من صفات الموعودين بالجنة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وبعد.

فإنَّ غايةَ ما يرجوه المسلمُ من عبادته لربه سبحانه في هذه الدنيا، هو الفوزُ برضوانه تعالى وجنته، والنجاة من سخطه والنار، ومن علامة توفيقِ الله سبحانه لعبدهِ المؤمن، أن يدلهُ ويوفقهُ لأقرب الطرق وآكدها، لتحصيل هذه الغايةِ العظيمة، ولا شكَّ أنَّ الطريقَ إلى ذلك هو طاعتهُ سبحانه بإخلاصٍ, ومتابعة، وترك معاصيهِ بإخلاصٍ, ومتابعةº هذا على وجهِ الإجمال، أمَّا على وجه التفصيل والمفاضلةِ بين الأعمالِ الصالحةِ وأحبَّها إلى الله عز وجل وأرضاها له، فإنَّ المستقرئُ لكتاب الله عز وجل، وما وردَ فيه من صفاتِ أهل جنته، ورحمته ورضوانه، ليجدُ شيئًا عجيبًا جديرًا بالتأمل والتدبر، ذلك أنَّ جُلَّ ما وردَ من الآيات التي يذكرُ فيها سبحانه ما أعدَّ لأوليائهِ من الجنَّة والرضوان، يسبقها في العادةِ صفات الموعودين بذلك.

وبالتأملِ في أوصافهم تلك، نجدها تنحصرُ في الغالبِ في المجاهدين والمهاجرين، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والصابرين على المحنِ والابتلاءات في طريق الدعوة والجهاد، والآيات في ذلك كثيرة، أذكرُ منها على سبيل المثالِ لا الحصر ما يلي.

الآية الأولى قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرجُونَ رَحمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) (البقرة: 218).

الآية الثانية قوله تعالى: ((أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَسَّتهُمُ البَأسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)) (البقرة: 214).

الآية الثالثة قوله تعالى: ((أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُم وَيَعلَمَ الصَّابِرِينَ)) (آل عمران: 142).

الآية الرابعة قوله تعالى: ((وَلَئِن قُتِلتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَو مُتٌّم لَمَغفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحمَةٌ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ)) (آل عمران: 157).

الآية الخامسة، قوله تعالى: ((وَلا تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَموَاتاً بَل أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ َفرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ وَيَستَبشِرُونَ بِالَّذِينَ لَم يَلحَقُوا بِهِم مِن خَلفِهِم أَلَّا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ يَستَبشِرُونَ بِنِعمَةٍ, مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ, وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجرَ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ استَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرحُ لِلَّذِينَ أَحسَنُوا مِنهُم وَاتَّقَوا أَجرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَاناً وَقَالُوا حَسبُنَا اللَّهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ, مِنَ اللَّهِ وَفَضلٍ, لَم يَمسَسهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضلٍ, عَظِيمٍ,)) (آل عمران: 169 ـ 174).

الآية السادسة قوله تعالى: ((فَاستَجَابَ لَهُم رَبٌّهُم أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ, مِنكُم مِن ذَكَرٍ, أَو أُنثَى بَعضُكُم مِن بَعضٍ, فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخرِجُوا مِن دِيَارِهِم وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنهُم سَيِّئَاتِهِم وَلَأُدخِلَنَّهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ ثَوَاباً مِن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسنُ الثَّوَابِ)) (آل عمران: 195).

الآية السابعة قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ المُؤمِنُونَ حَقّاً لَهُم مَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَرِيمٌ)) (لأنفال: 74)

الآية الثامنة قوله تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَموَالِهِم وَأَنفُسِهِم أَعظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُم رَبٌّهُم بِرَحمَةٍ, مِنهُ وَرِضوَانٍ, وَجَنَّاتٍ, لَهُم فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجرٌ عَظِيمٌ)) (التوبة: 20 ـ 22).

الآية التاسعة قوله تعالى: ((وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعضُهُم أَولِيَاءُ بَعضٍ, يَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَ رحمهم الله إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) (التوبة: 71).

الآية العاشرة قوله تعالى: ((يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَل أَدُلٌّكُم عَلَى تِجَارَةٍ, تُنجِيكُم مِن عَذَابٍ, أَلِيمٍ, تُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَموَالِكُم وَأَنفُسِكُم ذَلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ)) (الصف: 11).

الآية الحادية عشرة قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ اشتَرَى مِنَ المُؤمِنِينَ أَنفُسَهُم وَأَموَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقتُلُونَ وَيُقتَلُونَ وَعداً عَلَيهِ حَقّاً فِي التَّورَاةِ وَالإنجِيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفَى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبشِرُوا بِبَيعِكُمُ الَّذِي بَايَعتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ)) (التوبة: 111).

والآيات في هذا كثيرة، فهل من مُشمرٍ, وبائعٍ, نفسهُ ابتغاءَ مرضاة الله وجنته؟

  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply