الكلام الأخاذ ليحيى بن معاذ ( 3 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

41- الناس ثلاثة: فرجل شغله معاده عن معاشه فتلك درجه الصالحين، ورجل شغله معاشه لمعاده فتلك درجة الفائزين، ورجل شغله معاشه عن معاده فتلك درجة الهالكين.

42- لا تسكن إلى نفسك وإن دعتك إلى الرغائب.

43- الدنيا بحر التلف والنجاة منها الزهد فيها.

44- يا جهول يا غفول، لو سمعت صرير القلم حين يجري في اللوح المحفوظ بذكرك لَمت طرباً.

45- استشعرت الفقر فاتهمتَه، ووثقتَ بعبد مثلك فقير فائتمنتَه، ثم صرخ وقال: واسوءتاه منك إذا شاهدتني وهمتي تسبق إلى سواك، أم كيف لا أضنى في طلب رضاك. قلب المحب يهم بالطيران، وتَكمُله لدغات الشوق والخفقان..إلهي، إن كانت ذنوب عظمت في جنب نهيك فإنها قد صغرت في جنب عفوك..إلهي، لا أقول لا أعود لما أعرف من خلقي وضعفي.. إلهي إنك إن أحببتني غفرت سيئاتي، وإن مقتني لم تقبل حسناتي ثم قال: أواه قبل استحقاق قول أواه.

46- لو سمع الخلق صوت النياحة على الدنيا في الغيب من ألسنة الفناء لتساقطت القلوب منهم حزناً، ولو سمعت الخليقة دمدمة النار على الخليفة لتصدعت القلوب فرقاً.

47- لا تجعل الزهد حرفتك لتكتسب بها الدنيا، ولكن اجعلها عبادتك لتنال بها الآخرة، وإذا شكرك أبناء الدنيا ومدحوك فاصرف أمرهم على الخرافات. ترى الخلق متعلقين بالأسباب، والعارف متعلق بولي الأسباب، إنما حديثه عن عظمة الله وقدرته وكرمه ورحمته، يحترف بهذا دهره ويدخل به قبره.

48- من كانت الحياة قيده كان طلاقه منها موته.

49- الدنيا لا قدر لها عند ربها وهي له، فما ينبغي أن يكون قدرها عندك وليست لك.

50- وسئل عن الوسوسة فقال: إن كانت الدنيا سجنك كان جسدك لها سجناً، وإن أنت الدنيا روضتك كان جسدك لها بستاناً.

51- وقيل له: كيف يتعبد الرجل من غير بضاعة تعينه على العبادة؟ قال: أولئك بضاعتهم مولاهم، وزادهم تقواهم، وشغلهم ذكراهم، ومن اهتم بعشائه لم يتهن بغدائه

52- من أراد تسكين قلبه بشيء دون مولاه لم يزد استكثاره من ذلك إلا اضطراباً

53- لو لم يكن للعارفين إلا هاتان النعمتان لكفاهم مِنة: متى رجعوا إليه وجدوه، ومتى ما شاءوا ذكروه.

54- من صفة العارف جسم ناعم، وقلب هائم، وشوق دائم، وذكر لازم.

55- عبادة المعارف في ثلاثة أشياء: معاشرة الخلق بالجميل، إدامة الذكر للجليل، وصحة جسمٍ, بين جنبيه قلب عليل.

56- سبحان من طيب الدنيا للعارفين بمعرفته، وسبحان من طيب لهم الآخرة بمغفرته، فتلذذوا أيام الحياة بالذكر في مجالس معرفته، وغداً يتذللون في رياض القدس بشراب مغفرته، فلهم الدنيا زرعُ ذِكِر، ولهم في الآخرة ربيع بِر، ساروا على المطايا من شكره حتى وصلوا إلى العطايا من ذُخرِه، فإنه ملك كريم.

57- العارف قد يشتغل بربه عن مفاخرة الأشكال ومجالس العطايا، وعن منازعة الأضداد في مجالس البلايا.

58- أوثق الرجاء رجاء العبد ربه، وأصدق الظنون حسن الظن بالله.

59- طوبى لعبد أصبحت العبادة حرفته، والفقر مُنيته، والعزلة شهوته، والآخرة هِمته، وطلب العيش بُلغَتُه، وجعل الموت فكرته، وشغل بالزهد نيته، وأمات بالذل عزته، وجعل إلى الرب حاجته، يذكر في الخلوات خطيئته، وأرسل على الوجنة عبرته، وشكا إلى الله غربته، وسأله بالتوبة رحمته. طوبى لمن كان ذلك صفته، وعلى الذنوب ندامته. جأر الليل والنهار، وبكاء إلى الله بالأسحار، يناجي الرحمن، ويطلب الجنان، ويخاف النيران.

60- الكيس من فيه ثلاث خصال: من بادر بعلمه وتسوف بأمله، واستعد لأجله. 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply