ساعة..تأتي على الإنسان ساعات في حياته يتقلب فيها بين الخير والشر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يحرص بعض الناس على أن يضع ساعة كبيرة في صدر المنزل يراها كلما غدا أو راح، قد تكون للزينة بشكلها الجميل، وقد تكون مهمة لمعرفة أوقات العمل والدوام.. ومنهم من يراها جزءاً مهماً وضرورياً لإكمال الديكور! فهل تذكرنا تلك الساعة بشيء ما ؟.

إن دقاتها المنتظمة تشبه إلى حد كبير دقات قلوبنا! كما أن هناك ارتباطاً وثيقاً بينهما.. فمع كل حركة عقرب من عقارب الساعة ومع كل دقة قلب ونبضة من نبضاته يهتف بنا الجميع:

دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني

 

ثم إنه قد يأتي على تلك الساعة لحظات تضطرب دقاتها وتحتاج إلى شحن أو بطارية، أو صيانة وإصلاح وإلا تعطلت عن عملها وتوقفت عن مهمتها، كقلوبنا تماماً حين تصدأ ويعلوها الران ولا يجلوها حينئذ إلا ذكر الله - عز وجل - والعودة إليه - سبحانه -.. أول من اخترع الساعة العالم المسلم عباس بن فرناس وسماها الميقاتة، وقد أهدى الخليفة هارون الرشيد سنة 191هـ ساعة إلى أحد ملوك أوروبا وكانت مصنوعة من النحاس الأصفر بمهارة فنية عالية.. كانت الساعة وما زالت أداة تنبيه للمرء للمحافظة على وقته وتنظيم شؤون حياته، فيها يعرف العامل وقت عمله، والطالب وقت دراسته، و بها يحدد الطبيب للمريض موعد تناول دوائه ليحافظ عليه، كما يعرف بها الآن مواقيت الصلاة، ومواعيد السفر، وغير ذلك من حاجات وضرورات لا غنى لنا عن الساعة فيها.. وإذا كان في الساعة ستون دقيقة، وفي الدقيقة ستون ثانية، إلا أن كل ثانية تمر من عمر الإنسان لها قيمتها ولا يستطيع أن ينكر ذلك إلا معاند أو غافل لاهٍ,، وكما قيل: إذا كان من السنّة أن يؤذن في أذن المولود اليمنى وتقام الصلاة في الأذن اليسرى فكأن الشارع الحكيم يقول له: يا بن آدم.. إن عمرك كما بين الأذان والإقامة!

ولذلك يقول ابن القيم - رحمه الله -: السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة.

تأتي على الإنسان ساعات مختلفة في حياته يتقلب فيها بين الخير والشر، والصحة والمرض، والعافية والبلاء، وقد يعايش فيها الضدين في آن واحد، فمن ساعات الفرح والسعادة كالأعياد والمناسبات السارة من نجاح أو زواج أو بشارة بمولود، والتنعم بنعم الله من رزق حسن وصحة بدن وقرة عين بذرية طيبة، إلى ساعات الابتلاء أيَّاً كان نوعه من مرض أو فقد عزيز، أو ضياع مال أو ذهاب منصب، أو أي نوع من أنواع الحرمان، ولا يسع المؤمن إلا أن يكون راضياً شاكراً في حالات الرخاء، وراضيا صابراً محتسباً في حالات البلاء، وبذلك يتحقق إيمانه الذي هو قسمان، شكر وصبر.. وقد وردت كلمة (ساعة) في القرآن الكريم، كما وردت في السنة المطهرة، فتارة تأتي تذكر الإنسان بأجله المحتوم الذي لا يؤخر، كما قال - تعالى -: ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) (34 الأعراف) ... كما يأتي ذكر (الساعة) في القرآن الكريم كاسم من أسماء يوم القيامة، فيقول - سبحانه وتعالى -: ( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى  لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) ( 18- محمد)... وكذلك ذكرت كلمة (ساعة) في مقام الحشر ووقت الحساب، قال - تعالى -: ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم) (يونس: 45).

هيا بنا نؤمن ساعة: لذا فإنه من الواجب على المرء أن يقسم أوقاته إلى ساعات، وأن يجعل لكل ساعة نصيبها من العمل، فساعة لنفسه يصلح من شأنها، وساعة لأهله يقوم بحقوقهم، وساعة لربه يناجيه فيها، وينبغي كذلك ألا يخلط بين وقت الهزل والجد، وإنما لكل ساعة عملها، وإذا أراد أن يروح عن نفسه ففي ديننا فسحة \"ساعة وساعة\"...فالدنيا ساعة... اجعلها طاعة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply