وقفة مع النفس


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

أخي الحبيب...أختي الفاضلة:

ومع بداية هذا العام الجديد كان لا بد من وقفة نحاسب فيها أنفسنا على كل لحظة مضت من عمرنا، فقد قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدّمت لغدٍ, واتّقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [الحشر: 18]..

 

وقال عمر - رضي الله عنه -: \"حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتجهزوا للعرض على الله..\" {يومئذ تُعرضون لا تخفى منكم خافية}

 

أخي الحبيب.. قف مع نفسك لتعرف ماذا تريد بل ولتعرف ما الذي يشغلك عن طاعة الله والقُرب منه..

 

إن كان المال هو الذي يشغلك فاعلم أن المال لا ينفعك في قبرك ولا في آخرتك إلا إذا أنفقته في طاعة الله - جل وعلا -.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: «يتبع الميّت ثلاثة: أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله» (متفق عليه).

هذه هي الحقيقة، لا ينفعك إلا عملك الصالح!

 

وإن كان الأولاد هم الذين يشغلونك عن الله فاعلم أن الأولاد نعمة لمن استعملهم في طاعة الله.. ونقمة لمن انشغل بهم عن الله، ولذا قال الله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإنّ الله غفور رحيم، إنّما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجرٌ عظيم} [التغابن: 14، 15]

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ الولد مبخلةٌ مجبنةٌ مجهلةٌ محزنة» (صحيح الجامع: 1990).

 

أما إن استعملت أولادك في طاعة الله وجعلتهم وفقًا لخدمة دين الله فإنهم بذلك يكونون نعمة تنتفع بها في حياتك وبعد موتك.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولدٍ, صالحٍ, يدعو له» (أخرجه مسلم)

وإن كان المنصب والجاه هو الذي يشغلك عن الله، فاعلم أخي الحبيب أن المنصب زائل! ولو دام لغيرك ما وصل إليك!!

 

وإن كانت الدنيا كلها تشغلك عن الله فقد قال خالقها - جل وعلا - عنها: {اعلموا أنّما الحياة الدنيا لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد كمثل غيثٍ, أعجب الكفّار نباتُه ثمّ يهيج فتراه مصفرّاً ثمّ يكون حطامًا وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرةٌ من الله ورضوانٌ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [الحديد: 20]

 

وعن المستورد بن شدّاد - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدُكم أُصبُعه في اليمّ، فلينظر بمَ يرجع» (أخرجه مسلم)

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» (أخرجه مسلم).

 

فيا أيها الأخ الحبيب: اجعل الهموم همّاً واحداً ليكفيك الله هموم الدنيا والآخرة.

 

قال - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما قُدّر له» (صحيح الجامع: 6510).

 

فهيا أيها الأخ الحبيب: تُب إلى الله من كل المعاصي والذنوب واعلم أنك ستنسى كل شقاء بغمسةٍ, واحدة في الجنة كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

فقد قال - صلى الله عليه وسلم - مخبراً عن هذا المشهد العظيم الذي يحدث يوم القيامة..

«يُؤتى بأنعم أهل الأرض من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنّم صبغة.. ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت من خير قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما رأيت من خير قط.

ويُؤتى بأشدّ أهل الأرض بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيُصبغ في الجنة صبغة.. فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت من بؤس قط؟

فيقول: لا والله يا رب، ما مرّ بي من بؤس قط، وما رأيت شدة قط » (أخرجه مسلم).

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply