وقال ربكم ادعوني أستجب لكم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله مجيبِ المضطرِّ إذا دعاه، كاشفِ ضرِّ من رجاهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسوله ومصطفاهُ، وعلى آلهِ وصحبه ومن والاهُ.

أمَّا بعدُ:

روى النّعمان بن بشير قال: سمعت النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الدٌّعاءُ هو العبادة)، ثم قرأ: [وَقَالَ رَبٌّكُمُ ادعُونِي أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ] رواه التِّرمذيٌّ وقال: حديث حسن صحيح.

وإنّما كان الدٌّعاء هو العبادةº لدلالته على الإقبال على الله، والافتقار إليه، والإعراض عمَّا سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إيَّاه. لأنَّ العبادة: غاية الحبِّ مع غاية الذّلِّ.

الحمد لله مجيبِ المضطرِّ إذا دعاه، كاشفِ ضرِّ من رجاهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسوله ومصطفاهُ، وعلى آلهِ وصحبه ومن والاهُ.

أمَّا بعدُ:

روى النّعمان بن بشير قال: سمعت النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الدٌّعاءُ هو العبادة)، ثم قرأ: [وَقَالَ رَبٌّكُمُ ادعُونِي أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ] رواه التِّرمذيٌّ وقال: حديث حسن صحيح.

و إنّما كان الدٌّعاء هو العبادةº لدلالته على الإقبال على الله، والافتقار إليه، والإعراض عمَّا سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إيَّاه. لأنَّ العبادة: غاية الحبِّ مع غاية الذّلِّ.

قال ابن كثير في تفسيرهِ (4/109) عند قوله - تعالى -: (وَقَالَ رَبٌّكُمُ ادعُونِي أَستَجِب لَكُم إِنَّ الَّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)

(هذا من فضله- تبارك وتعالى -وكرمه أنه ندب عباده إلى دعائه وتكفَّلَ لهم بالإجابة كما كان سفيان الثَّوري يقول: (يا من أحبّ عباده إليه من سأله فأكثر سؤاله، ويا من أبغض عباده إليه من لم يسأله، وليس أحد كذلك غيرك يا ربّ) رواه ابن أبي حاتم.

وفي هذا المعنى يقول الشاعر:

الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبنيّ آدم حين يسأل يغضب)

وروى عمارة عن ثابت قال: قلت لأنس: يا أبا حمزة أبلغك أن الدعاء نصف العبادة؟ قال: (لا، بل هو العبادة كلها).

ومن تأمَّل حال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أحواله كلِّها بان له قوَّة تعلّقه بالله، وافتقاره إليه، واستغنائه بالله عمّا سواه.

فقلد كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه قال: (باسمِكَ اللَّهُمَ أَحيا وأمُوتُ) وإذَا استَيقَظَ قالَ: (الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي أحيانا بَعدَما أماتَنا وإلَيهِ النشُورُ)

وكان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبَّر ثلاثاً ثم قال: (سُبحانَ الَّذي سَخَّرَ لَنا هَذَا وَما كُنَّا لَهُ مُقرِنينَ وَإِنَّا إلى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ. اللَّهُمَّ إنَّا نَسألُكَ فِي سفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقوَى وَمِن العَمَلِ ما تَرضَى اللَّهُمَّ هَوّ عَلَينا سَفَرَنَا هَذَا وَاطوِ عَنّا بُعدَهُ. اللَّهُمَّ أنتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالخَلِيفَةُ في الأهلِ. اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِن وَعثاءِ السَّفَرِ وكآبَةِ المَنظَرِ وَسُوءِ المُنقَلَبِ في المَالِ والأهلِ)

وكان النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال: (اللَّهُمَّ إني أسألُكَ خَيرَها وَخَيرَ ما فِيها وَخَيرَ ما أُرسِلَت بِهِ وأعُوذُ بِكَ مِن شَرّها وَشَرّ ما فيها وَشَرّ ما أُرسِلَت بِهِ)

وغير ذلك ممّا يدلّ على ثقته - صلى الله عليه وسلم - بربّه، وعظيم توكّله عليه والتجائه إليه.

وقوله - تعالى -: (أَستَجِب لَكُم)

يوضّحه حديث أبي سعيد الخدريّ عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلاّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث: فإمّا أن يعجّل له دعوته، وإمّا أن يؤخّرها له في الآخرة، وإمّا أن يكفّر عنه أو يكف عنه من السوء مثلها)

قال ابن عبد البرّ في التّمهيد (10/297): (وفيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة)

وقوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَستَكبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)

 الطّيبيّ - رحمه الله -: (عبّر عن عدم الافتقار والتذلل بالاستكبار، ووضع عبادتي موضع دعائي وجعل جزاء ذلك الاستكبار الهوان والصغار)

والله أعلم،

وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply