مقامات رمضانية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه.

المقامة الأولى:

إذا لوح بيده شهر شعبان، وودعنا في أمان، حيث بقي منه يومان، فإن الصوم فيهما ممنوع، إلا إن وافق ذلك صوم معتاد فإن الصوم عندئذ مشروع. وصوم يوم الشك معصية لأبي القاسم، صل عليه ربنا وسلم. فليحذر المؤمن والمؤمنة، من المخالفات التي تشوش على صفاء الأعمال الصالحة. وليحرصا على التفقه الدائم في دينهما، وبخاصة في المناسبات التي تهمهما، كالصوم والحج وسواهما.

وبالله نستعين على أمور الدنيا والدين، وصلاة وسلام على معاشرا لأنبياء والمرسلين، ومن نهج نهجهم إلى يوم الدين.

 

المقامة الثانية

الصوم جنة، وهو أيضا مدرسة، يتخذه المؤمن والمؤمنة، مرفأ للفقه والتربية. فلا يرفث في أيامه، ولا يجهل على من جهل عليه، ويكون دربة له في مستقبل أيامه، وجميع أوقاته، فالصبر حصنه، والحلم موئله، وهما مرجعه ومأواه عند اشتداد غضبه، وهيجان شهوته. يزن خطابه لمن جهل عليه، يقول: إني امرئ صائم ولا يزيد عليه. يدع طعامه وشرابه، استجابة لخالقه ومولاه. فإخلاصه فيه مضمون لله، لأنه في خلوته لا يطلع عليه غير الله، فالصوم له، وهو يجزي به صاحبه. والحسنة بعشرة أمثالها، ويضاعف لمن يشاء أكثر منها.

فالله كريم، وهو بعباده رحيم.

 

المقامة الثالثة

قول الزور والعمل به، ومنه الغيبة والنميمة، من الأمراض العظيمة. تهدمان الطاعة، وتنغصان السعادة. هما كذئبين، جائعين في وسط غنم لا راعي لها، تصور مدى فتكهما بها. ولا راعي يحفظ الطاعة، سوى تقوى في النفوس نافعة. ومكمن الخطورة فيها، سهولة ممارستها. ومساعدة الجلساء في الغالب عليها، والصوم ينمي في النفس التقوى، ويبعث في أنحائها السلوى. فتصبح للخير مستعدة، وللشر مبتعدة..والورع والزهد من ثمراتها، ونعمة الثمرة ما نتج عنها.إن ذلك توجيه نبينا، - عليه الصلاة والسلام - من ربنا.والذي لا يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. فعلى المؤمن والمؤمنة، أن يستغلا هذه الناحية. ويمتنا التقوى والورع في نفسيهما، ويجعلا من الصوم مادة مستديمة فيهما.

 

المقامة الرابعة

قواعد مهمة

قاعدتا: نحن أمة أمية، وصوموا لرؤيته... ذوا دلالة عظيمة، ولفتة كريمة، من خير البرية. - عليه الصلاة والسلام -، وآله وصحبه الكرام، ومن سار على هديه من الصالحين و المصلحين العظام.

هذه الدلالة الكريمة، تتمثل في ضبط اللوائح والأنظمة النظرية، للتمكن من التطبيقات العملية.

فإن وضوح اللائحة، تعين على تحقيق المطلوبات المحددة، سواء أكانت هدفا أو أسلوبا أو وسيلة.

وقد شرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، بداية ونهاية الصوم للمسلم، بقاعدتين كريمتين، وقانونين عظيمين. يستطاع بهما، البدء والانتهاء بواسطتهما. بدقة متناهية إذا عمل بمقتضاهما، واجتُهد في التحقق منهماº بقوله - صلى الله عليه وسلم -: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، ونحن أمة أمية، الذي يحدد عدة الشهر بتسعة وعشرين، وثلاثين.

هاتان القاعدتان العظيمتان، يصلحان لكل زمان ومكان. ولا تعارض علم الفلك في أي عصر من العصور، أو دهر من الدهور. فإنهما، له كالأصلين لها. والخلاصة أن لهذا التحديد دلالة مهمة، إدارية تنظيمية، وبالتالي دلالة إعجازية، للسنة النبوية.

 

المقامة الخامسة

تسلسل الشياطين المردة، و فتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب الحطمة، غايات تربويه عظيمة، معينات على سلوك السبل المستقيمة، التي توصل إلى السعادة، في الدنيا والآخرة، فالنفوس من أجل تربيتها، محتاجة إلى مرغبات تثار بها، ومطمئنات تشجعها، وهذه الأمور متوفرة لها، في أيام الصوم كلها.

فأبواب الجنة التي تشتاق النفوس إليها وتشرئب نحوها مفتوحة، وأبواب جهنم مغلقة، والشياطين التي تتفرغ لإغواء النفس مسلسلة. فإذا جاء رمضان كما جاء في السنة الصحيحة، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النيران، وسلسلت الشياطين. فالمؤمن والمؤمنة الحصيفان يستغلان شهر رمضان. وعن ساعد الجد يشمران، وعلى الله يتكلان.

والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply