حجتان اثنتان !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نعم حجتان كريمتان على الزمان والأيام نعِمَت بها الإنسانية على مرّ العصور، وسعدت بها الحياة على توالي الأحقاب والأجيال والدهور..

 

الأولى: كرّمت الإنسان، فمنحته حق الحياة، ووهبته نعمة العيش، وأعزّت وجودهº فلم تُبح إهداره، ولو كان من أجلّ القربى إلى الله.

 

والثانية: أعطت الإنسان الحرية، وشرعت له كل حقوقه الإنسانية المشروعة التي لم ينعم بها - من قبل - في يوم من الأيام.

 

الحجة الأولى: هي حجة إبراهيم الخليل - عليه السلام - إلى البيت الحرام الذي بناه هو وابنه إسماعيل.

وفي هذه الحجة، أمر الله نبيه إبراهيم في المنام بذبح ابنه إسماعيل:

قرباناً لله - عز وجل -!.. فأخذه ليذبحه!.. ففداه الله بذبح عظيم!

ومن يومئذ، حُرِّم على البشر جميعاً ذبح الإنسان، لأي سبب من الأسباب المشروعة، ولو كان هذا السبب هو القربى إلى الله - عز وجل -.. ومن يومئذ صار دم الإنسان حراماً، لا يحلّ سفكه، إلا بحق الله - عز وجل -.

وكانت الإنسانية تتقرب - قبل إبراهيم - إلى الله بذبح الأبناء.

فلما همّ إبراهيم أن يفعل ذلك بابنه إسماعيل، وفدى اللهُ إسماعيلَ من الذبح، علِمَ الناس جميعاً أن الفداء يغني عن ذبح الإنسان، وأن ذبح الإنسان للقربى إلى الله بسفك دمه لا يحلّ بأمر الله - عز وجل -.

 

والحجة الثانية: هي حجة الوداع التي حجّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في العام العاشر للهجرةº أي منذ ستة عشر وأربعمائة بعد الألف عام.

وفيها خطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطبته المشهورة التي تعد بمثابة ميثاق عالمي بحقوق الإنسان، وهو أقدم المواثيق العالمية بحقوق الإنسان وأعظمها وأكثرها توكيداً لحرمة الدماء والأموال.. والأعراض، وفيه تحريم الربا والظلم والعدوان، وفيه تبيين لمسؤولية المرأة وحقوقها وواجباتها في الإسلام، وغير ذلك من الحقوق التي بيّنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الوداع.

« أيها الناس: ألا فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقونه.. ألا هل بلّغت! اللهم فاشهد.. » « اتقوا الله في النساء.. إن لهن عليكم حقاً ولكم عليهن حق.. »

ميثاق جليل سبق كل المواثيق العالمية، وأعلن حقوق الإنسان وحماها من حيث لم يستطع أي ميثاق عالمي آخر أن يحمي هذه الحقوق من عبث العابثين، وعدوان المعتدين.

 

حجتان اثنتان! كريمتان على الله في الدنيا والآخرة.. ولهما أثرهما على الحياة والإنسانية.. وأي أثر؟!

بهما تقدّمت الحياة، وازدهرت الحضارة، وأشرقت على الأرض أضواء الأمان والحرية والمساواة والإخاء والسلام..

وعاش الإنسان في ظل هذه المبادئ الكريمة على الله والناس سيداً حرّاً أبيّاً عزيزاً، مرعي الجانب، واضح الكرامة، محمي الحقوق، مصان العرض والدم والمال..

ومضت الإنسانية بتلك الحجتين وبعدهما في طريق النصر والنهضة والعلم والتقدّم والازدهار.. طريق الإيمان والاطمئنان، واليقين والرفاهية.

 

اللهم لك الحمد في الآخرة.. اللهم اجعل حجتنا الثالثة - وهي قادمة إن شاء الله - حجة نصر وخير وظفر.. واكتب لنا فيها النصر على الأعداء، يا رب العالمينº لتعود إلى المسلمين أولى القبلتين، وثالث الحرمين.. يا رب العالمين.. يا الله

وصلى الله على محمدٍ, وعلى آله وصحبه أجمعين..

ومن اتبع خطاه، واهتدى بهداه.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply