (أخذ النبي بمنكبي) ففيه شد لانتباه ابن عمر لما يلقي إليه فتعريف المفلس الدنيوي هو الذي لا يملك من أمور الدنيا شيئا فهو عديم المال والمتاع وكانت هذه هي إجابة الصحابة! - رضي الله عنهم -. والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان سؤاله أبعد عن النظرة المالية.

لأن المفلس في الدنيا قد يزول إفلاسه كما ذكر الإمام النووي - رحمه الله - بموت المفلس وربما بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته م ج16 ص105. اه.

فيوسف - عليه السلام - مكث في السجن بضع سنين ثم بعد توفيق الله وتفسيره لرؤيا الملك قال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي} [يوسف: 54].

ويتطور الأمر ويرى يوسف - عليه السلام - ما آلت إليه الأمور المالية من فساد فيقول: (أجعلني على خزائن الأرض).

فأمور الدنيا في تبدل وتغير من غنى وفقر وعز وذل.

ولكن مقصود الرسول - عليه الصلاة والسلام - أسمى حين أبان للصحابة - رضي الله عنهم - تعريف الإفلاس.

(إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وفي رواية (يأتي بحسنات مثل الجبال) ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا).

يأتي الرجل المفلس وقد تعب في جمع الأعمال الصالحة سنين عديدة طوال حياته من صلاة وصيام وزكاة وإذا كان يوم القيامة شاهدها وهو في أمس الحاجة إليها تؤخذ منه إلى فلان وإلى فلان، حيث يحكم الله بحكم العادل النافذ بين الخلائق يوم القيامة في كل صغيرة وكبيرة لذا على المسلم أن يحفظ جوارحه عن التعدي على حق الله أو عباده، فالمفلس من تأتيه مواسم الخير من شهر رمضان وأيام الحج ثم يخرج منها كما دخل فلا توبة ولا رجعة ولا استمرار في العمل الصالح حتى الممات.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply